بيروت | Clouds 28.7 c

مزيد من الأسئلة تنتظر إجابات / العميد غسان عزالدين

 

مزيد من الأسئلة تنتظر إجابات
العميد غسان عزالدين 

الشراع 21 ايلول 2024

 

عطفاً على مقالتي بتاريخ الأمس ،وعطفاً على مقالة الاستاذ احمد حازم اليوم المنشورتين على 
صفحة " الشراع " ،فإن ملابسات جريمة تفجير اجهزة النداء ما تزال حديث العالم كله، على الرغم من الجريمة الجديدة التي ارتكبها العدو بعد ظهر يوم أمس الجمعة ،بتفجير مبنيين سكنيين على رؤوس قاطنيها بغض النظر عما تقوله كل وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تردد عبارات من تلفيق  العدو نفسه ،فتركز على ان " اسرائيل إغتالت .." بدلاً من التركيز على مسألة قصفه لمبانٍ سكنية مدنية هي وفق منطوق قانون الحرب او القانون الدولي الإنساني من " الأعيان المدنية المحمية " التي يُعتبر التعرض لها وقصفها وقتل ابرياء بصورة متعمدة جريمة حرب .
ما حصل لم يكن فقط إغتيال 
 Assasination
بل ارعاب موصوف Terrorism
لأن الإغتيال يستهدف شخصاً بعينه ان كان يمشي او يقود سيارة …الخ 
ولكن ان تنفذ طائرة حربية عملية دموية وسط بقعة مأهولة ،هي من اكثر المناطق السكنية  اكتظاظاً في العالم ،فهذا  ارعاب ولا مجال لأي توصيف آخر .. اننا نغرق في لجة التسميات .. انها خطة يهودية من سلسلة الخطط الخبيثة التي تهدف الى حرف الأمور عن حقيقتها ..
انها حرب لغزو عقول العالم وغسلها، وزرع ما يلائم برامج وخطط بني صهيون ..
نحن نردد للأسف ببغائياً ما ترمي به الينا الألة الاعلامية اليهودية الضخمة والذكية جداً، ونحن نبتلع كل انتاجها بسذاجة مطلقة ..
انه صراع حول المفاهيم ..انها تلاعب بما ندعوه
Terminology او علم التسميات 
الذي يتبناها كل اعلامنا العربي ،دونما دراية او فهم او تمحيص .
لا شيء يبرر تدمير مبنيين سكنين بهدف التخلص من قيادي ما او شخص ما ،هذا ما يؤكده القانون الدولي الذي ارتضت به كل امم الأرض بإستثناء اسرائيل .
يحاول العدو ان يجعل العالم يوافق على ما اقترفه ،مبرراً قتل مدنيين ابرياء تحت " لافتة محاربة الأرعاب " التي تستسيغها كثير من الأمم .
هذا البحث يقودني الى حوار دار ذات يوم بيني وبين السفير الفلسطيني في لبنان  الصديق عباس زكي منذ حوالي عشرين سنة  
عندما رجوته ان يقنع كل ما هو فلسطيني وعربي على حذف عبارة :
مستوطن من القاموس السياسي العربي والفلسطيني تحديداً…. فتعجب وقال متسائلاً : لماذا ؟؟ 
شرحت له اللعبة الصهيونية التي تقضي بإستعمال العبارة وهي 
بالإنكليزية : Settlers 
وهي ما كان يطلقه الاميركيون على اجدادهم واسلافهم المهاجرين من اوروبا الى العالم الجديد ،اي الرواد 
الاوائل :
Pioneers 
والهدف هو ايهام الرأي العام الاميركي ان ما يقوم به المستعمرون الغزاة الصهاينة يتماهى بالمطلق مع ما قام به الرواد الاميركيون اي الاوروبيين الغزاة، وكأني  بالبروباغندا اليهودية تحذر الاميركي .. اي اميركي فتقول له دون الحاجة لقوله : انتبه عليك بالتفكير ملياً قبل الاعتراض على ما نفعله بالفلسطينيين والعرب بقتلهم وتهجيرهم واحلال 
جماعاتنا  اليهود مكانهم .. فأجدادك ايها الاميركي الحنون فعلوا ما فعلوه بالهنود الحمر سكان الارض الاصليين ،ونحن كيهود نمضي على خطاهم .. لا تحاول ادانتنا لكي لا تُدان ونفتخ لك سجل اجدادك الدموي !!!
اقترحت يومها على السفير ذكي ان نستعمل عبارة المستعمرين بدلاً من مستوطنين ،متكئاً في ذلك على رفض الاميركيين للإستعمار الاوروبي الذي لطالما كانوا يأنفون منه .
وافقني الرأي ،وعلق بأن قليلين من العرب ينتبهون لهذا الأمر .
وهذا موضوع مهم جداً كتبت عنه وسأنشر ما كتبته لاحقاً ان شاء الله .

وبالعودة الى لب الموضوع يقول الاستاذ حازم ان صحيفة "يديعوت احرونوت "الاسرائيلية ذكرت ان العدو يخطط لعملية تفجير اجهزة الاتصال منذ خمس عشرة سنة ،كما ذكر ان احدى شبكات الأخبار الأجنبية التي تدعى :
A B News 
نقلت عن لسان رئيس ومؤسس شركة :

Gold Appolo 
شو تشنغ كوانج ومقرها  تايوان :ان شركته لم تصنّع 
أجهزة الإتصال التي فُجرت في لبنان وسورية بل صنعتها شركة :
BAC Consulting 
ومقرها في بودابست ،وهي لديها ترخيص لإستخدام 
علامة شركته التجارية .
كما صرح وزير الإقتصاد التايواني ان مكونات مستخدمة في صنع البيجر المتفجر لم تصنع في بلاده ،وان السلطات تحقق في القضية .
وهذا الكلام ان تأكدت صحته فهو يعيدنا الى الخبر الذي نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز "حول مالكة 
شركة  BAC Consulting كريستيانا روزاريا بارسوني 
التي ادعت انها كانت مجرد وسيط في الصفقة بين الشركة الأم في تايوان ومشترين لبنانيين .. قالت بضع كلمات نفت فيها مسؤوليتها عن التصنيع في تصريح هاتفي يتيم مع احدى وسائل الإعلام، قبل ان تتوارى !!
هنالك جهتان معنيتان : شركة في تايوان قديمة تصنّع اجهزة اتصالات وشركة مستحدثة غامضة في 
بودابست .. ان طرف الخيط لبداية تلمس بعض الحقيقة يكمن في التناقض الحاصل بين الشركتين المذكورتين !! شركة تقول ان الأجهزة المنفجرة تم 
تجميع اجزائها التي تصنعها الشركة الام اي النبع 
التايوانية في بوادبست ،والشركة الغامضة الهنغارية تنفي ذلك وتدعي صاحبتها انها كانت مجرد وسيط بين البائع اي الصانع والمشتري اللبناني وهي لعبت دور السمسار فقط لاغير !!!

اذا كان كلام كريستيانا روزاريا بارسوني صادقاً فلماذا توارت واختفت ؟؟؟
تقول السلطات التايوانية انها تحقق في الموضوع ،
ولكن من هي الجهة اللبنانية التي تتابع مسار القضية مع السلطات المذكورة اي :
Follow Up ??
ماهو دور السلطات المجرية هنا ؟؟ 
هل اوعز لسفارتنا في بودابست القيام  بما يلزم 
على المستويين الدبلوماسي والسياسي وحتى الأمني ؟؟
هل اتخذ وزير الخارجية عبدالله بو حبيب اي قرار بهذا الخصوص ؟؟
هذا ليس كلاماً من قبيل المزايدة، بل هدفه كشف ما يمكن كشفه او تسليط الضؤ على المسلك الواجب اتباعه حتى ولو اضطرت سفارتنا في بودابست ان تتحرى عن الموضوع بالإستعانة بأفراد من الجالية اللبنانية هناك لتجميع ما امكن من المعلومات خصوصاً  في غياب ملحق عسكري لبناني في البعثة المذكورة ،وبطريقة لا تتجاوز حدود سيادة هنغاريا .

ليس لدينا سفارة في تايوان ،وسفيرنا في الصين لا يمكنه ان يقدم شيئاً نظراً لحساسية العلاقة بين بكين وتايبه ..وهنا يأتي دور القناصل الفخريين ولا ادري اذا كان هنالك قنصل فخري لبناني في تايوان ،
ولكن من الضروري بل من الواجب التواصل مع السلطات التايوانية للتأكد من صحة كلام صاحب الشركة المصنعة الام من عدمه . 
كذلك من الواجب التواصل مع السلطات الهنغارية عبر سفارتنا في بودابست .

كلنا نقرّ ونعترف بأن عملية التفجير كانت معقدة جداً ويُعمل على التحضير لها منذ فترة طويلة كما نقل الاستاذ حازم عن الصحيفة الاسرائيلية ،وقد لا نكتشف اسرارها التقنية والمخابراتية ،ولكن اذا كان الأمر صعباً من هذه الناحية فإن العمل الأمني والمخابراتي المضاد، الذي يوصلنا للفاعل والمشترك والمسهل والمساعد ليس مستحيلاً، او على الأقل يجب الا يكون كذلك .