بيروت | Clouds 28.7 c

حديثٌ استعماريّ! رائد عمر - العراق

 

حديثٌ استعماريّ!
رائد عمر - العراق

الشراع 1 شباط 2023

   منذُ نِصفِ قرنٍ ونيفٍ , وربما اكثر قليلاً , توقّفَ او امتنع الإعلام العربي , وبالأحرى وسائل الإعلام العربية المختلفة عن ذِكر وتداول واستخدام مفردة  وربما اصطلاح < الإستعمار > , ولعلَّ ما دفعهم او جرّهم لهذا الإمتناع " الذي لم يكن  " تصادفيّاً " , فهو توقّف الملوك والرؤساء والأمراء العرب في إدراج هذه المفردة " الإستعمارية " في خطاباتهم وتصريحاتهم , والأنكى حتى في احاديثهم الثنائية مع زعماءٍ عربٍ آخرين , بل وحتى في اوساطهم الداخلية < ولامن ضرورةٍ للقول حتى في اوساطهم العائلية > .! .. هذا وكأنّ قوى الإستعمار غدت من اصحاب الدار , بل هي مَنْ تُملي القرار.!
     يمكن القول بصورةٍ او بشكلٍ آخرٍ أنّ التخلّي والإبتعاد وحتى حالة الطلاق بالثلاث من هذا الإصطلاح , قد كانت بداياتها الأولية في الفترة التي اعقبت رحيل الزعيم جمال عبد الناصر , وقد عزّزها وجذّرها  
الرئيس السادات بشدّة منذ زيارته لإسرائيل وعقده اتفاقية كامب ديفيد , التي كانَ يُسمّيها الرئيس السوري السابق بإتفاقية < مخيّم داود > كترجمةٍ حرفيةٍ دونما أبعادٍ سياسيةٍ والى حدٍ ما , لكنّ هذا السبب او الإفتراض الذي يترتّب عليه احتضان وعناق سياسي مصري – امريكي , فلا يعفي كلا الدَّورين البريطاني والفرنسي وتأثيراتهما في شؤون المنطقة العربية وبأساليب الدبلوماسية المُحدّثة او المستحدثة – المغلّفة والقائمة الى حد الآن ! , لكنّه لا ينبغي تسديد نبال اللوم وسهام العتاب على دول الإفرنجة تلك " التي تعمل لمصالح دولها " , قبلَ أنْ نلحظ تمسّك بعض عرب دول المنطقة او زعمائها بعالم الغرب عموما وارتباطاتهم النفسية والسياسية به والى أبعد الحدود اللائي تخلو من حدود .!  
   في رصدٍ تتابعيٍّ " وقد يغدو غير متسلسلٍ جراء تداخلات ومداخلات الأحداث الإقليمية – الدوليّة " , فإنّ دولاً اواقطاراً عربيةً محددةً وثابتة " دونما تسميتها هنا .! " , لكنّ ما يجمعها او" القاسم المشترك الأعظم " في بينهم , فإنّها اولاً وفي البداية فهي انظمةٌ رأسمالية , وهي نُظمٌ ملكيّة ال " ستايل " ومتوارثة وتتوارث الحكم عبر اولياء العهد , كما انها بغير الموالاة والتبعيّة المفرطة للسياسة الغربية – الأمريكية , فإنها مُعرّضة لتفقد كراسيها وربما حتى فراشها الملكي المرصّع  .
  من المحزن – المؤسف أنّ ها ما امسى واضحى الواقع العربي طوال هذه الحقبة الزمنية الطويلة , وكأنّه استجابةٌ ممغنطة للمتغيرات والتحولات الدولية – الأقليمية المرسومة مسبقاً للمنطقة العربية , ممّا جعل بعض الأقطار العربيةً تحارب بعضها " بوسائلٍ واساليبٍ مختلفة , لعلّ اهمها دعم الحركات الإرهابية في بعضٍ من تلكم الدول , واخرى بتمويل جهات المعارضة في السلاح والأموال وبهدف اسقاط انظمة الحكم فيها , ثمّ ما يتصدّرها في إحداث القلقلة والفتنة الداخلية فيها , لتغدو الخطوة التي تعقبها في استحداث ميلشياتٍ داخلية تقاتل بعضها وتلتقي بالضد من الأنظمة .
مع هذا التردّي المسرف , فلا شكّ أنّ الأحزاب والقوى الوطنية والقومية تتحمّل الجزء الأكبر أمام تراجعها وربما انسحابها أمام حركات التيار الديني او الإسلام السياسي في عددٍمن الأقطار العربية , لكنّه بجانب ذلك او ما يسبقه او يعقبه فيتمثّل في شبه انعدام الوعي الفكري والقومي لنسبةٍ مرتفعةٍ من شرائح الجمهور العربي .! , وباتت العرب كأنّها تستعمر نفسها , وكأنّها كذلك تُفسّر الإستعمار بالإعمار من زاوية الإشتقاقات اللغوية على الأقل .!