بيروت | Clouds 28.7 c

دير الأحمر المارونية تفتح قلبها للنازحين الشيعة / بقلم الشيخ حسن حماده العاملي

 

دير الأحمر المارونية تفتح قلبها للنازحين الشيعة / بقلم الشيخ حسن حماده العاملي

الشراع 18 تشرين اول 2024

 

انها دير الأحمر، أخت بعلبك الشقيقة... ابنة البقاع ولبنان كعادتها عندما يئن الوطن متألّماً تلّبي النداء، كتفاً بكتف مع أخواتها والجوار وتقول لهم: أنا معكم في الضرّاء كما في السرّاء... أنا أختكم الحنونة، والسند والمعين والجار، أنا بلسم جراحاتكم... أنا الدواء ومن بركات السيدة العذراء (عليها السلام)  نستمدّ الشفاء... 
أهلاً بكم أبنائي... بين اخوانكم... لكم صدر الدار... تعالوا إلى حضني الدافئ، نتنفس سويّاً هواء المحبة والأخوة والوطنية، نمزج دموع حزننا المشترك على مآسي الوطن بالتراب، فينتفض الغبار محمّلاً بعطر الأرض معبّقاً بأريج العطور وشذى البخور، رافعاً يديه بالدعاء ومع كل دقة جرس يصدح الآذان... الله أكبر.. وليحيى البقاع والبقاعيون... وليحيى لبنان إلى أبد الآبدين آمين.
حوالي 11500 مواطن وجد في دير الأحمر ملاذاً له ومأمن وفي أهلها أهلاً له وأخوة، فقَدِم إليها نازحاً جرّاء العدوان الصهيوني الغاشم الذي لم يفرّق بين عسكري ومدني، ومسلّح وأعزل، ومقاتل وطبيب ومسعف... فقتل البشر والحجر والشجر... 
واللّافت أنّه وقبل وفود النازحين بادروا أهالي الدير بالاتصال بأصدقائهم ومعارفهم من أبناء القرى المجاورة (بوداي، فلاوى، شمسطار، طاريا، علي النهري، شعث، يونين، نحلة، بعلبك، مقنة، الكنيسة، ريحا، نبحا، الهرمل، العين...)
وفي لقاء مع رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر الأستاذ جان فخري شرح خلاله عمل لجنة الطوارئ حيث قال: شكّلنا لجنة طوارئ مؤلفة من المطرانية، مكتب النائب انطوان حبشي، اتحاد البلديات وبلديات المنطقة، مدراء المدارس، الجمعيات الخيرية والشبابية والكشاف، منسقية القوات اللبنانية، شبيبة كاريتاس، فريق الاسعاف، المراكز الصحية، مركز الرعاية الأولية مستشفى دير الأحمر، مركز برقا الصحي التابع لمنظمة مالطا.
في أول يومين استطعنا أن نؤمن المستلزمات اللازمة الفورية (فرش، بطانيات، مواد غذائية وأولية ومواد تنظيف) من مقدرات أبناء المنطقة واللجان الشعبية، قبل أن تتدخل الجمعيات للمساعدة  تبعتها عدة جهات مانحة مثل منظمة العمل ضد الجوع والصليب الأحمر اللبناني وجمعيات الدراسات والتدريب بالاضافة إلى جمعيات أخرى من قبل UNDP و UNHCR ، وقد جهّز متطوعون من أبناء المنطقة في شبيبة كاريتاس بالتعاون مع جمعيات شبابية مطبخاً مركزياً لتسهيل تأمين وجبات الطعام إلى النازحين.
فتحنا مدرسة واحدة واليوم صاروا 6 مدارس تستقبل أكثر من 2500 نازح فضلاً عن حوالي 9000 نازح استقبلتهم بيوت أبناء المنطقة، وقاعات  الكنائس، والقاعات العامة مجاناً وبشكل عفوي بحكم المعرفة والصداقة والعلاقات الاجتماعية.
بالحد الأدنى كل شيء تقريباً متوفر ولكن بشكل يومي ولكن هناك العديد من التحديات التي تواجهنا اليوم وبشكل أكبر وأخطر في المستقبل القريب منها:
1-  الشتاء القارص: بدأ الطقس بالتحول الى بارد مع حلول فصل الشتاء وهذا يتطلب جهوزية أكثر من ناحية الفرش والبطانيات ووسائل التدفئة والمحروقات.
2-  الوضع الصحي: ظهور أمراض جلدية وغيرها من الامراض المعدية والخطيرة نتيجة عدم توفر كامل عناصر النظافة العامة والشخصية (أدوات تنظيف عامة، وشخصية ، حمامات كافية)...
3- الأوبئة والأمراض المزمنة: متابعة موضوع الأمراض المزمنة والأوبئة والعدوى لا سيما الفيروسات التي تصيب الأطفال وكبار السن.
4-  النفايات: كميات النفايات الهائلة التي تضاعفت نتيجة وجود أكثر من 10000 نازح فضلاً عن عدد السكان المحليين، وهذا قطعاً يتطلب المزيد من الدعم ومن المحروقات ووضع خطة طارئة لمعالجة النفايات في ظل عدم قدرة الاتحاد والبلديات المالية.
وأكّد فخري : "لم يسجل أي اشكال والفضل يعود لشعور الجميع بالمسؤولية الوطنية أولاً وثانياً ودائماً للجيش اللبناني الذي عمد إلى وضع نقاط عسكرية على أبواب مراكز الايواء وتسيير الدوريات ما ساهم في ضبط الأمن في المنطقة".
 فخري -كباقي المسؤولين الشرفاء الذين قدّموا دروساً وطنية انطلاقاً من معتقداتهم الدينية وانتماءاتهم الوطنية -، وجه كلمة فيها تحية للأهالي ومناشدة للمؤسسات والجهات المانحة والجمعيات وعتب كبير على الدولة حيث قال:
"أوجه تحية لكل أهلنا الذين فتحوا بيوتهم لضيافة اخوانهم النازحين جراء العدوان الاسرائيلي ،وإلى كل شبابنا وشاباتنا ومرجعياتنا الدينية والسياسية والاجتماعية التي استنفرت كل طاقاتها وعملت 24/24 من أجل الوقوف إلى جانبهم". 
"وأوجه تحية إلى أهلنا الذين جاؤوا إلى المنطقة من منطلق شعورهم بالثقة والتضامن والأمان والأخوة. وأتمنى ان تكون هذه الازمة وتداعياتها ومقاربتها عبرة لكل اللبنانيين للإلتفاف حول دولة تكون الأم الحاضنة للجميع وأن نساهم في تدعيمها وتقويتها لتكون هي قوة الردع المحلية والدولية بكافة أجهزتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية ..من أجل مواطن يشعر بالثقة والاستقرار والأمان".
"وأناشد كل المنظمات والوزارات والادارات الحكومية والمدنية المسؤولة، أن تتعاون معنا لتأمين الصمود الاجتماعي لأهلنا النازحين، ونطالبهم بدعم جدي وعاجل لمستشفى المحبة للمحافظة عليها ،حتى تستطيع أن تستمر في مساعدة المواطنين وتلبية حاجاتهم الصحية خصوصاً  مع اشتداد الأزمة الراهنة".
"وعتبنا كبير على الدولة التي وضعت العديد من الخطط التي لم تبصر النور ،وبقيت حبراً على ورق".
وما يزيدك فخراً وعزاً عندما تجد أخوك اللبناني يترفّع أن أي اختلافات سياسية أو دينية أو حزبية ..رافعاً بيمينه الكتاب المقدّس والهوية الوطنية التي تزيّنها الأرزة الخضراء الجامعة العابرة للطوائف ،فها هو الأب مارون الندّاف ممثلاً راعي أبرشية بعلبلك دير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة يترجم كلمات سيادة المطران وتوجيهاته المستوحاة من تعاليم السيد المسيح عليه السلام يقرأ مع صلاة "الأبانا" :السلام للبنان وشعبه... وخلّصنا من الشرير... 
فمن يقتل المسيح لن يفرّق بين مسلم ومسيحي ،ولا بين مسلح وأعزل ،ولا بين أبيض وأسود، قال الأب الندّاف... 
هذه التوجيهات لم تقتصر على المواعظ والخطابات بل تجلّت بأبهى صور الإنسانية والرحمة في التعامل مع الأهالي في البيوت والقاعات  ومراكز الإيواء فضلاً عن المراكز الصحية وتحديداً مستشفى المحبة ،ومركز دير الأحمر للرعاية الصحية الأولية اللذان  بذلا أقصى جهدهما لتأمين كل متطلبات الإستشفاء ومعالجة الحالات الطارئة، وتقديم آلاف الخدمات الطبية اسبوعياً. 
وفي آخر تقرير بعدد الخدمات الطبية المقدمة من 07/10/2024 إلى 13/10/2024 كانت المحصّلة كالتالي:
1- مستشفى المحبة دير الأحمر قدّم 1429 خدمة موزعة على النحو التالي:
معاينة في قسم الطوارئ 80 ، صيدلية 68 ، مختبر 1181 ، أشعة 68 ، تغيير على جرح 30 ، تقطيب جرح 2 .
2- مركز دير الأحمر للرعاية الصحية الأولية قدّم 1080 خدمة موزعة على النحو التالي:
صيدلية 396 ، مختبر 133 ، أشعة 127 ، تلقيح 12 ،  معاينات 412 (طب أطفال 95، طب عام 254، طب نسائي 51، أمراض الغدد والسكري 12)
وفي لقاء مع الرئيس التنفيذي للمستشفى والمركز السيدة غريتا جبرين أبو صليبي قالت: نحن نعمل على تقديم كل شيء في سبيل خدمة الناس وهذا واجبنا الانساني والديني والوظيفي. متمنية على الدولة والادارات المعنية والجهات المانحة الوقوف إلى جانب  المستشفى والمركز وتقديم الدعم اللازم لهما ،حتى نتمكّن من الاستمرار في القيام بواجباتنا.