مجلة الشراع 1 تشرين ثاني 2021

كنت في الجنادرية - ربمالآخر مرة - عام 2016 وهي مناسبة يلتقي فيها كل عام مئات المثقفين والكتاب والاعلاميين وبعض الساسة والفنانين العرب بدعوة من الحرس الوطني منذ ان ابتدع الراحل الكبير الشيخ عبد العزيز التويجري الفكرة ونفذها بدعم من ولي العهد ثم الملك الراحل الكبير عبد الله بن عبد العزيز

كان عاماً واحداً مضى على حرب اليمن التي بدأت في آذار عام 2015

وفِي بهو فندق الانتر كونتيننتال في الرياض كانت تجمعات الحضور تشعل النقاش في كل شؤون الوطن العربي من دون رقابة الا لمن يجذبه النقاش الساخن حول قضية معينة فيقترب ليسمع ولا ندري الى اي جهة سيذهب تعدد الاراء او ان كان سينقل بدقة وكيف سيستخدم .. لكن ما علمته بعد ذلك انني وقد كررت امام الحضور العربي ومنه السعودي واللبناني والمصري والسوري والفلسطيني والمغربي ... انني كنت ضد الحرب التي تجري في اليمن مردداً وبحماس كلماتي التي كتبتها في الشراع : كان يمكن الاستغناء عن هذه الحرب بشراء علي عبد الله صالح مادياً ورشوته ليقف هو في وجه الحوثيين وقد كانوا اصحابه من دون ان تتورط السعوديةفي هذه الحرب التي لا يمكن كسبها عن طريق القصف الجوي ، وقد عرف العالم ان رهان الامير محمد بن سلمان على مشاركة برية من دول عربية مثل مصر والجزائر.. ودول اسلامية مثل الباكستان وتركيا واندونيسيا ونيجيريا غير وارد وقلت للحضور:

هل لاحظتم ان مجلس النواب في الباكستان عقد جلسة طارئة ليصدر قراراً بمنع إرسال قوات مسلحة الى اي جهة في العالم، وهو يقصد اليمن؟

هل سمعتم النقاش الاعلامي الموجه في مصر الذي ركز على مسألتين :

الاولى ان الامير محمد بن سلمان بدأ الحرب ولم يطلع على قراره الرئيس عبد الفتاح السيسي وبالتالي فإن مصر لن ترسل قوات الى اليمن للمشاركة في حرب لم يتم استشارتها بها قبل ان تبدأ!!
الثانية وهذا رأي خصوم واعداء عبد الناصر وهي ان المصريين لا يحتفظوا بذكريات جيدة عن الدور المصري في اليمن حتى يكونوا مستعدين لتأييد ارسال جيشهم للقتال من جديد فيها!!

في اليوم التالي وكنا في بهو الفندق ايضاً يقترب مني صديق عزيز على قلبي يأخذني بعيداً عن الحضور ليسألني:

ما رأيك لو تكون ضيفًا على محطة فضائية سعودية؟

رحبت بداية قائلاً له: هذا امر يشرفني ولكن ما هي هذه المحطة؟ ولمن تتبع؟ فأشار الى انها محطة سعودية جديدة وهي تنطلق بقوة ومدعومة من جهات رسمية والمشرفون عليها يريدون الاستماع الى كل الآراء حول كل المواضيع ..

اتفقنا على اللقاء في اليوم التالي وقبل تناول وجبة الغداء الجماعية في الفندق .. في الموعد المحدد انطلقنا مع الصديق العزيز خارج الرياض الى فيلا جديدة جهزت احدى غرفها على يمين المدخل لتكون ستوديو صغير اجريت فيها اللقاء لمدة ساعة وكان العنوانان الاساسيان عن ايران وعن حرب اليمن.

كررت في الحديث عن حرب اليمن كل ارائي وافكاري التي كنت ارددها في ردهات الفندق وقد ساعدني ترداد الكلام على الانسياب في الحديث وعلى سجيتي ومن دون اي حرج وإن كان يخطر في بالي اثناء ردي على اسئلة المذيع مقدم البرنامج اللبق انني اتحدث على طريقة صديقك من صدقك لا من صدقك ..

قلت بصراحتي المعهودة: لقد علمت ان السنة الاولى من الحرب كلفت المملكة عشرين مليار دولار ولو كانت المملكة دفعت نصف هذا المبلغ لعلي صالح لكان هو تكفل بحرب الحوثيين ولوفرت الرياض على نفسها هذا الاستنزاف ...

انتهى الحوار المصور وراح الفنيون يوضبون معداتهم فسألت المحاور: متى ستبثون هذا الحوار؟

فأجابني: بعد ان نعرضه على سمو الامير..

فكررت سؤالي وبدهشة هذه المرة: اي امير؟

فرد كأنه يعاتبني: استاذ حسن ، الامير محمد بن نايف ( وكان ما يزال ولياً للعهد وزيراً للداخلية ) .

في طريق عودتي الى الفندق رحت احلل في صمتي انني دخلت من حيث لا ادري في صميم صراع داخلي في المملكة العربية السعودية حول حرب اليمن، وما كنت اردده في ردهات الفندق السعودي حول اعتراضي عليها بين عدد من الاصدقاء يمكن ان يشاهده بعد ذلك الآلاف ويصبح ربما مادة استقواء لوجهة نظر على اخرى داخلية...

وبينما كنت اعتقد ان كلامي لن يتم اذاعته فوجئت بأن الحوار بث كاملاً من دون حذف اي حرف

الشراع