بيروت | Clouds 28.7 c

جون كنيدي دفع ثمن اصراره على تفتيش مفاعل ديمونا !! كتب: احمد العربي

 

جون كنيدي دفع ثمن اصراره على تفتيش مفاعل ديمونا !!
كتب: احمد العربي

الشراع 3 كانون اول 2023

المشروع الذي أخفاه العدو الإسرائيلي لعقود ، وغضت الولايات المتحدة الأمريكية والغرب النظر عنه .
ديمونا  هي ثالث أكبر المدن في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة. تقع المدينة على بعد 36 كم جنوب بئر السبع ، و35 كم غرب البحر الميت ،وترتفع حوالي 600 م فوق سطح البحر. حمل المفاعل اسمها . 
وأقيمت ديمونا في العام 1955. عندما أستوطنت فيها 36 عائلة يهودية مهاجرة من شمال أفريقيا ،تمت تسميتها بهذا الإسم بناء على آية من سفر يهشوع من العهد القديم، أعلنت ديمونا مجلسا محليا في العام 1958. وأعلنت مدينة وفي العام 1969. 
إزداد عدد سكانها تدريجيا بعد أن قدم إليها مهاجرون يهود من الإتحاد السوفييتي ودول أخرى خصوصا في عقدي السبعينيات والتسعينيات من القرن العشرين. ويسكنها اليوم حوالي 40 ألف نسمة.
روج له  العدو الصهيوني خلال السنوات الأولى باعتباره مصنع نسيج وخيوط ،ثم اعترفت بأنه مشروع بحث لأغراض سلمية لكنها رفضت  التوقيع على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية .وخدع المئات من المراقبين الدوليين ،لكن فضيحته المدوية أزاحت الستار عن هذا السر الذي اخفاه العدو الإسرائيلي لعدة عقود ،والذي تبين أنه أضخم مشروع نووي في منطقة الشرق الأوسط.
بهذا الغموض المتواصل ظل العدو الإسرائيلي يحتفظ بسرية ترسانته النووية لأكثر من 6 عقود وهي سياسة انتهجها كل من حكام اسرائيل على مر العقود تندرج تحت المصطلح العبري "عموميت" الغموض المتعمد. لسياسة الملف النووي .
بعد سنوات قليلة من إنشاء الكيان الصهيوني على ارض  فلسطين في العام 1948.. اسست إسرائيل "هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية" في العام 1952. ومنذ ذلك الوقت تعمل الهيئة النووية بشكل متسارع في أستخراج اليورانيوم من صحراء النقب ،إذ تمكنت من تطوير طريقة لإنتاج الماء الثقيل .الذي وفر للعدو الإسرائيلي قدراته الخاصة على إنتاج احد العناصر المهمة في المجال النووي. و بعد نحو خمسة أعوام من المفاوضات مع فرنسا ،وقعت إسرائيل في أواخر سبتمبر / أيلول في العام 1957اتفاقية معها  تقضي بانشاء مفاعل نووي في ديمونا،   مستعينة بالعلماء الفرنسيون لأغراض ادعت إسرائيل حينها أنها سلمية ،وعلى بعد 90 كيلو مترا من مدينة القدس المحتلة ونحو 36 كيلو مترا من حدود الأردن  وأبعد بقليل بنحو 65 كيلو مترا من حدود مصر . تدخل المهندسون  الفرنسيون لبناء مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية، ومفاعل نووي لإسرائيل ومحطة إعادة معالجة قادرة على فصل البلوتونيوم عن وقود المفاعل المستهلك ..إذ كان أمر هذه المحطة أشد سرية من المفاعل النووي  الإسرائيلي كان يهدف إلى إنتاج الأسلحة وليس لأغراض سلمية ،حسب مزاعم العدو  الإسرائيلي. وبحلول نهاية عقد الخمسينيات بدأت  ديمونا وكأنها مدينة فرنسية إذ كان يعيش فيها 250 مواطن فرنسي وافتتحت لهم المدارس والثانويات والجامعات الفرنسية وامتلأت الشوارع بسيارات رينو الفرنسية ، إلا أن العمال في المدينة كانوا قد منعوا من الكتابة المباشرة إلى عوائلهم واصدقائهم واقاربهم في فرنسا،  وأي مكان آخر حسب ما نقله الصحفي الاستقصائي الأميركي سيمور  هيرش. في كتابه خيار شمشون. في المفاعل لم تكن اعين الولايات المتحدة الأمريكية مغمضة عن التطورات في ديمونا ،إذ اصرت أميركا في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي على إرسال مفتشين أميركيين للتأكد  من صحة المزاعم الإسرائيلية ،بأنه مفاعل لأغراض سلمية فقط بهدف توفير المياة للأراضي الزراعية في صحراء النقب، كما كان يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون ..وفي الحقيقة حاول العدو الإسرائيلي اخفاء المشروع عن الولايات المتحدة الأمريكية، بل إنها ادعت لعقود أنه مشروع معمل نسيج لكن تقارير الاستخبارات الأمريكية في ذلك الوقت كشفت الأمر، وتوصلت إلى مدى جاهزية المشروع إذ ذكر تقرير كتب في شهر يناير / كانون الثاني في العام 1963. ورفعت عنه السرية في العام 2017. 
أن مفاعل ديمونا كان يعمل بأقصى طاقته ،ويمكنه بذلك ان ينتج ما يكفي من البلوتونيوم لصنع سلاح أو سلاحين نوويين سنويا. وهو ما زاد من إصرار الإدارة الأمريكية وقتها ،على ضرورة إرسال بعثة لزيارة المفاعل النووي ،وهذا ما حدث فعلا بعد تنصيب ليفي أشكول رئيسا للوزراء في يونيو / حزيران في العام 1963. الذي وافق على السماح للعملاء الاميركيين في إجراء زيارات منتظمة إلى مفاعل ديمونا النووي ،وصلت إلى ستة عمليات تفتيشية أميركية سنويا لمجمع ديمونا ما بين عامي 1964_ 1969. تلك الزيارات جاءت بعد رفض إسرائيلي لطلبات الوكالة الدولية للطاقة النووية بزيارة مفتشين للمفاعل النووي وعوضت ذلك بفيزيائييون أميركيين دون السماح لهم باستخدام معداتهم الخاصة أو جمع العينات بل وصل الأمر إلى منعهم من استكشاف أماكن سرية داخل مجمع المفاعل النووي، من خلال بناء جدران زائفة حول صف المصاعد التي تنزل ستة مستويات إلى مصنع إعادة المعالجة تحت الأرض والذي عرف لاحقا. 
لاحظوا ان الرئيس جون كنيدي ،الزم العدو الصهيوني بقبول التفتيش الدولي والاميركي على هذا المفاعل ، لكنه قتل في 20/11/1963 , وما زالت عملية اغتياله ، ثم اغتيال المتهم بقتله لي هارفي اوزوالد ، على يد اليهودي جاك روبنشتاين محاطة بكتمان شديد ،على الرغم من البحث والتدقيق لمعرفة من ارتكب الجريمة؟ وكيف ؟، وفي كل مرحلة تتكشف واقعة جديدة ،تميط اللثام عن جزئية معينة ، وآخرها ان حاكم ولاية تكساس حيث جرت عملية اغتيال كنيدي ، وكان الى جانب الرئيس في سيارته ، اثناء الجريمة اصيب في اللحظة نفسها التي اصيب بها كنيدي ، بما يؤشر الى ان اكثر من شخص شارك في عملية الإغتيال .
ولاحظوا ايضاً كيف توقفت  اميركا عن ملاحقة إسرائيل في التفتيش ، بعد ان تولى نائب كنيدي ليندون جونسون الرئاسة ، لإكمال فترة رئاسته ، ثم انتخب رئيسًا لفترة اربع سنوات اخرى ، وضعت خلالها  خطة العدوان الصهيوني _الاميركي على مصر في 5/6/1967.  بتشجيع وتحريض  من الملك السعودي فيصل ، لإسقاط جمال عبد الناصر .
بالعودة الى عمليات التفتيش في الموقع ماشون _ 2. وبالتزامن مع هذه الزيارات التفتيشية ،رفضت إسرائيل توقيع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي أبرمت في العام 1968. ومنذ ذلك الوقت بدأت الرواية الأميركية تأخذ منحى موازيا للرواية الإسرائيلية ،بشأن امتلاك العدو الإسرائيلي أسلحة نووية. إذ تعهدت إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية بأن لا تكون الدولة الأولى التي تملك سلاحا نوويا في منطقة الشرق الأوسط. 

مثلت حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني في العام 1963. نقطة تحول هامة في موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المشروع النووي الإسرائيلي ومع تنصيب ليندون جونسون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية قررت إدارة البيت الأبيض عدم قول اي شيء عن برنامج العدو الإسرائيلي النووي وعدم الضغط على إسرائيل للتوقيع على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية وبعد عدة سنوات من هذا الاتفاق الأميركي _ الإسرائيلي .وتحديدا في سبتمبر / أيلول في العام 1979. اكتشف قمر صناعي أميركي وميضا مزدوجا لاختبار سلاح نووي قبالة سواحل جنوب أفريقيا ..وبعد التحقيق في الحادثة اكتشف أنها تجربة إسرائيلية نووية من بين ثالث تجارب أخرى أجرتها إسرائيل بالتعاون والتنسيق مع جنوب أفريقيا، حين تكتمت الولايات المتحدة الأمريكية كعادتها على هذه التجربة النووية في إطار الاتفاق مع حكومات العدو الإسرائيلي المتعاقبة.
يقول عالم الرياضيات في المجال النووي ليونارد فايس ، في 
صحيفة الغارديان البريطانية _قيل لي  أن ذلك سيخلق قضية خطيرة للغاية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، إذا قلت أنه إختيار لقد كشف شخص ما عن شيء لا تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن يعرفه أحد.

ومضى  العدو الإسرائيلي في بناء ترسانته النووية،  بصمت ومباركة ورعاية أميركية وغربية متعاقبة مع كل رئيس جديد إلى أن وقعت الفضيحة الكبيرة في العام 1986. بعد أن كشف موردخاي فعنونو الذي كان يعمل فنيا في مجمع ديمونا النووي عن سر إسرائيل الذي تخفيه عن العالم أجمع. 
"موردخاي فعنونو" الذي فقد عمله في مفاعل ديمونا النووي في العام 1985. لم يرحل بيدين فارغتين ،  بل أخذ معه أسرار المجمع النووي الذي تخفيه إسرائيل تحت الأرض ، فكان ظهوره الأول بعد عام واحد من خروجه من منزله  بصدمة،  إذ كشف خلال لقاء مع "صحيفة صنداي تايمز البريطانية" عن امتلاك إسرائيل ترسانة نووية،  وعرض صور وأفلام تحت بند سري للغاية يشرحان جميع الأعمال ،  التي في مفاعل ديمونا والمعدات التي تستخدم في استخراج المواد الإشعاعية المخصصة للإنتاج العسكري ،ونماذج معملية للأجهزة النووية الحرارية،  تلك التسريبات كشفت أن المفاعل النووي  الإسرائيلي تبلغ طاقته 26 ميغاوات ومن المحتمل أن إسرائيل طورت قدراته ليعمل بنحو حوالي 150 ميغاوات ، وتبلغ معدلات إنتاج البلوتونيوم فيه نحو 40 كيلو غرام سنويا ، وهو ما يكفي لصنع 10 قنابل .كشفت التسريبات الأولى من نوعها الستار عن مشروع خفي لا يعلم عنه العالم اي شيء،  ان مفاعل ديمونا النووي بحسب الفني الإسرائيلي طور  أكثر من مرة  لزيارة قدرته الإنتاجية من مادة البلوتونيوم ، إذ كان يستطيع في العام 1985. إنتاج 1_2 كيلو غرام من البلوتونيوم أسبوعيا ،وهو ما يكفي لإنتاج 12 رأسا نوويا سنويا .في حين تشير التقديرات الحديثة الى  أن العدو الإسرائيلي يملك بالحد الأقصى 50 رأس نووي ،وقد يصل الرقم في اقصاه إلى 200 رأس حربي نووي ، وفي الوقت الذي لا يزال يعمل  فيه على تطوير منشأة ديمونا.
 ووفق صور الاقمار الصناعية الحديثة نشرتها "وكالة اسوشيتد  برس الأميركية" ظهرت أعمال حفر قرب المفاعل القديم ، بحجم ملعب كرة القدم ومن المحتمل أن يكون عمقها عدة طوابق تحت الأرض،  كما عملت إسرائيل على تحصين ترسانتها النووية من خلال قدرتها على توجيه الضربة النووية الثانية ، في حالة تعرضها لهجوم نووي عبر بناء مركز قيادة محصن في جوف الجبل في القدس الغربية بالقرب من مقر رئيس حكومة العدو الصهيوني في مركز يحمل إسم. "المركز القومي لإدارة الأزمات" تستطيع من خلاله قيادة العمليات في حالات الطوارئ الناجمة عن حرب بيولوجية ونووية ،تستهدف إسرائيل إضافة إلى ذلك تعاهدت إسرائيل لشراء غواصات نووية من ألمانيا تحمل إسم وعنوان الدولفين وهي غواصات قادرة على حمل صواريخ مزودة برؤوس نووية ،وباستطاعتها البقاء في عرض البحر لمدة أيام وقد حصل العدو الإسرائيلي على ثلاث غواصات في عقد التسعينيات من القرن الماضي ،وتسلم العدو  الغواصة  الرابعة في مايو / أيار في العام 2012. ومن المفترض أنه تسلم الغواصة الخامسة في العام 2014. وبحسب اتفاقية بيتورير. وفي مارس / آذار من العام 2012. حصلت  إسرائيل على غواصة متطورة وفي العام 2018. إذ مكنت هذه الغواصة  العدو الإسرائيلي من إطلاق صواريخه المحملة برؤوس نووية من نوع بوباي بمدى يصل إلى 1500 كيلو مترا . وكما كشفت تقارير غربية عن تطوير العدو الإسرائيلي ترسانة صواريخه النووية ليصبح صاروخ أريحا 3. عابرا للقارات بمدى يصل إلى 5 آلاف كيلو مترا.  
عاد موضوع النووي  الإسرائيلي إلى المشهد بعد توالي التهديدات من عدة شخصيات إسرائيلية بإمكانية استخدام هذه الأسلحة في قطاع غزة ، او على مستوى أكبر تزامنا مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية الطوفان الأقصى  التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في يوم 7 من شهر أكتوبر / تشرين الأول العام 2023. 
وقد أخفقت أكثر من 15 دولة عربية في تمرير قرار يخضع برنامج إسرائيل النووي للتفتيش الدولي ، في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا _ النمسا فس 15-9- العام 2003.. وأضطرت لسحب مشروع القرار على وعد أن يطرح المشروع النووي الإسرائيلي للمناقشة في اجتماع العام المقبل.

ومن يعش لن يرى 
احمد العربي

 الشراع