بيروت | Clouds 28.7 c

ساسة لبنان ولعنة الجلوس في صفوف المتفرجين /خاص- "الشراع"

 

ساسة لبنان ولعنة الجلوس في صفوف المتفرجين

خاص- "الشراع"

الشراع 20 تشرين ثاني 2023

 

في ظل الحرب الاسرائيلية الوحشية وغير المسبوقة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ،لم يعد المشهد اللبناني المأزوم في صدراة الاهتمامات .

والمقصود هنا ليس الاهتمامات الدولية والاقليمية بعدم اتساع دائرة الحرب الدائرة وشمولها لبنان ، بل الاهتمامات بأزماته الدخلية . فلا موفد فرنسي او تحرك او مبادرة من دولة اخرى لتحريك اوضاعه ،ولا اللجنة الخماسية عاودت اجتماعاتها لبحث سبل مساعدته. والأهم من كل ذلك هو ان الطبقة السياسية اللبنانية تبدو وكأنها تتستر بما يجري في قطاع غزة من اجل عدم تحمل مسؤولياتها والتهرب مما هو مطلوب منها للخروج من دوامة الفراغ الرئاسي كمقدمة لمعالجات تضع حداً للانهيار الحاصل .

وباتت قضايا من نوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون والتي يفترض في ظل الظروف الاستثنائية الحالية  ان تجد حلاً سريعاً لها موضع نقاش وخلاف وسجالات.

ووسط الكم الكبير من الصور السوداوية المتحكمة بالمشهد اللبناني، تتوالى الازمات في كل القطاعات والميادين والمجالات، دون ظهور مؤشرات على إمكان تمكن القوى السياسية من الخروج من حالة العجز التي تعيشها وتجعلها غير قادرة وربما غير راغبة حتى الان على الاقل بانجاز ما هو مطلوب منها بدءاً من اجراء انتخابات رئاسية للانتهاء من مرحلة الشغور على كل الصعد وفي كل المؤسسات.

ومع ان هذا المشهد ينذر بالكثير من المخاطر ، فان اليأس مما يمكن ان يحصل في الداخل وجه ويوجه الانظار الى ما يمكن ان تحمله التطورات في الخارج  وما يمكن ان يحصل من انعكاسات لقضايا ومواضيع وملفات اقليمية دخلت مرحلة جديدة من التأزم والتصعيد خلال الايام الماضية.

واذا كانت  الصور السوداوية للمشهد اللبناني ، سبقت احداثاً  كبرى تقع حاليا في فلسطين المحتلة ، فان هذا الامر يطرح علامات استفهام غير عادية حول ما يمكن ان يحصل في لبنان كنتيجة  لما يجري في غزة.

فماذا يمكن ان يشهده لبنان ،اذا كان بعض المراقبين يتحدث اليوم عن هيروشيما جديدة تتوالى فصولها في غزة ، او كامب ديفيد جديدة مطروحة على الطاولة لتكون عنوان المرحلة الجديدة في المنطقة كلها مقابل استنفار وسعي  القوى الرافضة لها لاسقاطها قبل ولادتها ،على غرار ما حصل في العام 2006 عندما اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية يومها كونداليزا رايس ولادة الشرق الاوسط الجديد ،قبل اعلان وفاته من قبل امين حزب الله السيد حسن نصرالله بعد حرب تموز.

هل يصيب لبنان ما اصابه بعد حرب غزة المتصاعدة  بصرف النظر عن النتائج الذي سيتم تثبيتها في الميدان؟

اسئلة كثيرة مطروحة اليوم على هذا الصعيد. وبالطبع لا احد يمكنه تقديم اجوبة شافية لها بانتظار ما يمكن ان تنتهي اليه جولات الصراع هذه.

وما يحصل في فلسطين المحتلة ورغم ان البعض يضعه في سياق رد المقاومة الاسلامية وفي مقدمتها حركة حماس على ما قامت وتقوم به اسرائيل ضد الفلسطينيين  في القدس والمسجد الاقصى ، سيكون له نتائجه وانعكاساته على لبنان.

..مع التوكيد على اهمية اي عمل فدائي فلسطيني ضد الكيان الصهيوني الغاصب واستمرار محاولاته لوأد القضية الفلسطينية التي كانت وما زالت القضية المركزية للشعوب العربية من المحيط الى الخليج.وما يجري حاليا اعاد القضية الفلسطينية الى الصدارة كقضية مركزية للشعب الفلسطيني وشعوب الامتين العربية والاسلامية واحرار العالم .

ولا يمكن في هذا السياق الا التوقف امام الخطة المحكمة والنوعية التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في اقتحام المستعمرات المنتشرة في ما يسمى محيط غزة ، وهي خطة اكدت وتؤكد ان القضية الفلسطينية تستعيد حيويتها وانها  مازالت حاضرة ليس فقط على الصعيد الفلسطيني بل وايضا على الصعد العربية والاسلامية والدولية. وذلك مهما بلغت تكاليف ذلك وهي تكاليف لا توازي حكماً تكاليف زرع الكيان الصهيوني في قلب المشرق العربي واقتلاع شعب باسره من ارضه.

خلاصة القول في هذا المجال هو ان الطبقة السياسية في لبنان على اختلاف اطيافها ، ما زالت تتعاطى مع ملفات الداخل وانعكاسات ملفات الخارج على الوضع العام في البلاد ، بطريقة اقل ما يقال عنها انها طريقة تعداد الازمات دون القيام بما ينبغي عليها فعله لمواجهة التحديات المتراكمة والمستجدة .

وابسط ما يمكن ان يقال على هذا الصعيد ، هو انها مطالبة سواء كانت في السلطة او في المعارضة او في ما يسمى القوى التغييرية بالخروج من حالة تقاذف التهم والمسؤوليات حيال ما يجري في الداخل. فالكل مسؤول عما يجري ولا احد يمكن ان يكون بمنأى عما يجري في مواجهة تراكم المشكلات والازمات ووصولها الى مستوى خطير يهدد البلاد كشعب ودولة ومؤسسات لا بل ككيان.

واقل ما يمكن ان يقال على هذا الصعيد هو ان لبنان مصاب اليوم بلعنة جلوس ساسته معظهم ان لم يكن جميعهم- في صفوف المتفرجين وبينهم من يراهن على ما قد تحمله الحرب الاسرائيلية الوحشية على غزة من متغيرات سلبية على احد مكونات البلد.

وفي مواجهة كل ذلك، لا بد من كسر حالة الانتظار .والبداية حكماً تتم من خلال الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية بصرف النظر عن اسمه  لملء الشغور الرئاسي وبما يضمن بعدها اعلان حالة طوارئ وطنية تتولى القيام بكل ما هو مطلوب من اجل حماية لبنان واستقراره وأمنه وتصديه لاي عمل عدواني سواء كان من العدو الاسرائيلي او من جهات متطرفة او ارعابية او من مجموعات تديرها الغرف السوداء للدفع بالبلاد نحو الانفجار الكبير.