بيروت | Clouds 28.7 c

رئاسة المجلس أسيرة "الفيتوات" ورئيس مكلف من دون حكومة ولا انتخابات رئاسية / هام وخاص جداً - كتب المحرر السياسي لـ"الشراع"

 

رئاسة المجلس أسيرة "الفيتوات" ورئيس مكلف من دون حكومة ولا انتخابات رئاسية / هام وخاص جداً - كتب المحرر السياسي لـ"الشراع"

الشراع 16 أيار 2022

يخطئ من يعتقد ان انتخابات رئاسة المجلس النيابي ستحصل مباشرة بعد تولي البرلمان الجديد مهامه التي ستمتد لولاية السنوات الاربع المقبلة.

انتخابات رئاسة المجلس ستدخل في بازارات سياسية معقدة ، ولن تتم بيسر وسلاسة وسرعة كما كان يحصل في الدورات السابقة التي كان يتم خلالها انتخاب الرئيس نبيه بري وباكثرية وازنة من الاصوات النيابية.

واذا كان هذا الامر سيكون عرضة للتأخير والمماحكات السياسية ،فان انتخابات رئاسة المجلس ستحصل ولو بعد حين كما يقول المثل الشائع الا انه لن يحصل على اصوات خصومه ، كما انه لن يحصل على اصوات كتلة التيار الوطني الحر وفقاً لما اعلن اكثر من قيادي في التيار رغم التحالفات التي حصلت بينه وبين حركة امل في عدد من الدوائر الانتخابية.

كما ان الامر نفسه ينطبق على رئاسة الحكومة، التي قد يتأخر تكليف شخصية سنية تشكيلها، رغم ان الترجيحات تشير وبعضها يجزم بذلك ان رئيس الحكومة المقبل سيكون الرئيس نجيب ميقاتي الذي يدخل حصول الانتخابات النيابية في موعدها في باب انجازات حكومته الحالية التي ستتحول الى حكومة تصريف اعمال في الحادي والعشرين من الشهر الحالي تاريخ بدء المجلس النيابي الجديد ولايته.

الا ان التكليف الذي سيحصل لن يعقبه تشكيل للحكومة. ومعنى ذلك ان البلاد دخلت مرحلة جديدة عنوانها رئيس حكومة مكلف لا يستطيع انجاز مهمته في الاشهر الخمسة المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون .

وبين مطلب من هنا ومطلب من هناك على قاعدة المحاصصة من جهة ، وعلى قاعدة ان كل طرف يريد تعزيز حضوره في مجلس الوزراء استعدادا لمرحلة ما بعد انتهاء عون من جهة ثانية ، فان الرئيس المكلف اي الرئيس ميقاتي لن يستطيع تشكيل حكومة جديدة بسهولة او سرعة وقد يحصل معه ما حصل مع الرئيس سعد الحريري الذي لم يشكل حكومة رغم مضي ما يقارب العام على تكليفه السنة الماضية ، او ما حصل مع السفير مصطفى اديب قبله.

وهذا السياق التعطيلي لن يتوقف هنا، بل سيمتد الى الاستحقاق الأهم وهو انتخابات رئاسة الجمهورية التي لن تحصل لتعذر توافر اكثرية الثلثين لضمان انعقاد الدورة الاولى من عملية الانتخاب، ولتعذر وجود توافق حول اسم الرئيس الجديد، في ظل غياب ما بات معروفاً انه "كلمة السر" التي تأتي عادة من الخارج من اجل تأمين انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.

ولبنان في هذا الصدد سيدخل مرحلة فراغ رئاسي جديد لا احد يستطيع من الان تحديد مداها او الفترة التي ستستغرقها مع كل ما يعنيه ذلك من مراوحة وشلل وفراغ على كل المستويات بانتظار حصول توافق يحتاج الى مظلة لبنانية وعربية ودولية ،ظروفها اليوم غير متوافرة وحتى اشعار اخر.

هذه الصورة السوداوية لما ينتظر لبنان ليست مجرد تحليل او تكهنات او مقاربات للوضع من باب الاحتمالات، بل هي اخر ما توافر ل"الشراع" من معلومات ومعطيات يتم الحديث عنها من قبل مراجع رسمية وسياسية وامنية بارزة .وقد أمكن اجراء اكثر من عملية تقاطع من اجل مقاربة هذه المعطيات والمعلومات لدى اكثر من جهة سياسية وحزبية وامنية.

الأهم من كل ذلك هو ما يمكن استخلاصه من هذه الامور في حال تحققت كما ورد انفاً ،سواء على مستوى ما قد تتسبب به من اشكالات على الارض او على مستوى عدم قدرة السلطة الاجرائية على اداء مهامها او على مستوى ما يمكن القيام به للجم الانهيار وما قد يؤدي اليه من فوضى  وانفجار اجتماعي واسع سبق للرئيس ميقاتي ان وصفه بالارتطام الكبير.

والحبل على الجرار على هذا الصعيد، في غياب التوافق في حده الادنى والذي بات بحاجة ماسة الى طاولة حوار من نوع جديد عام وأشمل والى صيغة من نوع اتفاق دوحة لضمان ليس الوصول الى الحل بل لادارة الوضع في البلاد بطريقة تكفل عدم الذهاب الى ما لا يحمد عقباه.

وبالطبع فان المسالة ليست مسألة وجود اوعدم وجود اكثرية نيابية ، بل تتعلق بطبيعة النظام السياسي في لبنان القائمة على مبدأ التوافقية, وهو مبدأ يتم استخدامه غب الطلب من قبل كل الاطراف التي توالت على السلطة في لبنان في مراحل سابقة بما يراعي مكاسبها ومصالحها وليس بما يضمن دخول البلاد مرحلة الحرب الاهلية الباردة التي تعيشها حاليا.

ولعل العنوان الابرز للمجلس الجديد هو عنوان "الفيتوات"التي صار اي امر او ملف او قضية او قانون عرضة لما ستفضي اليه من مواقف وما ينجم عن ذلك من تعطيل وشلل .

ولهذا السبب فان اول ما يمكن قوله هو ان المجلس النيابي الجديد سيكون مفككا ، ولن يكون من السهل تيسير عمله يما يجعله قادرا على زيادة انتاجيته بعيدا عن الشعبوية التي لم تفلح الا في زيادة السجالات وضخ اجواء الاحتقان والانقسام بالمزيد من الجرعات التي يحتاجها ، وكل ذلك على حساب المواطن ، في كل لبنان بكل مناطقه ومذاهبه وطوائفه وبما يهدد الاستقرار الممسوك والسلم الاهلي الذي بات الحفاظ عليه اولوية قصوى .

وقد قيل الكثير عن نتائج الانتخابات النيابية، وسيقال ما هو اكثر عنها. الا ان هذا الامر لم يعد بيت القصيد في ظل الاوضاع الصعبة لا بل المستحيلة التي يعيشها اللبنانيون اليوم، لا سيما وان قانون الانتخاب الحالي المعتمد منذ العام 2018 زاد من الهوة بين الفئات اللبنانية وفتح المجال واسعا للرشى الانتخابية بدلا من ان يكون طابعه العام الجمع بين اللبنانيين وتأمين افضل الصيغ الوطنية لحيثياتهم التمثيلية وضخ اجواء فعلية وحقيقية للاصلاح والتغيير وبما يضمن وقف الهجرة ولاسيما هجرة الاجيال الجديدة الباحثة عن مستقبل افضل وآمن ومنتج.