ما هي حقيقة مخطوطات وادي قمران التي أخفاها اليهود

عبد الهادي محيسن

الشراع 1 ايار 2023

ما هي حقيقة مخطوطات وادي قمران وماذا كان فحواها ولماذا أخفاها اليهود ؟ ...ففي العام 1947 كان صبيان من بدو التعامرة يرعيان الأغنام في خربة قمران عثرا في إحدى الكهوف على لفائف من الجلد العتيق عليها كتابة وهي المجموعة الأولى التي عرفت فيما بعد بمخطوطات البحر الميت .

ولأن الصبيان لا يعرفان القراءة فقد ذهبا الى شيخ مسلم في سوق بيت لحم الذي أدرك أن اللفائف مكتوبة باللغة السريانية ، فأشار على الصبيان بمراجعة التاجر خليل اسكندر شاهين الذي اتصل بدوره بالتاجر السرياني جورج شعيا ، الذي بادر بإعلام المطران صموئيل بدير مرقص للسريان الأورثوذكس بالقدس القديمة ، وقد ذكر صموئيل أن الكتابة سريانية واشتراها بمبلغ زهيد ، ثم ترك القدس متوجها الى الولايات المتحدة الأميركية .

وما أن ذاع نبأ اكتشاف هذه المخطوطات حتى بدأت أعمال التنقيب في سفوح التلال المكشوفة على البحر الميت ولسنوات عدة وكانت بطرق شرعية وغير شرعية ، وفي العام 1960 جمع في المتحف الفلسطيني جزء من المخطوطات المكتشفة وعكف على دراستها مجموعة مهمة من الباحثين ، منهم العالم الفرنسي رولان ديفو وكانت مؤلفاته حول الموضوع مرجعا أساسيا ، وأفاد الإسرائيلي أهارون كاديسكي أنه إذا قبلنا بيهودية جماعة قمران فهذا يعني بطلان اليهودية الحالية .

وبالإجمال فقد تم اكتشاف ما لا يقل عن ستمائة مخطوط تقارب أربعين ألف صفحة ووثيقة معظمها باللغة العبرية القديمة والآرامية وقليل باليونانية وهي مكتوبة على أوراق البردي وجلود الغزلان والماعز ويعود تدوينها الى العام 200 قبل الميلاد الى 70 ميلادية تقريبا وتحتوي على أسفار العهد القديم ، المعتمدة عند اليهود والنصارى مع الكثير من التحريف وحوالي ثلثي المخطوطات أي بما يعادل خمسة عشر ألف صفحة هي لكتب غير موجودة بالعهد القديم الآن ، يقول الله تعالى :

" وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى هدى ونورا للناس ، تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرأ وعُلّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباءكم ، قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " ، ويقول سبحانه وتعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يُبيّن لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ، ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " ...

لقد أخفيت هذه الكتب منذ أكثر من ألفي عام ولم تظهر إلا في قمران على البحر الميت وأن أمر إخفاء كتبهم المقدسة لازال يحدث حتى الآن مصداقا لقوله تعالى : " وبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذُكّروا  به ولا نزال نطلع على طائفة منهم إعفوا عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين .

وعندما ظهرت هذه المخطوطات بدأ المحققون والعلماء بنشرها وكان النشر بطيئا جدا ثم حدث ما كان في الحسبان فقد عملت السلطات الإسرائيلية على منع الإطلاع على هذه المخطوطات وبعد كثير من المحاولات سمحت السلطات الإسرائيلية على الإطلاع على هذه المخطوطات فقط لمن تراه مناسبا من العلماء المؤهلين من وجهة نظر السلطات الإسرائيلية وكانوا ثمانية ومعظمهم من اليهود واشترطوا عليهم أن لا يقوم بنشر أي أحد منهم صورة لمخطوطة أو عرض نصها بل فقط يمكنه نشر إستنتاجاته أو نشر بعض الفقرات التي توافق عليها السلطات الإسرائيلية .

وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أنهم يخفون ماوراء هذه المخطوطات فلا يعلمه إلا الله سبحانه ، وبدأت الكتب تظهر مرة أخرى حسب الشروط المتفق عليها فلا تظهر من المخطوطات إلا بإذن السلطات الإسرائيلية ، وبدا أن الحصول على إشارة واضحة من المخطوطات يكاد يكون مستحيلا ... ولكن بفضل الله الحق ساطع مهما فعلوا فالمخطوطات تحوي كتبهم المخفية مثل أخنون وتهاليل ووصايا الآباء الإثنتاعشر ووصية لاوي إضافة الى وصية الأسينيين النظام ويمثل عقائد هذه الطائفة اليهودية .

ولهذا السفر ملحقان الأول بعنوان الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة وفي هذه المخطوطات أيضا ما يسمى وثيقة دمشق وتتكلم عن شدائد تحيط بمعلم الصلاح ويضاف الى ذلك سفري الوصايا وتراتيل الحمد والشكر وبعض المخطوطات التفسيرية سفر حفقوق والمزامير وفيه ذكر للشدائد التي ستحل وهناك الكثير من جذاذات ومخطوطات أخرى مثل مخطوط لاماك وهو مكتوب باللغة الآرامية من تسعة عشر عمودا تتضمن تعليمات إدارة الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة .

ويقول خبراء الآثار أن هذه المخطوطات تعود أهميتها الى أنها تحتوي على أقدم نص مدون للتوراة وللديانة اليهودية وقد كشف عن إختلافات جوهرية بينه وبين المعروف حاليا وهذا هو السر الذي جعل حكومة إسرائيل تعمل على إخفاء الكثير من المخطوطات بالإضافة لاحتواء المخطوطات على أمرما يهدم الديانة اليهودية الحالية ومواصفات مُعلّم الصلاح المفترض أنه الشخصية المحورية لهذه الطائفة وسيتضح أنه هو المسيح عيسى بن مريم الذي أنكروه مع إنجيله الأول ..

وبالتالي سيظهر هيمنة الإسلام وأنه الدين الحق الخاتم لكل الأديان .. وحين استكملت إسرائيل احتلالها لكل فلسطين سيطرت على كل محتويات المتحف الفلسطيني وهو متحف دولي أسس في عهد الإنتداب البريطاني وحين استولت اسرائيل على الضفة الغربية نقلت المخطوطات الى متحف الكتاب المقدس في القدس الغربية .

وهذه المخطوطات هي مكتبة لطائفة من اليهود التي عاشت أجيلها قبل المسيح بمائتي عام حتى عاصرت عهده أربعين عاما كما هو مذكور في مخطوطاتهم قبل تركهم المكان وهي طائفة يهودية متدينة زاهدة مثالية في أخلاقها ومعاملاتها وقد اعتزلت القدس والمدن اليهودية بسبب فسادهم وبعدهم عن شريعة موسى عليه السلام وأقامت وطنا لها بوادي قمران أمام الكهوف البرية على شاطئ البحر الميت ولما أرسل الله المسيح آمنوا به وناصروه .

عبد الهادي محيسن كاتب ... وباحث .