عن علاقة عبد الناصر بعامر
هذه الإضافة
الشراع 3 كانون الأول 2024
كتب الباحث المجتهد عبد الهادي محيسن مقالة في الشراع ،عن علاقة جمال عبد الناصر بعبد الحكيم عامر ، خصوصاً في زواج الأخير من الممثلة برلنتي عبد الحميد .
وإذ نثمن مقالة محيسن نضيف معلومات ذات طبيعة مختلفة احياناً في هذه المقالة، استكمالاً وإضافة وليس رداً
——————-
كانت كفاءة المشير عبد الحكيم عامر هي الهاجس الكبير لدى جمال عبد الناصر، ومن ضمنها السلوك الشخصي.
تأكد ذلك في ضوء معركة 1956، التي هزمت فيها مصر عسكرياً امام العدوان العسكري الثلاثي : البريطاني - الفرنسي - الصهيوني الذي بدى كراكب دراجة يمسك بأطراف شاحنة تجره صعوداً إلى هدفه ، وهو احتلال شبه جزيرة سيناء … وكان عامر هو قائد الجيش المصري ، الذي انسحب من كل سيناء ، إلى الضفة الغربية لقناة السويس ..وبعدها تقدم المشير عامر ( كان ما زال يحمل رتبة لواء ) باستقالته بخط يديه،في وثيقة رسمية اصلها موجود في أوراق د هدى جمال عبد الناصر .
لكن النصر السياسي الكبير ، الذي حققه جمال ، بالإلتفاف الجماهيري الكبير حوله مصرياً وعربياً وفي العالم الثالث كله ،غطى على الإخفاق العسكري ، فتراجع ناصر عن قبول الاستقالة.. فتمادى المشير دون أن يقدر لماذا أبقاه ناصر في موقعه !!
الأمر نفسه تكرر مع جريمة الانفصال التي قادها مدير مكتب عامر في دمشق العقيد عبد الكريم النحلاوي ( ومجموعة من المجرمين )لفصل سورية اي الاقليم الشمالي عن الجمهورية العربية المتحدة في 28/9/1961
وفي إطار درس التجربة تقرر تشكيل قيادة جماعية - من ناحية، ووضع ناصر ترتيبات للعلاقات العسكرية المدنية- من ناحية أخرى.. عبر ما أطلق عليه جمال اسم مجلس الرئاسة التنفيذي الذي ضم نواب رئيس الجمهورية وقيادات الجيش العليا ، وكان اسم الدولة هو الجمهورية العربية المتحدة وهو اسم دولة الوحدة بين مصر وسورية ، الذي ظلت مصر محتفظة به ، إلى أن ألغاه أنور السادات عام 1971 ، اثر انقلابه على خط ونهج جمال عبد الناصر اعتباراً من 13/5/1971.
كانت الترتيبات التي اجراها جمال تحجم من وضع المشير عامر داخل الجيش ،حيث تجعل الترقيات العسكرية من رتبة العقيد وما فوق ، بقرار من القيادة الجماعية، ولم يحضر ناصر المناقشة لأنه صاحب الاقتراح..
ماذا فعل عامر ؟
———————
القصة بعد ذلك معروفة، رفض المشير، وانسحب من القاهرة إلى بلدته إسطال في صعيد مصر ،ثم هدد بالزحف إلى القاهرة بدبابات التحق قادتها بعامر ، الذي كان يقود الجيش بعقلية العشائر .. وجرى ما عرف باسم "الانقلاب الصامت"؛ حيث تحركت الوحدات العسكرية باتجاه القاهرة، ووزع المشير كتاب استقالته؛ الذي يطالب فيه بتغيير النظام واعتماد الديموقراطية وحرية الصحافة .. إلخ. تراجع ناصر لأن البلد لما تشف من جريمة الانفصال ، وهو لا يريد ادخال مصر في فوضى .. وقد اعد العدة لخطة تنمية ونهوض ضخمة ، ويريد التفرغ لقيادتها ، فترك أمور الجيش لعبد الحكيم عام ، الذي استفحل في نفوذه ، وفي سيطرة اجهزة الاستخبارات التي اتبعها له ، وقاد المؤسسات العسكرية والامنية بعقلية شيخ العرب ، فيقرب الموالين حتى لو كانوا من غير الأكفاء ، ويبعد المستقلين ولو كانوا من اصحاب الكفاءات العالية ..
ثم جاءت فضائح حرب اليمن لناحية الاستفادة المادية للعسكريين ، خصوصاً أنهم كانوا يعودون عبر ميناء عسكري محملين ببضائع لا حدود لها ، من دون ان يدفعوا رسوم استيراد وجمارك.
أثير كل ذلك في اجتماع لجنة الاتحاد الاشتراكي العربي ، وهو التنظيم السياسي الوحيد في البلاد للمرة الأولى ( وكان عامر وضباطه يرون في الاتحاد الاشتراكي منافساً لهم في حكم البلاد فكانوا يبخون الاشاعات ضد قياداته وخصوصاً رجله الاول علي صبري )،
وكانت المفاجأة في هذا الاجتماع هي اثارة مسألة زواج عامر من برلنتي عبد الحميد ( وهي ممثلة عادية لم تظهر كفاءة فنية عالية )
قبل ذلك ،لم يكن هناك من يجرؤ على نقل الأمر إلى ناصر. حتى حمل الأمر إليه شعراوي جمعة وزير الداخلية بنفسه.
استدعي جمال المشير كما ورد في مقالة الزميل محيسن ، وسأله جمال ما هي حكاية جوازك من برلنتي يا حكيم ؟فرد عامر بقوله : أنا أحبها حباً عميقاً. . وقيل ان جمال طلب منه ان يطلقها ، بعد ان قال له : فاكر يا حكيم اننا تفرغنا في بدء عملنا للحياة السياسية ودورنا الوطني ، ولا نسمح بأن يكون لدينا اهتمامات خارج أسرنا ..؟
كرر عامر قوله : أنا بحبها يا جمال ولا استطيع ان استغني عنها !!
فكان رد ناصر صاعقاً على صديق عمره وهو يبلغه موقفه : حكيم ..لقد دخلت بيتي بزوجة، ولن تدخله بعد الآن بعشيقة!
واستقر على رحيل المشير عن كل مناصبه ، وكان التفكير الأول ان يغادر عامر إلى إيطاليا، لكن الاعتبارات الأمنية غلبت التوجه الى يوغوسلافيا ، وأعد القرار بالرحيل شاملاً كل رجال عامر معه ، ( على غرار قرارحافظ الاسد بإبعاد شقيقه رفعت الأسد عندما هدد الأخير بحرب اهلية ضد جماعات حافظ في الجيش والامن بصدام سرايا الدفاع بقيادة رفعت ضد فرق الجيش السوري بقيادات علي حيدر وشفيق فياض وعلي دوبا ..)
لكن كانت هناك مشكلة مع الاتحاد السوفياتي في حينه، وكان السوفيات يلحون على إبعاد المشير ويعتبرونه معادياً لهم.
كانت البعثات العسكرية كلها في موسكو تخضغ لدراسة الماركسية بجوانبها كافة، وعندما علم ناصر بالأمر ، طلب من السفير السوفياتي في مصر إبلاغ الرجل القوي في موسكو سكرتير الحزب الشيوعي السوفياتي ليونيد بريجينيف بإيقاف ذلك، وأنه يمكنهم إخراج الضباط المصريين في هذه الأجزاء من التدريس.
ثم لم ينم جمال الليل وطلب بريجنيف وأبلغه :إما أن يتوقف تدريس الماركسية ،أو انه سيرسل طائرة غداً تحمل الضباط المصريين الدارسين في الاتحاد السوفياتي إلى الدول الغربية.
المهم ان هذه الأجواء عطلت قرار إقالة المشير .. حتى دخلت المنطقة كلها في أجواء ما قبل 1967… وهناك كانت الكارثة والهزيمة العسكرية .
عودة إلى برلنتي
——————
التي لم تدخل بيت جمال ولم يلتقها في اي مناسبة بقرار منه ، بما جعلها تحقد على القائد ، لتصبح بعد انقلاب أنور السادات على نهج جمال احدى الأبواق التي استغلها السادات وخصوم جمال للتطاول على جمال وعصره .
الشراع