بيروت | Clouds 28.7 c

اسكندرون مدينة سورية ضمتها تركيا ضمن لواء اسكندرون/ بقلم عبد الهادي محيسن

 

اسكندرون مدينة سورية ضمتها تركيا ضمن لواء اسكندرون/ بقلم عبد الهادي محيسن

الشراع 4 كانون اول 2022

 

صباح يوم الثلاثاء 18\10\2022 استيقظنا باكرا للتوجه الى مدينة اسكندرون الساحلية تناولنا فطورنا في فندق الميوزيوم هوتل الذي نزلنا به بالأمس على الروف في الطابق الرابع المطل على مدينة إنطاكية الجميلة والتاريخية وبما أن الفندق في وسطها تماما بدت لنا  المدينة بشكل بانورامي كبيرة محاطة بالجبال الخضراء يخترقها نهر العاصي فاصلا بن المدينة القديمة والحديثة  .

قبل مغادرة الفندق علمنا أن زيارة المتحف متاح للنزلاء دون مقابل لمشاهدة بقية الآثار البيزنطية والرومانية من القرنين الثاني والثالث والعربية والاسلامية من القرن الثامن غير تلك التي معروضة أسفل الفندق في الهواء الطلق والتي لم تنزع من مكانها لكبر حجمها وبقيت على الأرضية الأصليةمباشرة . 

انطلقنا الى مدينة إسكندرون عن طريق الأوتوستراد المؤدي إليها وبعد قطع عشرة كيلومترات من الفندق ظهرت لنا مباني مطار إنطاكية في سهل متسع وجميل ثم بدأت تظهر المزارع الكبيرة وبعد فترة من الوقت بدأنا نقترب من الجبال العالية الخضراء المكسوة بالغابات والأحراج التي عليناإجتيازها للوصول الى مدينة اسكندرون ، انطلقنا صعودا فيما يشبه جبال لبنان المطلة على جونية أو جبال عاليه الجميلة .

بقينا نصعد في الجبال المتلاصقة كما في بحمدون علوا ، بدت العديد من القرى والمزارع الأنيقة بسطحها القرميدي الجميل ، بدأنا بالهبوط نحو الساحل لنشاهد المناظر الخلابةوالمنظمة للقرى المنتشرة على تلك الجبال حتى وصلنا الى ضواحي مدينة اسكندرون ، ذات الأبنية الحديثة والتي علىإرتفاع موحد أربع طبقات لكل مبنى .

وصلنا الى أول المدينة فظهرت الشوارع العريضة والنظيفة والمرصوفة باتقان ، كانت الفيلات والمباني الحديثة العالية المنظمة على جانبي الطريق وكأنها أبراج مصفوفة وبدتالمؤسسات التجارية الراقية على جانبي الطريق وكأننا في بلد أوروبي في منتهى الروعة لم نكن لنتوقع ذلك الجمال لهذه المدينة الرابضة على الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط

شوارع عريضة نظيفة زرع منصفها بالكازون والورود ، والى جانب الشاطيء حدائق للزوار والى الغرب منها شارع مرصوف ملاصق البحر مخصص للمشاة لمن يريد أن يمارس هوايته في التنزه على الشاطئ والإستمتاع بالخليج الجميل ، بدت لنا المدينة شبيهة بمدينة (كان) الفرنسية على الشاطيء اللازوردي  .

ركنا السيارة ونزلنا الى إحدى الحدائق تحت ظلال الأشجار جلسنا على مقاعد مخصصة للمتنزهين وخلفنا المباني الجميلة ومن خلف المدينة الجبال الخضراء وأمامنا البحر وخليج إسكندرون المنظم والنظيف ، قضينا بعض الوقت في التأمل بجمال هذه المدينة ورقيها ونظافتها تحسرنا على بيروتنا التي شاخت باكرا .

اخترنا مطعما مشهورا بالمأكولات البحرية عن الإنترنت على بعد خمسة كيلومترات عبر الحقول والمزارع في ضاحية (قراج أرسوز) مشاطئ للبحر يفصلنا عنه أمتار قليلة من الرمول النظيفة وتبين أن القرية عربية فالجميع يتكلم العربية ، طلبنا كيلو من سمك السلطان المقلي وكيلو من سمك الأجاج المشوي ونصف كيلو قريدس مطبوخ مع الصلصة ومثله كراب مقلي والكثير من أنواع المقبلات قال الساقي إن كل القرى المحيطة وهي بالعشرات عربية على مسافة40 كم الى أن تصل الى مدينة أرسوز التي يبلغ عدد سكانها45 الف نسمة وكلهم من العرب وهي البلدة التي يتحدر منها المفكر زكي الأرسوزي أحد مؤسسي حزب البعث الذي كان استاذنا في البكالوريا في الكلية العلمية الوطنية في دمشق في ستينيات القرن الماضي .

عدد سكان مدينة اسكندرون  155 ألف نسمة وتتألف من 40% عرب و45% أتراك و12% سريان وأغلب العرب من الطائفة العلوية .. قال لنا رجل سوري في الخمسينات من عمره كان جالسا بالحديقة في مواجهة الشاطيء تاركا سنارته تصطاد على الرصيف المواجه ، وهو سوري من شرق حلب ، أن المهجرين السوريين يعدون 30 ثلاثون ألفا في مدينة اسكندرون وهو منهم .

كان لواء اسكندرون في العصر العثماني سنجقا تابعا لولاية حلب حيث تقع مدينة اسكندرون على رأس خليج اسكندرون على البحر الأبيض المتوسط وهي من أهم الموانئ في تركيا اليوم وتعتبرالمدينة مركزا تجاريا هاما ، وأصبح اللواء تابع لتركيا منذ العام 1938 وسكانه 51% علويون 29% سنيون و20% مسيحيون بموجب إتفاق تركي فرنسي بعد إستفتاء شكلي والعرب هم الغالبية والباقي من الأتراك والأكراد ويستخدم ميناء اسكندرون لتصدير النفط القادم عبر خطوط الانابيب .

كانت كلفة الطعام 1600 ليرة تركية بما يعاددل 80 دولار أمريكي .... بعد تناول الطعام اللذيذ بقي كمية كبيرة منه وضبه لنا الساقي في إناء خاص ، إنطلقنا الى مدينة أضنة للعودة الى بيروت فالطائرة تقلع التاسعة ليلا وتصل العاشرة الى بيروت ، والمسافة بين اسكندرون وأضنة 160كم من طريق آخرعبر جبال في منتهى الروعة والجمال ومكسوة بالأحراج الجميلة شديدة التناسق والبهاء .

يتخللها القرى والبلدات والفيلات الأنيقة المغطاة بالقرميد الأحمر مما يضفي عليها جمالا وبهاء ويبدو أن الريف الساحلي لمدينة اسكندرون جميل جدا ومتطور ومتقدم إجتماعيا وإقتصاديا وصلنا مطار أضنة وانطلقنا لتسليم الحقائب والصعود الى الطائرة للعودة الى بيروت بعد رحلة ناجحة متنوعة الى جميع المناطق التي ضمت الى تركيابموجب معاهدة لوزان والإتفاق التركي الفرنسي الإنكليزيوإنها لمؤامرة ضد سوريا والعرب .

عبد الهادي محيسن .... كاتب وباحث .