بيروت | Clouds 28.7 c

لبنان اليوم: "اللاموقف" يتصدر المشهد ولعبة الخطوط الحمر تتحكم / خاص- الشراع

 

لبنان اليوم: "اللاموقف" يتصدر المشهد ولعبة الخطوط الحمر تتحكم / خاص- الشراع

الشراع 27 حزيران 2022

"اللاموقف" هو العنوان الذي يصح اطلاقه اليوم على التموضع الذي آثر عدد غير قليل من الاطراف اعتماده كخيار لهم، وترجم في الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف يتولى تشكيل الحكومة الجديدة.

وليس رقم الـ 46 نائباً الذين لم يسموا احداً في الاستشارات عدداً عادياً ، خصوصاً وإنه  من جهات عديدة واصطفافات مختلفة ، بينهم من هم في السلطة وبينهم من هم في المعارضة وكذلك بينهم من يطرح التغيير شعارا ًووصل الى الندوة البرلمانية من خلاله.

وحتى الذين سموا الرئيس نجيب ميقاتي او السفير نواف سلام، ليسوا بعيدين عما ورد ولو من ابواب اخرى، تراعي اولاً الصورة التي يريدون تظهيرها لموقفهم من خلال عمليات تجميل ليس الا.

ومرحلة اللاموقف الحالية، وان كان مرجحاً انها لن تطول، تتجسد من خلال سيناريوهات عديدة بات اللاعبون اللبنانيون والمقصود الطبقة او المنظومة السياسية على اختلاف تلاوينها واصطفافاتها يتقنون كل فنونها والاعيبها وما قد تنطوي عليه من قطب مخفية .

ويتفنن الجميع في تبرير ما يقومون باتخاذه من قرارات، للتغطية واحياناً للتعمية على ما انتهجوه من خيارات ، خصوصاً وان لعبة تقاذف الاتهامات باتت مكشوفة ، وهي ليست سوى مجرد محاكاة ولو على الطريقة اللبنانية لمسالك المسار الخارجي للصراعات القائمة والمحاولات الجارية من اجل التوصل الى تفاهمات ترسي دعائم معادلات جديدة للاوضاع  والسياسات والعلاقات بين دول المنطقة والعالم.

فموقف رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع الذي لم تسم الكتلة النيابية التي يترأسها اي مرشح لرئاسة الحكومة ، وإن كان شكل ما يشبه "البيعة" بالتعبير الدارج للرئيس ميقاتي من اجل ان لا يكون عقبة امام تكليفه من جديد، هو محاولة من اجل ان لا يكون موقف حزبه او كتلته النيابية متضارباً مع توجهات خارجية لن يكون لبنان بعيداًعن التأثر بانعكاساتها المباشرة وغير المباشرة.

اما زعيم المختارة وليد جنبلاط على سبيل المثال لا الحصرايضاً ، فان موقفه لا يختلف في المضمون عن موقف جعجع، وان كانت كتلته سمت السفير نواف سلام بناء لرغبة نجله تيمور كما تردد .

وهو امر مهما قيل عنه سلباً او ايجاباً لا يتجاوز الشكل والظاهر اما في المضمون ، فان السمة الغالبة عليه من خلال ما معروف ومثبت عن واقعية وبراغماتية وليد جنبلاط انه عملياً تعبير عن انتظار لما سيحمله القطار الاقليمي والدولي الذي سيكون لبنان من ضمن القاطرات الملحقة به.

وعلى المقلب الاخر فان الصورة مشابهة ولو بوجوه مختلفة وعديدة ، ولكن الابرز فيها هو ان تسمية نجيب ميقاتي لم تكن بعيدة عن مرحلة تقطيع الوقت بانتظار الانتخابات الرئاسية سواء جرت قبل انتهاء ولاية ميشال عون بعد اربعة اشهر تقريباً ، او ارجئت الى ما بعدها.

وبالاجمال ،فان ما يمكن قوله في هذا المجال ، وهو كلام يستند الى معلومات أمكن لـ"الشراع" رصد بعض جوانبها، هو ان لعبة عدم تجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة للبنان ، يلتزم بها الجميع سواء الاطراف الداخلية او الاطراف الداعمة لها في الخارج.

والكلام عن الخطوط الحمر النافذة حتى اشعار اخر يتناول اوجهاً عديدة وملفات وقضايا شهدها لبنان مؤخراً وسيشهد المزيد من فصولها بانتظار تبلور صورة المشهد في الاقليم ومآل الصراعات التي يشهدها والتي يتم وضعها في هذه الفترة على نار حامية باتجاه تسوية ما هو عالق منها وحل ما يمكن حلها منها.

ووفق المعلومات نفسها فان الانتخابات النيابية في لبنان التي جرت في الخامس عشر من شهر ايار- مايو الماضي لم يكن لفصولها ان تكتمل لولا لعبة الخطوط الحمر المشار اليها.

فعدم اجراء الانتخابات النيابية كان بمثابة خط احمر ممنوع تجاوزه .

وهو خط احمر عمل كل الاطراف في لبنان على الالتزام به ،فحصلت الانتخابات بيسر وبشكل طبيعي رغم الظروف الصعبة والاستثنائية وغير المسبوقة التي يمر بها لبنان حالياً، وهي اسوأ بكثير من الاوضاع التي كان لبنان شهدها قبل حوالي عشر سنوات عندما تم التمديد لمجلس النواب مرات عديدة .

واللائحة تطول على هذا الصعيد ، والقسم الاكبر منها يطال اي جهد او توجه او محاولة للخروج من حال الازمة التي يمر بها لبنان مالياً واقتصادياً ، الا ان بين لائحة الخطوط الحمر هذه وحتى اشعار اخر ما يتعلق بعدمالسماح بالذهاب الى حرب اهلية كتلك التي شهدها في العام 1975 وامتدت لمدة 15 عاما الى حين اقرار اتفاق الطائف.

كما يشمل الحديث عن اللائحة المشار اليها ملفات وقضايا واوضاعاً اخرى ، لا مجال الان للاسترسال في الحديث عن مندرجاتها وتفاصيلها.

الا ان هناك كلاماً في هذا السياق عن عهد ميشال عون الذي ثبت وبالدلائل الملموسة ان لعبة الخطوط الحمر دمرته وجعلته عهد جهنم والاسوأ في تاريخ لبنان، رغم ان هناك الكثير من القوى السياسية التي ترى ان رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل تكفلا من خلال ادائهما بتنفيذ ما رمت اليه لعبة الخطوط الحمر هذه.

وبمعزل عن كل ما حصل سابقاً ، فان المهم اليوم هو محاولة معرفة ما يمكن ان نشهده حاضراً ومستقبلاً ولذلك فان السؤال المطروح اليوم هو:

هل ان الانتخابات الرئاسية التي يفترض ان يبدأ موعد اجرائها قريباً هي جزء من لعبة الخطوط الحمر هذه ؟ واذا كانت جزءا منها وهو امر لا جدال حوله هل انه تؤثر عليهاسلباً او ايجاباً.

وبمعنى اخر، هل ان لعبة الخطوط الحمر المشار اليها تفرض على لبنان والمنظومة السياسية بكل اشكالها وتلاونيها اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها؟

ام انها ستفرض على لبنان الذهاب باتجاه فراغ رئاسي قصير او طويل الامد تبعاً لتطورات المشهد في المنطقة او الاقليم والملفات الشائكة التي يجري العمل على ايجاد تسويات لها؟

وما هو مصير  حالة "اللاموقف" السائدة و التي يلتزم بها الفرقاء الاساسيون في اطار لعبة الخطوط الحمر التي ما من شك انها لن تنتهي الا بولادة لبنان جديد مختلف عما شهدناه طوال عقود.