بيروت | Clouds 28.7 c

"سلاح الديون سلاح الاقوى"/ بقلم محمد المشهداني- العراق

 

"سلاح الديون سلاح الاقوى"/ بقلم محمد المشهداني- العراق

الشراع 4 كانون اول 2022


منذ القرن التاسع عشر تراكمت الديون على الدولة العثمانية تخلفت البلاد عن التقدم مقارنة بنظيرتها وخسرت حروبا ومناطق نفوذ وأصبحت الديون بمثابة سلاح اجنبي بحلول عام 1914. وصل الدين المستحق للحكومة ما يعادل من الناتج المحلي الإجمالي 60 بالمئة انهارت الإمبراطورية مع اول حرب عالمية.
الديون تسبب للدول أزمات ضخمة وقد تكونو سلاحاً في المنافسات والصراعات الجيوسياسية .الدين غير ممنوع. 
كل دول العالم تستدين فهي تعطي قروضا وتأخذ قروضا الدولةالدائنة  هي التي تعطي العالم قروضا اكثر مما تأخذ منه. مثل الصين والدول المدينة هي التي تأخذ قروضا من العالم اكثر مما تعطية مثل الولايات المتحدة بدءا من العام 1958. وفي عام 2021. سجلت العديد من الدول بأعلى مستويات الدين العالمي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. اليابان 257 بالمئة السودان 210 بالمئة واليونان ٢٠٧ بالمئة ولبنان 274بالمئةواريتريا 275 بالمئة.
ولكن الامور لا تحسب بهذا الطريقة. مديونية اليابان الصافية اقل فالحكومة تحتفظ بمخزون كبير من الأصول المالية كما أن معظم قروضها محلية بسبب معدلات الادخار المرتفعة للشعب. 
العالم كله مدين للعالم ..الدين العالمي بلغ 226 تريليون دولار في عام 2020. ارتفع الرقم في عام 2021. لما يقرب من 300 تريليون دولار اي ما يعادل 356 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ،والمقصود بالدين العالمي هو مجموع ما تقترضة الدول والشركات والأفراد ،علما ان الاقتصادات المتقدمة تأخذ النصيب الاعلى من هذا الدين ،لكن التهديد الأكبر يضرب الاقتصادات النامية .بالنسبة للدول الكبرى يمكن أن تؤدي الديون لتراجعها السياسي والاقتصادي مع مرور الوقت ،والان يرى محللون ان اكبر تهديد قومي على أمريكا هو ديونها .يبلغ الدين القومي الأمريكي 28.43 تريليون دولار وهو رقم أعلى من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للدولة .تعرف الدول ان الدين الكبير يعني مشاكل كبيرة لذلك تفرض بولندا سقفا للدين ،بحيث لا يمكن أن يتجاوز الدين العام 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. اما سقف الدين الحكومي الأمريكي فقد تم ليصبح 31.4 تريليون دولار في عام 2021. 
لكن ماذا عن الدول النامية؟
هل تعرف ماذا تفعل الدول الفقيرة لسداد ديونها ؟ترفع الدعم عن السلع الحيوية وتقلص الانفاق على الصحة والتعليم و الحماية الاجتماعية. الديون كمين جيوسياسي . 
ينظر للديون على أنها فخ ينصب للدول ،كي تصبح تابعة لاجندة دول أخرى.  تتهم الصين غربيا بأنها تثقل كاهل الدول الفقيرة بديون لا يمكن تحملها بهدف مد نقودها على حساب سيادة الدول .فهي احد اكبر الدائنين في العالم لكن الصين ترفض كل الاتهامات وتقول. 
"الغرب يحول تشويه صورتنا .متسائلة هل تعرفون دولة واحدة وقعت في فخ ديوننا؟" 
تضاعفت ديون بيكين للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ثلاث مرات عام 2010. هناك الان اكثر من 40 دولة يبلغ حجم ديونها المستحقة للصين اكثر من 10 بالمئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. 
"جيبوتي وقيرغستان ولاوس وزامبيا" عليها ديون للصين تعادل 20 بالمئة من ناتجها المحلي السنوي .جزء كبير من هذه الديون مرتبط في مشاريع البيئة التحتية الضخمة المرتبطة في مبادرة الحزام والطريق لا تنشر الصين سجلات قروضها الخارجية وتحتوي غالبية عقودها على بنود عدم إفشاء تمنع المقترضين من الكشف عن محتوياتها .فوائد القروض الصينية أعلى بأربعة اضعاف مقارنة بقروض فرنسا وألمانيا او البنك الدولي . فترة سدادها في الغالب قصيرة الأجل 10 سنوات وهذا اقل بثلاث مرات مقارنة بالقروض الدولية للبلدان النامية. 
ماذا يعني كل ذلك؟ 
فشلت زامبيا في دفع قيمة محطة التوليد المائية ، فاستحوذت عليها بكين وعلى 60 بالمئة من أسهم إذاعة زامبيا الحكومية .تمتلك الصين حوالي 72 بالمئة من ديون كينيا الخارجية التي تبلغ 50 مليار دولار .تمثل القروض الصينية 70 بالمئة من الديون الخارجية لجيبوتي .والسودان مدين للصين ب10 مليار دولار.  الصين في صدارة الدول الدائنة لمصر يطرح مثال سريلانكا عند الحديث عن حصول الصين على تنازلات مقابل الديون وتحديدا مشروع ميناء المليار دولار في مدينة هامبانتوتا هذا المشروع ترك سريلانكا مثقلة في الديون الخارجية لاحقا وتحديدا في عام 2017. وافقت سريلانكا على منح شركة شيني مرشنتس المملوكة للدولة الصينية حصة مسيطرة بنسبة 70 بالمئة في الميناء بعقد ايجار لمدة 99 عاما مقابل مزيد من الاستثمار الصيني .يرى محللون ان الغرب الذي يلقي اللوم على الإقراض الصيني المفترس .يتناسى ان 10 إلى 20 بالمئة من الديون الخارجية لسريلانكا مستحقة للصين .الغالبية مستحقة لمؤسسات مالية أمريكية واوروبية ويابانية بل وتوجه التهم إلى صندوق النقد الدولي الذي قدم قروضا لسريلانكا 16 مرة بشروط صارمة دائما لا تسدد الديون المتراكمة على الدول بسهولة  وقد تبقى عبئا على الأجيال. لذلك تطلق الأمم المتحدة مبادرة تخفيف أعباء الديون عن الدول الاشد فقرا .يمكن لدولة دائنة ان تشطب ديونا عن دولة مدينة بمقابل ما مثل موقف سياسي أو الحصول على امتيازات استثمارية .احيانا ترفض دولة سداد ديون فتكون عرضة للعزلة الاقتصادية عن العالم كما فعلت كوريا الشمالية مع الشركات والدول .
السودان وتونس ولبنان دول عربية مهددة بديونها.  لبنان عجز عن السداد ومصر تكافح كي لا تلقي المصير نفسه . التقارير تتحدث عن بيع القاهرة أصولا مهمة من شركائها لدول خارجية بهدف تأمين السيولة وسداد الديون . 
حضر التاج الإسباني استبعاد الشعوب الاصلية في عام 1542. تحايل المستعمرون على هذا التفويض من خلال وضع الشعوب الاصلية تحت عبء وسلاح الديون كي يضمنوا بقاءهم في حالة من العبودية.
محمد المشهداني _ الشراع _ العراق