انطلاقاً من وصايا الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين نوجه رسالة الى الرئيس السوري احمد الشرع: لتعاون عربي بنّاء مع السيد السيستاتي والرئيس بري عبوراً لشرق أوسط جديد / كتب وائل بحسون
انطلاقاً من وصايا الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين نوجه رسالة الى الرئيس السوري احمد الشرع: لتعاون عربي بنّاء مع السيد السيستاتي والرئيس بري عبوراً لشرق أوسط جديد
كتب: وائل بحسون
23 حزيران 2025
مبدأ وحدة المسار والمصير السوري اللبناني ليس نهجاً وضعه نظام سياسي بل مصيراً وجودياً وجغرافياً للبنان وسورية اللذان يتشاركان الحدود مع فلسطين المحتلة… وكلا الدولتين العربيتين السياديتين العضوين في الامم المتحدة وجامعة الدول العربية حملا وزر القضية الفلسطينية على مرّ العقود السبع المنصرمة بـ "طلوع الرًوح" كما يقال بالعامية…
ولاسباب عديدة تتعلق بواقعنا العربي فيما مضى، اغتنمت ايران وثورتها الاسلامية الفتيّة آنذاك وأنظمة اقليمية وأخرى بائدة فرصة التقاط القضية الفلسطينية والاستفادة منها لآخر نفس، وانطلاقاً من هذه القضية بإستغلالها لغايات تخدم سياستهم الإقليمية والشخصية والوجودية كما حصل مع آل الاسد في سورية مثلاً، وأجاز لهذه الدول الاقليمية التي لا علاقة لها بالعرب والعروبة ان تتدخل:
دينياً ومذهبياً وثقافياً وسياسيا ووجودياً واقتصاديا في أعماق المجتمعين اللبناني والسوري.
ناهيك عن تغلغلها في دول عربية اخرى لمنافع تصبّ في المصلحة القومية والوجودية لهذه الدول الاقليمية التي لم تسهَل عمل الأجندة العربية، خصوصاً من خلال "مبادرة السلام العربية"، التي طرحها ملك المملكة العربية السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز، في قمة بيروت عام 2002، وتحمل المقترح العربي السعودي لحلً الدولتين، تسويةً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وترجمته على أرض الواقع، والذي يلقى اجماع عربي من المحيط الى الخليج، وقد استتبع بتحالف عالمي عربي واسلامي وشركاء الأوروبيين أطلق من الرياض في سبتمبر2024 ويهدف إلى توفير الدعم السياسي والاقتصادي والمادي اللازم لإقامة الدولة الفلسطينية وضمان أمنها واستقرارها.
فاعتمدت هذه الأنظمة مبدأ قصة حصان طروادة كأسلوب ومنهاج واحد لتحقيق مآربها السياسية التوسّعية بناءً على قضية، نتفق عليها جميعاً:
ان القضية الفلسطينية، هي حق وان الصهيونية تغتصب الارض الفلسطينية وتُبدع بإجرامها…
اذاً،
القضية الفلسطينية هي حصان طروادة وادوات المهمة كانت:
دينية ومذهبية وثقافية وسياسية ووجودية واقتصادية وتغذية النعرات الطائفية في لبنان وسورية والعراق ودول عربية اخرى، لاهداف توسعية واعادة امجاد الفرس عبر اذرع متعددة من الحوثي الى حزب الله وحماس وآخرين بوصولهم الى المياه الدافئة على البحر المتوسط… فاستعملت هذه القضية المحقة لمصالح شخصية تخدم كيانات وانظمة معينة.. وبالأحرى كما قال الامام علي وحذّر من: كلامُ حقٍّ يرادُ به باطل…
من هنا،
نعيد التذكير بالتفرقة المذهبية في دولنا ومجتمعاتنا العربية من جهة، ومن جهة اخرى تثبيت عائلة الاسد لحكم سورية بطشاً واجراماً لما فيه من تسهيل للمخططات التوسعية، ولا بد من سرد واقعة اخبرنا بها صديق سوري من حلب خلال الثورة السورية قائلاً:
-
"يا اخي، بسورية منعرف انه سورية هي عبارة عن سوريين وعلويين بس ما كنا نعرف شيعي وسني ومسيحي.. هلق لعرفت انه صهري شيعي ونحن سنة.. لهذه الدرجة كنا ما منهتم وما بيعنيلنا وما منعرف ولا منحكي بهيك مواضيع قبل التدخلات الايرانية…"
نتابع،
بالإضافة الى تثبيت آل الاسد في سورية بعد رحيل الأسد الأب، ارتفعت محاولات ترويع اللبنانيين والسيطرة على قرار الحرب والسلم واسقاط هيبة الدولة اللبنانية بتسهيل التحايل على الدولة، ونشر سياسة فرّق تسدّ واثارات النزاعات والثقافة الطائفية والفساد والمحسوبيات والإغتيالات، وانطلاقاً من ان السلاح الموجه للعدو الصهيوني سيحمي ايضاً كل من ينفذ اوامر الدول الاقليمية الخارجية في اماكن تواجده..
-
وبذلك خرج لبنان وسورية ودول عربية اخرى من الحضن العربي…
ولكن،
لا ينبغي ان ننسى مش دائماً الحق عل الغريب..
الحق علينا نحن كمان، كل عربي شاهد وسمع واذن للتوغلات الأجنبية في بلاد العرب، ولكل من تقاعس ولم يقف في وجه ما سميّ بالتوغل والتغلغل والانتشار الفارسي في بلادنا العربية انطلاقا من التقاعس والتراجع العربي للاهتمام بقضايانا العربية، هو مقصّر بعروبته..
-
واليوم، نعود الى واقعنا الجديد في ما خصّ وحدة المسار والمصير في مخاض الشرق الأوسط الجديد الذي نعيش احداثه المتسارعة..
-
- ففي سورية: انتصر الثّوار السوريون على حكم آل الأسد، وهروب بشار، وخروج الدول والقوى الاجنبية وثقافاتها وأذرعها من سورية، وقيام سورية الجديدة بقيادة الرئيس الشاب احمد الشرع السياسي العربي القوي وعودة الدول العربية أجمع الى دمشق.
-
-وفي لبنان: انطلق العهد الجديد في الجمهورية اللبنانية بقيادة الرئيس العماد جوزيف عون والرئيس نبيه بري والرئيس نواف سلام الذين يقدمون كل ما بوسعهم لإعادة لبنان على سكّة القطار والرؤى العربية بفطنة وحنكة، وتوزيع ادوار لما فيه المصلحة الوطنية…
فالكل يعلم،
ان اصلاح الوضع والمسار واكتمال الصورة العربية في الشرق الاوسط الجديد مرتبط بإصلاح العلاقات الشّبه مقطوعة ببن لبنان وسورية.
فالعلاقات السورية اللبنانية، هي انعكاس لعلاقات اللبنانيين بعضهم ببعض، فهو تارةً:
-
تخوّف شيعي من السّيطرة السّنية
-
وتارة اخرى تخوّف مسيحي من بقاء النازحين قسراً من سورية الى لبنان والتغير الديمغرافي لاي اشاعة توطين، من جهة..
ومن جهة اخرى والأهم،
للآثار السلبية التي تركها التدخل الفارسي وثقافاته وأذرعه وتأثير النفس الشّيعي السياسي الفارسي على الشّعوب العربية، لا سيما في سورية ولبنان والعراق ودول عربية اخرى…
اين الحل؟
يبدأ الحلّ بعلاقة صحيّة وصحيحة مع الحوزات والمرجعية الشّيعية والعربية السياسية والدينية للمّ الصف العربي خاصة بعد الاصطفافات العمودية المذهبية بسبب الاحداث السورية والتدخلات في شؤون الدول العربية الأخرى واللباس الفارسي الذي غطّى المنطقة بقوّة السلاح… وليبقى في ذهن الجميع ان الغالبية الكبرى لأبناء الطائفة الشيعية يحفظون الخصوصية المذهبية وسيادة الدول العربية والخليجية انطلاقاً من المبدأ الذي أقره أهل البيت هو:
وحدة الأمة، التي تلازم وحدة المصلحة، ووحدة الأمة تقتضي الاندماج وعدم التمايز.
ومن أهم الامثلة على ذلك، ما قاله رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى واحد اهم اعلام الفكر الاسلامي الشيعي اللبناني، العلامة الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه الوصايا:
ان ولاء الشيعة ينبغي ان يكون للدولة التي يعيشون بها"
وهذا قمة الولاء والوفاء لما ارساه علينا ديننا الحنيف
وهذا ما قاله حرفياً:
أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص، وان لا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميزهم عن غيرهم، لأن المبدأ الأساس في الإسلام ـ وهو المبدأ الذي أقره أهل البيت المعصومون عليهم السلام ـ هو وحدة الأمة، التي تلازم وحدة المصلحة، ووحدة الأمة تقتضي الاندماج وعدم التمايز.
وأوصيهم بألاً ينجروا وألاً يندفعوا وراء كل دعوةٍ تريد أن تميزهم تحت أي ستار من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الأقليات.
إن هذه الدعوات كانت ولا تزال شراً مطلقاً، عادت على الشيعة بأسوأ الظروف.
الشيعة يحسنون ظروف حياتهم ومشاركتهم في مجتمعهم عن طريق اندماجهم في الاجتماع الوطني العام، والاجتماع الإسلامي العام، والاجتماع القومي العام، ولا يجوز ولا يصح أن يحاولوا ـ حتى أمام ظلم الأنظمة ـ أن يقوموا بأنفسهم وحدهم بمعزل عن قوى أقوامهم بمشاريع خاصة للتصحيح والتقويم، لأن هذا يعود عليهم بالضرر ولا يعود على المجتمع بأي نفع.
وقد جرت سيرة وسنة أهل البيت (عليهم السلام) على هذا النهج، ووصايا الإمام الباقر والإمام الصادق وغيرهما من الأئمة (عليهم السلام) هي على هذا النهج."
وقال الإمام أن ذلك لا يمكن أن يحصل:
«إذا كنا مصدر خوف للآخرين، لأن الخوف منا لا يجعلنا متناقضين مع الأنظمة، بل يجعلنا، وهذا اسوأ ما يكون، على تناقض مع الشعوب بالذات، تناقض مع شركائنا في الوطن.. أن علينا نحن الشيعة أن نبني حالة إلفة نفسية بين النظام العربي والشيعة، وبين المجتمع غير الشيعي والشيعة، وهذا الأمر يحتاج إلى تواصل، ويحتاج إلى اعتراف متبادل ويحتاج إلى أن لايكون الشيعي مصدراً للخوف بل مركزاً للامان.
ومن جهة اخرى، وبحسب مراجع أئمة أهل البيت في شؤون خطهم السياسي في الأمة، فكان همهم الأول والأعظم دمج الشيعة في الأمة، وليس عزل الشيعة عنها...
ويتابع، الإمام شمس الدين وصيته للشيعة على الدوام، بأن:
«لا ينظروا إلى أنفسهم كفئة متميزة عن سائر شركائهم في الأمة والوطن، وتالياً يجب أن يندمجوا اندماجاً كاملاً في محيطهم الوطني والقومي والإسلامي من خلال الانخراط في أرقى درجات الالتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين، والالتزام بحفظ النظام وطاعة القوانين...(من حديث له في الكويت ــــ 27/1/1994)
ويتابع الامام متوجهاً الى اللبنانيين:
«وكل اللبنانيين سواء أكانوا شيعة أم غير شيعة عليهم أن يلتزموا مشروع الدولة الذي ركب على أساس اتفاق الطائف... وكما قلنا دائماً ونكرر: أن أية طائفة في لبنان لا يمكن أن تنجز مشروعاً خاصاً بها، وأي طائفة تريد أن تنتج مشروعاً خاصاً بها ستخلق حالة دمار شامل ولن ينجح هذا المشروع. فمشروع الدولة يجب أن يقوم على توافق الكل وعلى التعاون... ففي هذه المرحلة منطق أكثرية واقلية بالمعنى الطائفي لا يجوز استخدامه ولا يمكن استخدامه... في لبنان لا بد أن تلحظ دائماً الاكثريات والأقليات بالمعنى غير العددي، أي بالمعنى النوعي...
أن اطروحة دولة إسلامية أو جمهورية إسلامية، من الناحية السياسية والتنظيمية، وفي لبنان مشروع إسلامي بالمعنى التنظيمي لا يمكن أن يكون...
اللبنانيون توافقوا على تكوين مشروع دولة وتنفيذه وفقاً للصيغة الدستورية القائمة فعلاً والتي هي تعبير عن اتفاق الطائف ومن يريد أن يعمل ضمن هذا المشروع فليتفضل سواء أكان «حزب الله» أم أي حزب آخر ديني أو علماني... في لبنان ليس هناك طرح يتناول أصل تكوين الصيغة، فالصيغة هي هذه والذي يريد أن يغنيها والذي يريد أن يرشدها والذي يريد أن يحصّنها، نحن نكون في غاية الشكر والامتنان له...
والسؤال هو: هل نريد لبنان أم لا نريده؟ هل نريد نظاماً جمهورياً ديموقراطياً برلمانياً أم لا؟ نحن قلنا نعم للبنان، وقلنا نعم لنظام جمهوري ديموقراطي برلماني... (من حوار في جريدة «الوطن» الكويتية 15/2/1994).
وقد كتب الإمام منذ زمن طويل كتاباً (لا يزال مخطوطاً ولم يسمح بنشره حتى وفاته) عنوانه «فقه العنف المسلح» توصّل فيه إلى:
أن استخدام العنف المسلح محرّم بجميع المعايير وعمل غير مشروع بجميع المقاييس.
فالامام، درس العنف الذي يمارس بين المسلمين أنفسهم بعنوان: أنه جهاد، وتبيّن أنه ليس جهاداً..
وبعنوان: أنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر فتبيّن أنه ليس أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر..
وبعنوان: أنه قتال بغاة فنتبين أنه ليس قتال بغاة..
وبعنوان: أنه وسيلة لتطبيق الشريعة الإسلامية فتبيّن أنه ليس كذلك...
ودرس الجهاد ضد غير المسلمين فتبيّن له (وهو أمر خالف فيه مشهور ما نقل عن الفقهاء) أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى جهاد دعوة، بمعنى أن الكفر وحده، أو التدين بغير الإسلام، هو سبب مشروع لقتال غير المسلم، وأفتى بأن كل جهاد شرعه الله فإنما هو جهاد دفاع من قبيل المقاومة الواجبة ضد الاحتلال الصهيوني والعدوان الاستعماري...
فكيف الحلّ اذاً؟
1- اولاً: على الرئيس العربي السوري احمد الشرع،
ومن خلفيته الدينية والدعم السياسي الداخلي والدولي الذي يتلقاه ويتأقلم معه ومع الاوضاع السياسية الجديدة والمتغيرة، والذي يعتمد على مبدأ فن السياسة ان لا عدو دائم ولا صديق دائم، اضافةً لتمتعه بصفة مهمّة انه شاب طموح وطني عربي يهدُف لـ:
-
توحيد سورية ووضعها في مصاف الدول المتحضرة..
-
واخراجها من براثن الأسد الهارب..
-
وإعادتها بقوة للحضن العربي..
-
وركوب غرفة قيادة قطار الرؤى العربية ولا سيما تطلعات المملكة العربية السعودية وجهود الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد، بمساندته بكل أمانة وصدق في تحقيق تطلعات العرب ووحدتهم وتطورهم..
-
أن يلعب دور هام ومركزي في الحضن العربي والعروبة والوحدة العربية، ببناء الجسور مع الشركاء العرب في المنطقة لا سيما الشيعة على الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي.. وعلى مبدأ ان "العالِم تأتيه الفتنة، فيخرُج منها بعلْمِه"، بأن:
يلاقي اشقاؤه الشيعة في لبنان بمدّ اليد لعروبة الرئيس نبيه بري في لبنان، ولأفكار العلامة اللبناني الراحل الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين التي ذكرناها اعلاه، والتواصل مع الحوزة الشيعية في النجف الأشرف على الرغم من كل القيل والقال، لا سيما مع المرجع الأشهر السيد علي السيستاني في العراق..
2- ثانياً: لماذا السيد السيستاتي والرئيس بري؟!
-
أـ A: سياسياً، لعروبة الرئيس نبيه بري وعدم مشاركته في الأحداث السورية،
لا بد من الاشارة الى عروبة الرئيس نبيه بري عندما رفض ان تشارك حركة امل، الحزب السياسي العربي الشيعي، او ما يُعرف بحركة المحرومين، ضمن الأجندة الأيرانية، في الاحداث السورية، وما تعرض له الشعب العربي السوري خلال الحقبة الماضية، لعلمه ودرايته بأن ما يجري في سورية هو دخيل على المنطقة العربية ولا يمُت لها وللشعب السوري واللبناني بصلة ولا علاقة للأجندة العربية بها..
ولذلك،
كان الرئيس بري من الشخصيات المكروهة والمهددة بالإغتيال من نظام آل الأسد وبشار شخصياً..
ولأن الرئيس نبيه بري، نعيد ونكرر ما قلته في مقالي السابق (الذي حمل عنوان: في ذكرى اتفاق 17 أيار 1983: الرئيس نبيه بري، لبنان وشيعته في قطار الرؤى العربيةhttps://www.alshiraa.com/posts/fy-thkr-atfak-17-ayar-2025-alryys-nbyh-bry-lbnan-oshyaath-fy-ktar-alro-alaarby-ktb-oayl-bhson-557)
حمى اللبنانيين والأجندة العربية في لبنان على اساس الاجماع اللبناني الوطني وخاصة الشيعي حوله، واستطاع التوصل لاتفاق وقف اطلاق النار في 27نوفمبر2024 وان يبلوّر صورة واضحة ايجابية للمجتمع اللبناني والعربي بان الشيعة اللبنانيين طوّاقون للعودة الى اراضيهم وقراهم ومدنهم بحماية الدولة والجيش اللبناني وانهم يقفون خلف قرارات الدولة، وبذلك وضع اول عامود استقرار واساس للشرق الأوسط الجديد في لبنان..
فالرئيس نبيه بري،
دوره اليوم، صلة وصل مع الشرق الاوسط الجديد نظراً لزعامته وقامته السياسية، كمرجعية، وهو عربي وعروبي ونبيه سلامٍ في قطار الرؤية العربية، لا سيما خلف المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد الامير محمد، ولعلاقاته الأخوية والمتينة مع دولة قطر وأميرها تميم بن حمد آل ثاني، ومع منارة العروبة دولة الكويت الشقيقة، وكافة الدول العربية حمايةً لظهر، وهذا ما يخدم قيام سورية ولبنان على حدٍّ سواء في نظام الشرق الاوسط الجديد القائم على السلام وتقديم رؤى تخدُم تطوّر الانسانية…
وتمكّن الرئيس بري،
من ان يهيئ الارضية لذلك في لبنان، بإنتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وانتشار الجيش اللبناني على مساحة الـ 10452كلم، واعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية، وترطيب الاجواء مع الاخوة العرب وتعبيد طريق عودتهم الى لبنان، واعادة لبنان بمختلف أطيافه عن قناعة وارادة الى برنامج واجندة العرب.
-
ب – B: فقهياً وما يتعلق بمفهوم ولاية الفقيه وسياسة الشيعة: لحيثيّة مرجعية الحوزة الشيعية في النجف وفقه السيد علي السيستاني, القامة الدينية الذي يوصف بانه مُمثِّل التيار المعتدل المُحافظ في الإسلام الشيعي، والذي يتبعه أغلب وأكثريّة شيعة لبنان والمنطقة، وعناصر ومؤيدي وجمهور حركة أمل، لا سيما ان المدرسة الفقهية للنجف، تتصدى لولاية الفقيه بدرجة كبيرة للتي يجسّدها حاليا السيد "علي خامنئي" في إيران، والتي تُعطي رجال الدين سُلطة المركز السياسي وسلطة الحكم والإدارة..
بينما السيد السيستاني، وجّه المرجعية الشيعية في النجف للتحوُّل نحو ما يُمكن تسميته اليوم بـ: وصاية الفقيه غير المباشرة، وأصدر فتاوى تحثّ رجال الدين الشيعة على الانخراط في السياسة من أجل توجيه الشعب العراقي إلى القرارات الصحيحة، مع محافظته بالفصل عن أن يتحوَّل إلى نسخة من المرشد الأعلى الإيراني.
فأصبح من اهم الشخصيات نفوذا في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، وله الدور الاكبر في تشكيل النظام السياسي عقب سقوط الرئيس العراقي "صدام حسين"…
وهنا نتساءل:
- لما لا يكون التعاون معه من قبل القيادات البارزة حالياً، لتشكيل النظام السياسي العربي الجديد في الشرق الاوسط وعلى رأسهم الرئيس السوري احمد الشرع؟
وهذا انطلاقاً ايضاً من ان السيد السيستاني يقول بما نصّه:
- "إن الحكومة إنما تستمد شرعيتها (في غير الأنطمة الاستبدادية وما يُشبهها) من الشعب، وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره، وتتمثل إرادة الشعب في نتيجة الاقتراع السّري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة"
ونكرر ان هذا الرأي للسيد السيستاني هو لبّ وجوهر الصّراع السياسي والفكري بين التوجه الفقهي المؤمن:
- بولاية الأمّة على ذاتِها والذي يمثِّلهُ السيد السيستاني، أي ان شرعية الحكم والدولة هي من الشعب.
وبين
- توجه فقهي مختلف، بقيادة السيد علي خامنئي في ايران المؤمنة: بأن الشرعية لله، وأن الولاية هي مطلقة للفقيه العادل الحائز للشروط.
ولا بد من التذكير ان السيد السيستاتي هو تلميذ أبو القاسم الخوئي الرافض بشدة المقاربة بين ولاية الفقيه من جهة، وولاية الإمام والنبي من جهة أخرى والقائل:
- «ليس للفقيه ولاية على أموال الناس وأنفسهم... ليس له إجبار الناس على جباية الخمس والزكاة وسائر الحقوق الواجبة»...
وبالنتيجة لرفض السيد الخوئي لحدود ولاية الفقيه بما تشمل تفاصيل السياسة، يجعل تلك الولاية:
- محدودة في إطار المدونات الفقهية التقليدية واعتزالها المجال العام.
لذا،
أتوجه بكتابي هذا الى رئيس الجمهورية العربية السورية السيد احمد الشرع:
وانطلاقاً من الحيثية التي تُمثلها يا سيادة الرئيس، والدور الكبير والمحوري الذي تُؤديه في سبيل انقاذ سورية الدولة والشعب العربي السوري، وتوحيد السوريين بأطيافهم تحت سقف الدولة السورية بحضن عربي جامع، أدعوك بكل احترام:
- لفتح قنوات اتصال ومدّ جسور التواصل مع محيط الجمهورية العربية السورية من لبنان الى العراق لا سيما مع الرئيس العروبي نبيه بري في لبنان والمرجعية الشيعية في النجف السيد علي السيستاني للاسباب المذكورة اعلاه..
يا سيادة الرئيس،
ألست انت من شدّدت امام الشيخ أدهم الخطيب، ممثل مراجع الطائفة الشيعية في سورية، ورئيس "الهيئة العلمائية الإسلامية لمذهب أهل البيت في سورية" على "قدسية مرقد السيدة زينب لدى الرئاسة السورية"، وانك شخصياً متعلق فيه منذ صغرك، وستزوره عمّا قريب..
فلتكن هذه الزيارة حمّالة رسائل عدّة صريحة وواضحة وتعلن منها:
-
مدّ اليد للتعاون
-
وبناء الجسور للتواصل المباشر مع هذه القيادات والمرجعيات الشيعية الكبيرة والمؤثرة في منطقتنا!