بيروت | Clouds 28.7 c

نتنياهو فشل في تحديد خطة ما بعد الحرب وانتصاراته التكتيكية ستكون فارغة/ كتب: ديفيد إغناطيوس

 

نتنياهو فشل في تحديد خطة ما بعد الحرب وانتصاراته التكتيكية ستكون فارغة/ كتب: ديفيد إغناطيوس
صحيفة واشنطن بوست

الشراع 19 تشرين الأول 2024


تساءل المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” عما يعنيه مقتل زعيم حماس، يحيى السنوار، وإن كانت هناك فرصة لوقف إطلاق النار.

 وقال ديفيد إغناطيوس إن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت، نشر على حسابه في إكس آية من سفر اللاويين٩: “ستلاحق أعداءك وسيموتون أمامك بالسيف”.

ويعلق إغناطيوس أن إسرائيل حققت نصرا “مدويا” بالقضاء على مهندس هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. و”يرمز موته إلى تجدد الهيمنة العسكرية الإسرائيلية في جميع أنحاء الشرق الأوسط”، محذرا أن إسرائيل قتلت ثلاثة من قادة حماس الذين سبقوا السنوار دون تدمير
 تلك الحركة، لذا فإن أي إعلان عن النصر سابق لأوانه.

وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أعلن أن “اليوم التالي” قد وصل إلى الشرق الأوسط، حتى وهو يحذر من أن الحرب ضد أعداء إسرائيل سوف تستمر.

وقال إن عرض نتنياهو العفو والممر الآمن للخروج من غزة على أنصار حماس إذا قاموا بنزع سلاحهم وتسليم الأسرى الإسرائيليين فكرة جيدة، ولكنها ليست خطة إنقاذ فعالة.

ويعتقد إغناطيوس أن مقتل السنوار يمثل لحظة انتصار لنتنياهو الذي مضى من فشل ذريع في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى ما يساوي إدارته العسكرية للطاولة، وقال إن حماس سحقت في غزة وقطع رأس حزب الله في لبنان ولم تكن إيران التي وصفتها إسرائيل بأنها “رأس الأخطبوط” قادرة على الرد بفعالية.

 ورغم النجاح العسكري، فشل نتنياهو فشلا ذريعا في التحضير لما هو قادم. فغزة تعيش في حالة من الفوضى اليائسة وإسرائيل ليس لديها خطة واضحة للحكم وتحقيق الاستقرار.

                        فشل نتنياهو فشلا ذريعا
                      في التحضير لما هو قادم.
                 فغزة تعيش في حالة من الفوضي
              اليائسة وإسرائيل ليس لديها خطة واضحة          
                        للحكم وتحقيق الاستقرار

ومع القضاء على قيادة حزب الله، فإن لبنان لديه الفرصة لاستعادة سيادته، و”لكن العديد من اللبنانيين البارزين الذين يكرهون حزب الله حذروني قبل فترة من أن الغزو البري الإسرائيلي المدمر يجعل من الصعوبة بمكان توحيد البلاد سياسيا وكبح جماح الميليشيا التي تدعمها إيران”.

ويقول الكاتب إن مسار حياة السنوار لا يمكن فصله عن تاريخ النزاع هذا، ووفاته تؤكد صعوبة خلق استقرار بعد الحرب في هذا الشريط من الأرض الذي قتل فيه أكثر من 40,000 فلسطيني وشرد 90% من سكانه من بيوتهم.

 وقد ظلت غزة، وعلى مدى 50 عاما مرجل الغضب المشتعل، وقد أدى هذا الغضب إلى ولادة حماس في عام 1987. وكان السنوار يتمتع بالعبقرية التي تمكنه من حشد هذا الغضب وتحويله إلى قوة قتالية منضبطة ومخادعة هاجمت إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر فيما وصفه نتنياهو بأنه أسوأ حدث “للشعب اليهودي” منذ المحرقة.

وقد ولد السنوار في ظروف العنف، ويشير الكاتب إلى تقرير مطول نشرته مجلة “نيويوركر” بشهر آب/أغسطس أعده ديفيد ريمنيك عن مسار حياة السنوار ورئاسته لجهاز “المجد” الذي كان يتعقب ويعاقب المتعاونين مع إسرائيل، رغم أن إغناطيوس يبالغ في وصف أساليب السنوار ويحاول تشبيهها بأساليب تنظيم الدولة.

وسجن السنوار في عام 1988 بتهمة قتل عميلين وحكم عليه بالسجن المؤبد. وفي داخل السجن تعلم العبرية وقرأ الكتب عن السياسة الإسرائيلية، كما وكتب رواية بعنوان “الشوك والقرنفل” نشرت عام 2004، وهي عبارة عن سيرة ذاتية لطفولته وتعليمه ومقاومته، كتبها بهدف إلهام الآخرين “من الخليج إلى المحيط ومن المحيط إلى المحيط”.

 ويشير الكاتب هنا إلى مقطع من الرواية يظهر تحدي البطل/السنوار للمحقق الإسرائيلي، حيث كان يجبر على الوقوف مستندا إلى الحائط ويضرب حتى يسقط وثم يجبر على الوقوف ويضرب مرة أخرى: “في كل مرة كانوا يرفعونني من كتفي ويوقفونني، كنت أعود إلى الجلوس مرة أخرى. صحيح أنني دفعت ثمنا باهظا لجلوسي لكنني شعرت بارتياح كبير”.

واعترف السنوار بطموحاته لطبيب أسنان إسرائيلي ساعد في تشخيص وعلاج ما قد يكون ورما قاتلا في المخ. أجرى ريمنيك مقابلة مع طبيب الأسنان، الذي تذكر ما بدا الآن بمثابة تعليقات تنم عن نبوءة “نحن مستعدون للتضحية بعشرين ألفا وثلاثين ألفا ومئة ألف. وبعد عشرين سنة ستضعف فأهاجمك. جاء هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر بعد 20 عاما بالضبط من تباهي السنوار”.

وأشار الكاتب لخروج السنوار من السجن في عام 2011 بصفقة الإفراج عن جلعاد شاليط وصعوده لقيادة حماس في غزة عام 2017 وزعامة الحركة بعد مقتل إسماعيل هنية في تموز/يوليو من هذا العام.

 ويرى الكاتب أنه بوفاة السنوار يجب أن يتطلع الإسرائيليون والفلسطينيون لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى. وقال إن هناك صفقة أعدها الوسطاء الأمريكيون بعناية، وستطلق إسرائيل بموجبها سراح ما لا يقل عن 1,000 فلسطيني، منهم أكثر من مئة يقضون أحكاما بالسجن المؤبد – مقابل الأسرى الإسرائيليين.
 وقد لا ترغب إسرائيل في تقديم مثل هذه الشروط السخية مع رحيل السنوار.

و”مشروعنا الكبير” هو الاسم الذي أطلقه السنوار وقادته على خطتهم لاقتحام سياج غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقد أخفى التفاصيل لأكثر من عامين من خلال ادعائه أن حماس تريد السلام والازدهار في غزة. وقال لأحد مصادر ريمنيك: “يمكننا أن نكون مثل سنغافورة، مثل دبي”.

 وقد ابتلع نتنياهو كذبة السنوار وكاد يختنق بها و”عندما يقول نتنياهو إن الحرب لم تنته بعد، علينا أن نصدق كلامه. لكن “اليوم التالي” لا يزال أمامنا، وإذا لم تستعد إسرائيل بحكمة لذلك، فقد يأتي جيل جديد من السنوار أيضا”.

 ورأت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها أن مقتل زعيم حماس، يحيى السنوار يفتح الباب أمام وقف دائم لإطلاق النار والإفراج عن الأسرى. وقالت إن السنوار قتل مع مرافقيه وهم يتجولون فوق الأرض يوم الأربعاء.

 وخلافا لبعض التقارير، لم يكن محاطا بالأسرى في أنفاق حماس. وكانت نهاية مناسبة لرجل كانت خطته الكبرى تدمير إسرائيل وقاد قواته لقتل 1,200 شخص في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

 وقد دفع هذا الهجوم إلى اندلاع حرب إسرائيلية في غزة تسببت في معاناة إنسانية شديدة وامتدت بعد ذلك لتشمل “جماعات المقاومة” التابعة لحماس والمدعومة من إيران وإلى إيران نفسها، كما كان يأمل السنوار.

 ومع ذلك، فإن الحرب لا تسير على ما يرام بالنسبة لحماس، أو حلفائها ورعاتها، كما أكد موت زعيم حماس بشكل كبير.

ومع قتل إسرائيل لقادة حماس، فإن مقتل السنوار يحقق واحدا من أهداف الحرب المعلنة، وقد يكون نقطة تحول في الحرب. لكن ما لا يعرف هو إن كان رحيله سيعجل بنهاية الصراع.

ومن المفيد، كما تقول الصحيفة، أن يقبل بقية أعضاء حماس العرض الذي قدمه بنيامين نتنياهو بعد وفاة السنوار: الاستسلام وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الـ 97 المتبقين (الذين يعتقد أن ثلثهم تقريبا ماتوا) والمحتجزين منذ تشرين الأول/أكتوبر، مع أن هذا غير وارد.

ومع ذلك، فإن مقتل السنوار يمكن أن يخلق فرصة لتجديد المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، لأن السنوار كان “متعنتا”، بحسب وصف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يوم الخميس وأنه “عقبة هائلة” أمام أي اتفاق من هذا القبيل.

إنها فرصة يجب على نتنياهو أن يسعى إليها، وأن يقاوم ميوله الانتصارية والنصائح التي يتلقاها من أعضاء اليمين المتطرف في حكومته.

وقالت الصحيفة إن اتفاقا يتم فيه الإفراج عن الأسرى وتدخل فيه مساعدات إنسانية هائلة إلى القطاع ويتوقف فيه القتال، يظل أفضل رهان لتخفيف المعاناة عن جميع الأطراف، وبخاصة معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة المدمرة إلى حد كبير، بما في ذلك من تهيئة الظروف لوقف دائم للحرب.

وتقول إنه في أفضل السيناريوهات، فوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يمهد الطريق أيضا لإنهاء القتال في لبنان بين إسرائيل وحزب الله الذي رفض وقف إطلاق النار على إسرائيل قبل أن تعقد حماس هدنة.

وتقول الصحيفة إن على الرئيس جو بايدن الضغط من أجل تحقيق هذه الصفقة وردع إسرائيل عن الحرب الصاروخية مع إيران. وفي الحقيقة باتت حججه الآن أقوى بعد مقتل السنوار. والحجة الأقوى هي إقناع إسرائيل بالتوقف عن تأجيل الخطة الإستراتيجية لقطاع غزة ما بعد حماس وما بعد الحرب، مشيرة لما قاله نتنياهو يوم الخميس “إن هذه هي بداية اليوم بعد حماس”.

وتعلق الصحيفة أن الانتصارات العسكرية التكتيكية التي حققتها إسرائيل لا يمكن إنكارها وهي مضاعفة. ومن دون فكرة واضحة عما يجب فعله في ذلك اليوم، ومقبولة ليس فقط لإسرائيل ولكن أيضا لدول أخرى في المنطقة وللفلسطينيين أنفسهم، فإن تلك الانتصارات، بما في ذلك القضاء على السنوار، يمكن أن تكون جوفاء.

وتقول إن وفاة زعيم حماس جاءت في وقت تتعرض فيه إسرائيل وبشكل متزايد لانتقادات من الحكومة الأمريكية وغيرها بسبب تجديد عملياتها العسكرية في شمال غزة، في حين لم تسمح للمساعدات الإنسانية الكافية بالوصول إلى السكان المصابين بالصدمة والجوعى.

فمن بين جميع الأهداف التي حددها السنوار لحماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لم يكن أي منها أكثر أهمية من استفزاز إسرائيل للرد بطريقة تفقد فيها التعاطف الدولي، وبخاصة تعاطف الولايات المتحدة.

 وهذا هو الهدف الوحيد الذي أحرزت حماس تقدما نحوه ويملك نتنياهو القدرة على منعها من القيام بالمزيد.

===================