بيروت | Clouds 28.7 c

ايران - اميركا الرقص على الايقاع النووي/ بقلم حسن صبرا

 

ايران - اميركا
الرقص على الايقاع النووي/ بقلم حسن صبرا 

الشراع 12 آب 2022


من يتابع ويتذكر تصريحات المسؤولين الصهاينة ، منذ ان الغى ألرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه ألرئيس الاسبق باراك اوباما عام 2015 , مع ايران ، يجب ان يرى -.. وفق تلك التصريحات -ان ايران قد امتلكت القنبلة النووية منذ عدة سنوات ، ومع هذا ما زال هناك في الغرب ، وفي الكيان  الصهيوني من يعتقد ، بأن ايران باتت على مدى اشهر ثم اسابيع قليلة ،لتتمكن من انتاج قنبلتها النووية الاولى !! 


   وفي المقابل ، فإن درجة التجهيز لإنتاج هذه القنبلة داخل إيران ، بقدرات علمية وعملية بخبراء وعلماء ومعدات ، تجعل كل كلام رسمي اعلامي وسياسي عن حرمة انتاج هذه القنبلة دينياً ، مثالياً مكانه في عالم آخر مختلفاً عن عالم السياسة الايرانية ، التي تعلم مكيافيلي نفسه البراغماتية !! .
ايران تنافس اميركا, في قيادة ثقافة المصالح التي تتقدم كل امر في الدنيا .. وإذا كان الصهاينة يجمعون على دعم حكوماتهم بسعيها لمنع ايران من امتلاك قنبلة نووية حرصاً على ما يعتبرونه امنهم ، فإن الشعب الايراني يدعم اكثر دولته في مسعاها لإنتاج هذه القنبلة لأن المسألة باتت مسألة هيبة ايران،  وكرامتها وحقها ان يكون لها مكان بين الكبار الكبار في العالم … وهكذا يراها الايرانيون … ولا يقللن احد من هذه النظرة القومية الايرانية خصوصاً في عرقها الفارسي المتشدد .
ومن المفيد التذكير بأن موظفين اميركيين كباراً ، في البيت الابيض ومؤسسات فاعلة اخرى من اصول ايرانية، ساهموا في دفع الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما ، للوصول الى اتفاق عام 2015 .. حتى لو كانوا هاربين من بلادهم لعدم ايمانهم بالنظام الاسلامي الحاكم ! بل ان بعضهم لم يكن يكن وداً لدونالد ترامب ، حتى وهو متربعاً على عرش الحكم في اميركا ( هل هناك اميركي من اصل لبناني او عربي ادى اي دور لبلده عندما يكون نائباً او شيخاً او موظفاً كبيراً ؟ )
وإذا كانت اميركا ، تقدم على خنق ايران اقتصاديا. واجتماعياً وسياسياً وتهديدات امنية وعسكرية ، ومساعدة الموساد الصهيوني على تدبير اغتيالات ، ومحاولات تحريض داخلية لا تنتهي  لإرهاق النظام واستنزافه
لمنعها ( اي الدولة الايرانية) من الوصول الى انتاج اسلحة نووية ، فإن ايران بالمقابل .. تعتبر ان مشروعها الوطني الجامع هو الوصول الى السلاح النووي  ، حتى لو كان على حساب الطعام والشراب ، ودعك من الملبس والسيارة وأي خدمات اخرى ، ودعك من مسألة حريات التعبير والتظاهر والاعتراض …
ايران تعتبر انها ساهمت في اسقاط دونالد ترامب ، في محاولته الوصول الى دورة رئاسية ثانية عام 2020..لأنه الغى اتفاقاً عقده سلفه ..تماما كما نجح الامام الخميني عام 1980في ايصال الجمهوري رونالد ريغان الى السلطة على حساب المرشح الديموقراطي عقاباً لجيمي كارتر الذي حاول تحرير رهائن السفارة الاميركية ,اثر اقتحامها في الرابع من شهر ت الثاني عام 1979 … ولا يمنعها احد من محاولة اسقاط جو بايدن الآن ، او منع حصول حزبه الديموقراطي على اغلبية جديدة في مجلسي الشيوخ والنواب بعد ثلاثة اشهر فقط ، وربما لمنع تجديد فترة حكمه بعد عامين . !! ليس عن طريق القوة ابداً ، بل بعدم اعطائه فرصة الإتفاق معه ليتحول بطة عرجاء منذ الآن ، وهو العليل المريض كبير السن ، الذي تتهاوى ارقام مؤيديه الى نسبة غير مسبوقة .! 
والمفارقات الاعجب في الرقص الايراني - الاميركي على الايقاع النووي .. ان الغرب الذي طبل الدنيا في الحديث عن امتلاك إيران كل امكانات وامكانيات صنع القنبلة النووية ، ما زال يعتبر انها ليست جدية ابداً في مفاوضاتها من اجل الوصول الى اتفاق نووي ، وهي تراوغ وتناور وتكسب الوقت ، حتى تصل  الى الانتاج النووي !! ، لتضع اميركا والغرب وإسرائيل والعالم،  امام امر واقع نووي ، كما هي الباكستان والهند بعد الصين ??…
والاغرب ان اميركا لم تفعل امراً امام امتلاك هذه الدول لسلاح نووي ,لكنها على استعداد للاستمرار في حرب لا هوادة فيها مع ايران لمنعها من امتلاك النووي .. طبعاً من اجل الكيان الصهيونى! 
وهي من اجل إسرائيل.. فإن اميركا لا تمانع في تسليم كل المنطقة العربية لايران ، اذا اخذت تعهداً ايرانياً( لا احد في الدنيا يمكن ان يعرف كيف ) بعدم تهديد امن إسرائيل… والعالم كله يعلم ان ركيزة المشروع الايراني الحالي داخلياً وعربياً واسلامياً،  قائماً على ايمان ثقافي وفكري ،وايماني ديني وسياسي ، على ازالة إسرائيل من الوجود .. وهو امر لن يسمح به احد في هذا الكون ، من اصحاب القدرة والفعل والسلاح النووي .
وهناك مسألة جوهرية ، لمسها بعمق والتقط خيوطها الامام الخميني منذ اليوم الاول ، وهي عدم إعطاء اي فرصة لأميركا ، ان تعود الى مؤسسة الدولة الايرانية وثقافةوسلوك الجمهور الايراني .. ( وكان هذا قبل وسائل التواصل الاجتماعي والاعلامي ووسائل الاتصالات التي لا حدود لتقدمها ، ولا لتأثيرها .. فكيف بعد الثورة التي جعلت العالم كله قرية صغيرة ؟) وهذا ما جعل الخميني يوافق على اقتحام السفارة الاميركية بعد تسعة اشهر من نجاح ثورته ، ليحصل منها على اسماء كل من تعاون مع الاميركان في عهد الشاه .. وليضع تحريماً سياسياً وثقافياً على عودة اميركا بأي شكل الى ايران , وبالمقابل يتأكد لاميركا اهمية ايران من مختلف النواحي للوجود الاميركي في المنطقة (ونكاد نزعم ان هذه الاهمية هي الى جانب الامن الصهيوني هي الوجود الاميركي والسياسة الاميركية والتعاطي الاميركي مع الاسلام ، ومع محاولة الربط مع الاسلام الشيعي لموازاته مع الاسلام السني اولاً ، ثم لاستخدام الاثنين في صراع لا ينتهي ، وهذه كانت خطة اوباما الذي اوصل الاخوان المسلمين الى السلطة في مصر عام 2012 ثم دخل في مفاوضات مع ايران انتهت الى اتفاق 2015 ، ولولا ثورة الشعب المصري بدعم المؤسسة العسكرية عام 2013 لكان مشروع اوباما مستمراً حتى الآن !
وبعد
كتبنا ونكتب ويكتب العالم عن تفاصيل الخلاف الايراني - الاميركي، الذي يمنع الاتفاق بين الدولتين حتى الآن ، مثل رفع العقوبات الاميركية عن ايران ، ومثل رفع اسم الحرس الثوري الايراني عن قائمة الإرعاب الدولي ، ومثل رفض ايران كتابة تعهد بعدم ملاحقة 61 اميركياً تتهمهم ايران ، بإلحاق اضرار بمواطنيها ,وقتل بعضهم, والتعاون مع منظمة مجاهدي خلق ، … كل هذا وغيره ، وارد وربما يكون صحيحاً .. لكن القاري حتى يلم بطبيعة ما يجري بين اميركا وايران مدعو لإعادة قراءة ومتابعة حركات الرقص المشترك بينهما 
الشراع