مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان يزور الجمهورية العربية السورية لأول مرة منذ تولّيه سدّة الإفتاء عام 2014
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان يزور الجمهورية العربية السورية لأول مرة منذ تولّيه سدّة الإفتاء عام 2014
دمشق 5 حزيران 2025
زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الجمهورية العربية السورية يوم السبت 5 حزيران، وللمرة الأولى منذ توليه سدّة الإفتاء منذ العام 2014، وعلى رأس وفد لبناني ضمّ مفتي طرابلس الشيخ محمد طارق إمام، رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان الشيخ محمد عساف، أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي، ومفتيين اخرين وشخصيات دينية، حيث التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب.
وناقش الجانبين قضية مزارع شبعا، وأهمية التعاون بين سوريا ولبنان لتحريرها، مع التأكيد على ألا يكون هناك خلاف بين البلدين حولها.
وبحسب ما كشفت مصادر مطلعة فإن الرئيس السوري احمد الشرع، أشار الى أن "سوريا تواصل عملها في سبيل معالجة ملف إطلاق سراح الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، حيث اشار المفتي دريان عن السعي لإقرار عفو عام في لبنان، عن كل الموقوفين ولا سيما الاسلاميين. وتحدث دريان عن الزيارة المرتقبة التي سيجريها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الى لبنان للتعاون في سبيل معالجة كل الملفات.
دريان: سوريا قبلة للعرب
وأمل دريان في حديثه أمام الشرع بأن "تعود سوريا القوية قبلة للعرب، وركنا في النهضة الجديدة"، وقال "السوري لن يغلبه التطرف، ولن يفت من عضده الإرهاب. كنا في لبنان - ونحن مبتلون بالطائفية والعصبيات - نضرب المثل بتماسك الشعب السوري، وأجواء الشام الرحبة، وها أنتم تستعيدون هذا الميراث العريق للمدنية العربية، والحضارة الإسلامية، لتعود سوريا مثلا وقدوة".
وتابع: "في بلدنا لبنان اليوم عهد جديد، وحكومة واعدة، آمال اللبنانيين معلقة على ما احتواه البيان الوزاري، والقسم الرئاسي، اللذان هما بداية الطريق لإعادة بناء الدولة القوية والعادلة، ونهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه، ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه، ولا خلاص له إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي".
وأضاف: "لقد عانينا كما عانيتم، وبخاصة في بيروت وشمالي لبنان، فالأمل فيكم، وأنتم معروفون بالحكمة والصبر والحزم، لما فيه مصلحة سوريا وكل القضايا العربية والإسلامية، والتفهم أن تستجد علاقات بين البلدين الشقيقين من نوع جديد، يقوم على الشراكة والتكامل، وعلى مواجهة الأعباء، وصنع الصداقات معا، وتوطيد العلاقات الأخوية".
وتابع:
"لنا - لبنانيين وعربا آخرين - آمال كبار بالشام. آمال الاستقرار والتنمية، والإعمار والعمران، والإسهام في مستقبل العرب. وآمال الحكم العادل والرحب، وآمال العلاقة الأخوية مع لبنان، بدون حساسيات ولا مشكلات تصنعها في الغالب الأطراف التي لا تريد الخير للبلدين.
الشام مليئة بالرموز التي لا تنسى. استعدنا دمشق التي تربى فيها كبارنا، ويتوق إلى نفحاتها شبابنا. الزمان يتغير، لكن النفوس لا تتغير. لقد ضيعوا علينا الكثير من وهج الشام وعزها".
التعاون بين العلماء
وكان دريان شدد خلال لقائه وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير في دمشق، على "أهمية الدور الإسلامي في لبنان من خلال دار الفتوى بنشر الفكر الإسلامي الوسطي الذي يحترم الآخر، ويقدر الخصوصيات وتعزيز ثقافة المواطنة والعيش المشترك بين شرائح المجتمع، خاصة في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية".
واستهل المفتي دريان زيارته إلى سوريا بأداء الصلاة في المسجد الأموي، حيث أدى صلاة الظهر للمرة الأولى منذ العام 2005 في دمشق. ومن المرتقب أن يلتقي دريان والوفد المرافق الرئيس السوري أحمد الشرع.
كذلك أكّد دريان وأبو الخير خلال اللقاء على "أهمية التشاور والتعاون والتنسيق بين العلماء السوريين واللبنانيين للقيام بدورهم الفاعل في تأصيل الهوية"، وجرى التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية والمصلحة العربية المشتركة. وقدم دريان للوزير أبو الخير شكري درع دار الفتوى عربون محبة وتقدير.
-
وكان المفتي دريان قد كشف سبب زيارته إلى سوريا.. موجهاً رسالة للرئيس نواف سلام، جاء فيها:
أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن “مساجدنا في جميع المناطق هي منارات للإيمان والعلم”، مشدداً على ضرورة الحفاظ على هذا الدور وأن تبقى بعيدة عن التدخلات السياسية. وقال دريان: “أملي كبير أن تبقى المساجد مكاناً للعبادة الخالصة، بعيدة عن أي توجيه سياسي”.
وتابع : “نحن نرغب في أطيب العلاقات مع سورية، وهذا يبنى بين الدول وفق ما يقتضيه الشرع.
ولقد لمست من الرئيس عون محبة كبيرة للبنان وتصميماً على بناء علاقات متينة مع سورية”
كما أشار إلى زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق، قائلاً: “ذهبنا إلى دمشق لأنها بوابة العبور إلى عمقنا العربي، وذهبنا إلى الإدارة الجديدة لنقول لهم: سدد الله خطاكم في خدمة سوريا ونحن في لبنان مع خيارات الشعب السوري”.
وختم دريان بتوجيه رسالة إلى رئيس الحكومة نواف سلام: “مهمة الأمن والسلام بين لبنان وسوريا موكولة إليك، ولبنان عربياً هو هويتنا وانتماءنا، ولا خلاص لنا إلا بوحدتنا الوطنية”.
كلمة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبداللطيف دريان في قصر الشعب، للرئيس السوري احمد الشرع:
"أتينا إلى زيارتكم اليوم يا سيادة الرئيس للتهنئة، بعد طول غياب وغربة. لقد غيّبونا كما غيّبوا وغرّبوا عشرة ملايين من الشعب السوري، وعندما نأتي إليكم اليوم، لكي نتشارك في إصلاح الحاضر، وصنع المستقبل الزاهر".
وأضاف: "سوريا مقبلة على انتخابات حرّة بقيادتكم، افتقدتها لأكثر من ستين عاماً. فأمل الحاضر استعادة معنى الدولة وممارساتها. أما أمل المستقبل القريب، فأن تعود سوريا القوية قبلة للعرب، وركناً في النهضة الجديدة، التي تبزغ أنوارها متغلبة على كل العوائق والعقبات. أرادوا بالمذابح والتهجير كسر إرادة الشعب السوري، فصمدتم، وقاومتم، وانتصرتم بالشجاعة والمسؤولية، وها أنتم تنصرفون لصنع الجديد والمتقدم لدمشق وللشام وللعرب" .
وتابع دريان: "نحن نقدّر إقدامكم على إزالة المشكلات التي تفككونها بالصبر والحكمة، ونحن نعلم أن الطريق شاق وعسير، لكثرة ما زرعوا فيه من ألغام، وما اصطنعوا من سجون قاتمة، وأنتجوا من مخدرات ومقابر جماعية. ثم إن هذا التآمر لم يتوقف بسقوطهم، وأكبر دليل على ذلك، تفجير الكنيسة بدمشق".
وقال: "السوري لن يغلبه التطرّف، ولن يفت من عضده الإرهاب. كنا في لبنان - ونحن مبتلون بالطائفية والعصبيات - نضرب المثل بتماسك الشعب السوري، وأجواء الشام الرحبة، وها أنتم تستعيدون هذا الميراث العريق للمدنية العربية، والحضارة الإسلامية، لتعود سوريا مثلاً وقدوة، وحاضنة وحامية لمعاني النبل والمروءة، والوطنية والخير العام
وأضاف دريان: "رغم كوارث التهجير، فإن السوريين الذين انتشروا في جهات الأرض، صنعوا إضافات في كل البلدان التي حلوا فيها، شواهد على الألفة والإبداع، وصنع البناء الحضري والحضاري، وما دام الاستقرار قد توافر لهم في عهدكم، فنحن واثقون أنهم سيتمكنون في فترة قصيرة، إن شاء الله، من إعادة إعمار بلادهم وإعزازها".
وتوجه إلى الشرع قائلاً: "أتينا إليكم كما يأتي الشقيق إلى شقيقه، فالدم لا يصير ماءً على طول المدة، وقد جاء في الأثر: (زر غباً تزدد حباً). لن نغيب بعد الآن مهما كانت الصعوبات، وسنقصدكم في كل ملمة بل وفرحة، شأن الشقيق مع شقيقه".
وأشار إلى أن "في بلدنا لبنان اليوم عهداً جديداً، وحكومة واعدة، آمال اللبنانيين معلقة على ما احتواه البيان الوزاري، والقسم الرئاسي، اللذان هما بداية الطريق لإعادة بناء الدولة القوية والعادلة، الساعية لخدمة اللبنانيين جميعاً، ونهوض لبنان لا يقوم إلا بجهود خيرة أبنائه المخلصين بجناحيه المقيم والمغترب، ووقوف أشقائه العرب وأصدقائه إلى جانبه، ولا خلاص له إلا بالتعاون الصادق والبناء مع عمقه العربي، الذي هو الضمانة لأمن لبنان واستقراره وسيادته، ووحدته الوطنية، وعروبته الحضارية، المؤمنة التزاماً بوثيقة اتفاق الطائف، الذي رعته المملكة العربية السعودية، وما زالت تواكب لبنان وشعبه ومؤسساته بعناية مخلصة، انطلاقاً من حرصها على كل القضايا العربية والإسلامية العادلة" .
وأضاف دريان: "لقد عانينا كما عانيتم، وخاصة في بيروت وشمال لبنان، فالأمل فيكم، وأنتم معروفون بالحكمة والصبر والحزم، لما فيه مصلحة سوريا وكل القضايا العربية والإسلامية، والتفهم، أن تستجد علاقات بين البلدين الشقيقين من نوع جديد، يقوم على الشراكة والتكامل، وعلى مواجهة الأعباء، وصنع الصداقات معاً، وتوطيد العلاقات الأخوية"، متابعاً: "في هذه الشهور القليلة، استطعتم أن تضعوا سوريا في مواقع من العرب والدوليين، ما عرفتها أبداً في ظل النظام السابق. والشعبان في سوريا ولبنان مبدعان ومسالمان، والأمل أن نستقر معاً، وأن نبني معاً، وأن ننسى معاً آلام الماضي الحافل بالاستيلاء والفزع والتوجس".
وتابع: "لنا - لبنانيين وعرباً آخرين - آمال كبار بالشام. آمال الاستقرار والتنمية، والإعمار والعمران، والإسهام في مستقبل العرب. وآمال الحكم العادل والرحب، وآمال العلاقة الأخوية مع لبنان، بدون حساسيات ولا مشكلات تصنعها في الغالب الأطراف التي لا تريد الخير للبلدين".
وختم دريان قائلاً: "بقيادتكم الشرعية، لن نسمح بأي فوات في الحاضر والمستقبل، نحن نتحدث معكم بالقلب والعقل. دمتم على هذه السيرة والمسيرة. وأنا وزملائي العلماء، نسأل الله سبحانه لسوريا ولكم الأمن والأمان، والتوفيق لأداء الأمانة التي يقتضيها ديننا، وتقتضيها عروبتنا لبلداننا وأمتنا، إنه سميع مجيب" .
-
ومنح المفتي دريان الرئيس السوري أحمد الشرع وسام دار الفتوى المذهّب لمواقفه الإسلامية والعربية ولجهوده وعطاءاته وتضحياته في خدمة سوريا، وللعلم ان المفتي دريان كان قد منح وسام دار الفتوى المذهب الأول لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون في شهر رمضان الفائت.إشارة إلى أن زيارة دريان لدمشق هي الأولى منذ توليه سدّة الإفتاء منذ عام 2014، ومنح وسام دار الفتوى المذهب الأول كان لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون في رمضان، واليوم الوسام الثاني للشرع.