بيروت | Clouds 28.7 c

الإرعاب الروسي وصل إلى موريتانيا؟ / د. أَيمَن السِّيسي

 

 

الإرعاب الروسي وصل إلى موريتانيا؟  / د. أَيمَن السِّيسي

الشراع 8 ايار 2024

 

تَسبَح الدَّوْلةُ الموريتانيَّة مُنْذ فَترَةٍ وَحِيدَةً فِي بَحْر مُتَلاطِم الأمْواج بِالْإرْهاب والتَّهْريب والانْقلابات العسْكريَّة والتَّعْقيدات العرْقيَّة والْخلافات الأيْدلوجيَّة والْحدوديَّة ، لَكِنهَا اِسْتطاعتْ الحفَاظ على قَرارِها السِّياسيِّ والْعسْكريِّ بِسَبب تَماسُك نُخْبتِهَا الحاكمة وَنُبل وَوضُوح رُؤيَة رَئيسِها مُحمَّد وِلْد الشَّيْخ الغزْواني وَقوَّة وَصَلابَة وزير دِفاعِهَا اَلفرِيق حَننَا وُلِد سَيدِي حَننَا أسد أفْريقْيَا اَلذِي أَثبَت كَفَاءتَه العسْكريَّة طَوَال خِدْمته خُصوصًا عِنْد تَبوئِه رِئاسة قُوَّة مَجمُوعة دُوَل السَّاحل الخمْس وتوحُّد رُؤْيته مع اَلرئِيس غزواني ، تُجَاه قضايَا المنْطقة .خُصوصًا فِي ظِلِّ حَساسِية علاقَات الجوَار مَا بَيْن دُوَلٍ بيْنهَا خِلافَات قَدِيمَة تَتَجدَّد بِاسْتمْرار مِثْل الجزائر والْمغْرب بِسَبب “ الصَّحْراء الغرْبيَّة”,  وَتَعددَت حَوادِث الاسْتهْداف لِعَدد من الموريتانيِّين على اَلحُدود مع اَلمغْرِب ومع الجزائر .

 


 هذَا فِي ظِلِّ نِزاعَات دَولِية وتكالب اِسْتعْماريٍّ جديد« بَيْن فَريقِي الشَّرْق « الأوراس » ، الصِّين وروسْيَا ، والْغَرْب « الأطْلسيُّ »  ، أُورُبا وأمْريكَا على أفْريقْيَا خُصوصًا مِنطَقة السَّاحل الأفْريقيِّ جَنُوب الصَّحْراء لِأهمِّيَّة المنْطقة سِياسِيًّا واسْتراتيجيًّا فضْلًا عن أهمِّيَّتهَا الاقْتصاديَّة لِمَا تَحفِل بِه بَاطِن أراضيهَا مِن ثَرَوات غَايَة فِي الأهمِّيَّة مِثْل الذَّهب والْيورانيوم والْمَاس والْغَاز ، مع اسْتمرارالْأزمات على اَلحُدود مع مَالِي اَلذِي اِسْتكَان لِلتَّوْجيه الرُّوسيِّ ضِدَّ فرنْسَا فِي إِطَار تُبْدِي الولاءات الدَّوْليَّة ، وَأدَّى إِلى الإطاحة بِفرنْسَا وطرْد قُوَّاتِهَا « بَرْخان « طرْدًا مُذلًّا ، بل ودعْم الانْقلاب فِي النَّيْجر لِطَرد فرنْسَا ، حَتَّى طَرْد الأمْريكان وإلْغَاء الاتِّفاق العسْكريِّ وإنْهَاء اَلوُجود العسْكريِّ الأمْريكيِّ : قَاعِدة أَجادِيس ( شَمَال النَّيْجر ) ، لِطائرات المراقبة بِدون طَيَّار اَلتِي تُرَاقِب غَرْب وَوسَط أفْريقْيَا وليبْيَا . وَبلَغ عدد جُنودِهَا 1100 جُنْدِي أَميرِكي وكانتْ مُهمَّة جِدًّا لِلْأمْريكان ، وَهُومَا يَعنِي تُصفِّية المعسْكر اَلغرْبِي فِي دُوَل السَّاحل الأفْريقيِّ ،
إلأا أنَّ مُوريتانْيَا تَقِف على مَسافَة مُتباعدة مِن هَذِه التِّكالْبات الاسْتعْماريَّة نأْيًا بِقرارهَا السِّياديِّ عن الرَّهْن دَاخِل غُرَف التَّحَكُّم والتَّوْجيه فِي عَواصِم هَذِه الدُّول وَأجهِزة اِسْتخْباراتهَا ، وَإِن ظَلَّت العلاقات مع الجانب اَلغرْبِي فِي مَسارِها الطَّبيعيِّ الآمْن أَكثَر دِفْئًا بِحكْم العلاقات القديمة والْقرْب والْجوار وَالذِي تُمثِّل فِي دَعوَة اَلرئِيس غزواني لِزيارة النَّاتو وَحضُور قِمَّة مدْريد يُونْيو 2022 ، بِاعْتبار مُوريتانْيَا شريكًا مِن خَارِج النَّاتو ، وَهُو مَا أَثَار تكهُّنَات بِاحْتمال إِنشَاء قَاعِدة لِلنَّاتو على سَاحلِها الأطْلسيَّ ذِا الأهمِّيَّة الاسْتراتيجيَّة ، وَإِن كَانَت مُوريتانْيَا - فِيمَا أَظُن - لَن تَسمَح بِذَلك ، مِثلَما رَفضَت الانْضمام إِلى اَلقُوة الجديدة اَلتِي كوَّنتْهَا بُورْكينَا فَاسُو والنَّيْجر وَمالِي بَدِيلَة عن قُوَّات G 5 ، وَإِن كان تَوسُّع التَّعاون اَلأمْنِي مع النَّاتو مَدفُوعا بِرغْبة الاتِّحاد الأوروبِّيِّ فِي وَقْف الهجْرة غَيْر الشَّرْعيَّة مِن أفْريقْيَا ، اَلتِي تَعُد مُوريتانْيَا إِحْدى أهمِّ بُواباته عَبْر جُزُر الكناري وقد يَكُون عدم حُضُور اَلرئِيس غزواني لِلْقمَّة الأفْريقيَّة الرُّوسيَّة فِي سانْتْ بُطْرسْبرْغ يَومِي يُولْيو 2023 ، راجعًا لعدم رَغبَتِه فِي أن تُجْر مُوريتانْيَا إِلى حَلبَة مُوسْكو مع بَقيَّة دُوَل السَّاحل  فأوْفد رئيس وُزَرائِه وُلِد بِلَال مَسعُود على الرغم من  أنَّ وزير الخارجيَّة الرُّوسيِّ سيرجي لَافْروف ، اَلذِي زَارَ فِي نُواكْشوط قَبِلهَا ،قد أَعلَن عن رَغبَة بِلاده حُضُور اَلرئِيس غزواني لِلْمؤْتمر ، وَهنَا يَكمُن السُّؤَال هل تُعَاقِب مُوسْكو نُواكْشوط على ذَلِك ؟ بِاسْتخْدام ميليشياتها  العسْكريَّة اَلتِي دَأبَت مُنْذ وُصولِهَا إِلى مَالِي على تحرُّشاتهَا تَحْت مِظَلة الجيْش الماليِّ المتكرِّرة بِموريتانْيَا ، وخرْبشاتهَا على اَلحُدود الموريتانيَّة بِقَتل عدد مِن الرُّعَاة والْمنمِّيين الموريتان تَحْت دَعوَى مُطَاردَة العناصر الإرْعابيَّة والْجماعات المسلَّحة ، وقتل نحو  خمسين شخص  ،  على اَلحُدود المشْتركة بَيْن البلديْنِ ، واعْتقال العشرات تَعسفِيا ومصادرة سيَّارَات ومواشٍ . واقْتحام عدد مِن اَلقُرى الموريتانيَّة الحدوديَّة المتنازع عليْهَا بَيْن الدَّوْلتيْنِ وَمِنهَا قَريَتِا“ دار اَلنعِيم ” ، و ” مدُّ اَللَّه ” . - سُكَّانهمَا يحْملون الجنْسيَّة الموريتانيَّة ويتمتَّعون بِالْخدْمات الأساسيَّة والْإداريَّة مِن مُوريتانْيَا ، وَهُو مَا أَثَار غضبًا واسعًا فِي مُوريتانْيَا ، حدًّا بِوزير الدِّفَاع اَلفرِيق حَننَا إِلى زِيارة هَذِه المناطق  وبرفْقته وزير الدَّاخليَّة لِطمْأَنة السُّكَّان ،  ووعدَهم بِعَدم تَكْرار هَذِه التَّوغُّلات مُسْتقْبلا ، وَبقُدرة الجيْش على حِمايتهم على طُول اَلحُدود بَيْن مُوريتانْيَا وَمالِي اَلتِي يَبلُغ طُولهَا 24400 كُمٍّ ، والاسْتعْداد لِلتَّعامل بِحَزم مع مُخْتَلِف أَنوَاع التَّهْديدات ، اَلتِي قد تُفْرزهَا حَالَة عدم الاسْتقْرار اَلتِي تعيشهَا المنْطقة ، فِي وَقْت بَدأَت المعْركة الانْتخابيَّة على مَقعَد اَلرئِيس وتنافس شَفَّاف وديموقْراطيٍّ تُؤَطره حُريَّة تَامَّة لِلصِّحافة والْإعْلام ، حَيْث اِحْتفَلتْ مُوريتانْيَا بِتصْنِيف مُنَظمَة (مُراسلون بِلَّا حُدُود) لَهَا كأفْضل بِيئة لِلْعمل الصَّحَفيِّ فِي أفْريقْيَا والْوَطن العرَبيِّ ، وجاءتْ فِي المرْكز الثالث والثلاثين بَعْد النِّمْسَا وقبْل الولايات المتَّحدة الأميركيَّة . ، وَهِي قَفزَة نَوعِية حَيْث تَقدمَت ب 53 نُقطَة هذَا اَلْعام ، بعْدمَا حَصلَت اَلْعام الماضي على المرْتبة 86 عَالمِيًا ، فهل ستتزايد الضُّغوط الحدوديَّة على مُوريتانْيَا والدَّاخليَّة مِن خِلَال حُريَّة الصِّحافة بِاسْتخْدام بَعْض الأصْوات لِلانْضمام إِلى الحظيرة الرُّوسيَّة ؟