ثمانون حولاً منذ ميلاد الرئيس المظلوم رفيق الحريري: / كتب د. إياد محمد علي الخطيب
ثمانون حولاً منذ ميلاد الرئيس المظلوم رفيق الحريري: لا أبا لكَ لبنان لن يسأم و لن يُهزم
في ذكرى ميلاد الرئيس رفيق الحريري الثمانين،
في ١ نوڤمبر/تشرين الثاني 2024
كتب د. إياد محمد علي الخطيب
الشراع 2 تشرين الثاني 2024
نرى المنايا خبط عشواء ،منذ اكثر من سنة يا رفيق لبنان، ومن تُصب تُمِته، و من يَعِش يتعذب من نار الظلم و الدمار، فاحترت في امر ما اكتبه اليك في رسالتي يوم ميلادك. أولاً و قبل أي شيء، أحباؤك في لبنان والعالم كله يذكرونك ويستوعبون اكثر مما سبق قيمة مافعلته في ظرف مشابه عام 1996، في جولاتك المكوكية و عملك المستمر، لوقف العدوان الغاشم والظالم حينها. اليوم من دونك اختلفت الحال، فلا رفيق للبنان يدعمه. كنتَ، مع المقاومة و الجيش و احبائك في لبنان و العالم خط دفاع لا تقوى عليه اي قوة على الارض، وبتنا اليوم ننتظر السلام كمن ينتظر غودو (Godot). لكن غودو الذي كتب عنه صمويل بيكيت (Samuel Beckett) كان انتظاره في أجواء مسرحٍ يعمه السلام، اما حبيبك لبنان فهو، للاسف الشديد، ينتظر السلام في اجواء الحرب و الدمار والمنايا العشوائية.
أعتذر ايها الرئيس الحبيب لأن رسالتي جاءت في هذا اليوم مع جوٍ من الحزن، لكن ذكراك و ذكرى ابطال لبنان الذين قتلوا ويقتلون كل يوم، كما قتلت ، هي الأمل الوحيد في نفوسنا لتعطينا فكراً عن غدٍ أفضل. وهذا الفكر هو كل ما تبقى لدينا في هذه الأوقات المليئة بالضعف و الوهن و الهوان في المسرح العربي والعالمي.
لبنان يحتاج اليك و الى احياء ذكرى وقوفك الى جانبه في الضراء، و في مواجهة الأعاصير التي تتزامن في كثير من الأحيان مع الطوفان. نحتاج ان نذكرك لهدف عظيم و هو ان نحاول ان نقول للجميع ،ان يتذكروا ما قمت به عام 1996 لإطفاء النيران و ليحاولوا، على الأقل، ان يحذوا حذوك او ياخذوا منه العبر و الأفكار، لفعل ما يجب فعله و للحراك النشط عالمياً و دولياً لتصحيح اخطاء ميزان الأمور، و منها العدل وموازين السلام.
يوم ميلادك يجب ان ياتي معه ايضاً بعض امل و حب و حنان، فاذهب لاصلي و اتضرع الى الله ان يحمي لبناننا الغالي، لانه قطعة من سماء الجمال ،كما غناه العظيم وديع الصافي الذي يصادف اليوم ايضاً تاريخ عيد ميلاده الثالث بعد المئة. فهل هي صدفة؟
و كما كتبت و اجبت عن مثل هذا السؤال بان "لا صدفة ولا من يصادفون" في عيد ميلاد الفنان الكبير محمد علي الخطيب الذي رسم وجهك الوضاح في لوحة ذاتية (portrait) من اجمل بورتريهات العالم ،واهداك اياها عام 1989 قائلاً للجميع انه يحب ان يُخلّد ذكراك بعمل فني، وذلك قبل عملك ايها الرئيس في مجال السياسة، وكأنما الفنان الخطيب كان يتنبأ باهميه شخصية الرجل الكبير رفيق الحريري ،كما تنبأ بامورٍ كثيرة في اعماله الفنية و حدثت بالفعل، وكان قد صادف يوم ميلاد الفنان الخطيب مع زيارةٍ فضيلةٍ لاول يوم من ايام شهر رمضان هذا العام لينقل الينا من خلال ذلك رسالةً الهية عن اهمية الصبر و الصلاة و العمل، وتوازنهم مع الحق والخير و الجمال من خلال الفن الجميل والادب و الكلام الصادق لتحقيق العدل و السلام. و من الكلام ما هو ادب وفن ،و ما هو فني في ايصال رسالة السياسي المبدع مثلك يا رفيق لبنان. فالرسالة اليوم ليست صدفة و لا نحن من يصادفها، بل هي رسالة الى كل اللبنانيين و خصوصاً الى الدبلوماسيين والسياسيين ليحذوا حذوك ايها الحبيب الرئيس و ليستخدموا فنّ الكلام في كل محافل السياسة و كل مؤسسات الإعلام العالمية و بكل لغات العالم، كما فعلتَ عام 1996 ليكون عملهم تطبيق "فنِّ المُمكن" و القوى الكلامية و الإعلامية و الناعمة و الخشنة لتصل كلمة لبنان الى كل الأُمم و يصدح صوته و يشعل الدنيا بانه لبنان السلام. والى سياسيي وفناني العرب اليوم اذكرهم ببيت لشاعرنا العربي الحكيم، زُهير ابن أبي سلمى، اذ قال:
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلِهِ
على قومِهِ يُستغنَ عنهُ ويُذمَمِ
والرئيس المظلوم رفيق الحريري لم يبخل على لبنان، لا بوقته ولا ماله و لاحياته، فتذكروا ما فعل رفيق لبنان في سياسته و تطويع فنّ المُمكن في السياسة اللبنانية العالمية، و تذكروا حكمة الشاعر العظيم، ابن ابي سلمى.
وكما ان 1 نوڤمبر/تشرين الثاني هو اليوم الفعلي لتأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) عام 1945، وهو يوم اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954 و التي ادت الى تحرير الجزائر، و هو يوم اطلاق الإتحاد السوڤييتي (آنذاك) لأول مركبة فضائية الى المريخ عام 1962، و يوم فتح جدار برلين مؤقتاً لمرور الذين تجاوزت اعمارهم الخامسة والستين عام 1964، و يوم بثت المركبة الفضائية ڤوياجر ١ (Voyager 1) صوراً من زُحل عام 1980, اي انه يوم تحققت فيه امور عالمية وعلمية براقة ومهمة ومؤثرة، فليكن اليوم ايضاً في 2024 يوم بداية جديدة وقوية للعمل السياسي اللبناني العالمي لوقف العدوان والحرب. و لتحفزنا هذه الذكريات، و ذكريات التحرك الدبلوماسي العالمي للرئيس رفيق الحريري، بان ينهض الدبلوماسيون و السياسيون اللبنانيون ويترددوا على كل المحافل الدولية ووسائل الإعلام العالمية لانقاذ الشرعية الدولية، و وقف العدوان واحلال السلام و دعم لبنان.
وبهذا يبدأ حراك لسلام جديد في ذكرى ميلادك ايها الرئيس المظلوم و فنان السياسة اللبنانية العالمية، و في هذه المناسبة ارسل سلاماً حاراً الى الفنان الكبير وديع الصافي (في يوم الميلادنفسه)، و كأن روح الفنان و روح السياسي تجتمعان و تعطيان املاً بفنٍ سياسيٍ قد يوقف الإعصار و يبعد خطره عن لبنان، "قطعة السماء،" لنستطيع ان نقول بعدها كل عامٍ و ذكراكما و لبنان بخير.
و من كثرة وجعي و خوفي على لبنان ساترك القلم و الورق لاذهب في رحلة الذاكرة الى احلام ايام الجمال و الخير، و اصلي و اكثر الدعاء لروح الرئيس المظلوم رفيق الحريري و الفنانين الكبيرين وديع الصافي و محمد علي الخطيب الذين تركا (بالاضافة على عدد كبير من الفنانين) اعمالاً عديدة توثق قوة و صلابة وجمال لبنان. و الى روح كل المظلومين والفنانين الحقيقيين والسياسيين القلائل العظيمين .
اختم و اعدكم ان لبنان، بما تركتموه من اعمال وافعال، بالصبرِ لن يسأم و بالصلاة والفلاح لن يُهزم.
د. إياد محمد علي الخطيب
١ نوڤمبر/تشرين الثاني ٢.٢٤