الشراع تنشر مقالة د ليلى نقولا
ونقاش العميد غسان عز الدين حول احتمالات الحرب بين أميركا وايران
الشراع 23 اب 2024
تنشر الشراع مقالة استاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية د ليلى نقولا
التي نشرتها
عبر صفحتها على منصة X ٢١ آب ٢٠٢٤
.. وننشر مقالة معمقة للعميد غسان عز الدين حول الموضوع نفسه..
كتبت د نقولا :
" ينتصر مَن يعرف متى يقاتل ومتى لا يقاتل" ( فن الحرب)
قرأتُ الكثير من الحماسة للحرب الكبرى في المنطقة، وبدون تفنيد المتحمسين ونواياهم التي تتراوح بين حسن النيّة، والعاطفة، و.. سوء النوايا، أورد بعض الافكار:
١. الولايات المتحدة ستدخل بثقلها في الحرب الكبرى في المنطقة ( إن حصلت).
٢. مَن يعتقد ان الصين وروسيا ستنخرطان ضد الاميركيين في معركة في الشرق الأوسط، واهم.
- الصين وروسيا تستفيدان استراتيجياً من إشغال الاميركيين في منطقة بعيدة عن "أولوياتهم الاستراتيجية".
٣. لم تصل اسرائيل بعد الى مستوى العبء الاستراتيجي على الغرب، لذا سيقاتل كله للدفاع عنها.
٤. مهما بلغت قوة "المحور"، لا يمكن مقارنتها بقوة حلف الناتو. التواضع ومعرفة قدراتك وقدرات خصمك مطلوبة قبل الذهاب الى حرب.
٥. مَن سيدفع ثمن المعركة الأكبر، هم شعوب المنطقة، ومَن يسكنون في الساحات التي ستجري فيها المعارك، خصوصاً لبنان وفلسطين.
٦. من السهل على كثيرين التنظير في الدعوة الى حرب كبرى، طالما يشاهدونها من خلف الشاشات ولا يُقتلون فيها ولا يُقصفون.
٧. في النهاية، اذا خسرت، سيحملونك المسؤولية كاملة عن الضحايا والدمار، واذا انتصرت سيعلنون أنهم شركاءك في النصر.
٨. نعود الى فن الحرب: "لا توجد حالة واحدة لأمة استفادت من حرب طويلة الأمد"اسرائيل ليست استثناءً.
لذا، أصبروا!!
فعن الإمام علي ع
"فمن تعجّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه" .
——
-
وكتب العميد غسان عز الدين نقاشاً لهذا الأمر فقال:
الخميس ٢٢ آب ٢٠٢٤
الحرب الشاملة مستبعدة ..لماذا ؟؟
العميد غسان عزالدين
مقالة الدكتورة نقولا عقلانية خصوصا البند الرابع . لحد الآن لم يعرف لا الحزب ولا ايران سر نجاح العدو في قتل الكوادر .. المستمر بوتيرة يومية .
ثم ان قوة الناتو مخيفة جداً فهي تدميرية بشكل غير مسبوق ،ومن يراجع فيديوهات قصف المباني الضخمة في غزة يصاب بالصدمة والذهول اذ يكفي توجيه قنبلة فراغية زنة ٢٥٠ كلغ الى اساسات اضخم مبني لينهار بثانية واحدة فكيف بالحري قنابل زنة ٥٠٠ او الف كلغ ؟؟؟
هذا ليس تهويلاً بل نظرة واقعية الى قدرات العدو والخصم فقد علمونا في الكليات الحربية ان اول خطوة لنا نحو الهزيمة تكون عندما نقلل من قوة العدو ونستهين بمقدراته فحتى ولو كان وضعه هشاً او مزعزعاً علينا توقع الاسوأ لا العكس .
ان التقنيات الحديثة التي بحوزة العدو تحاكي الخيال وصارت دقة اصابة اي هدف تكاد تكون نسبتها 💯💯 انه شيء لا يصدق ولو حصلت الحرب الكبرى التي برأيي لن ولن تحصل فسوف
تُدمر اي ساحة سواء كانت ايران او غيرها بالكامل …
المطلوب إطلاق مواقف موضوعية بعيدة عن الإثارة والشعبوية لأنها تسجل على مطلقيها .. ليصبحوا أسراها ، حتى وهم لم يقصدوا او هي للإستهلاك المحلي .
الايرانيون يدركون الحقيقة خصوصاً وان الناتو مع الاسرائيليين يحاصرون ايران اقله بواسطة غواصاتهم التي تنتشر قبالة سواحلها ،وهذه الغواصات (خاصة الدولفين الالمانية ) مزودة بالصواريخ الذكية مثل الكروز وتوماهوك التي تُطلق من الاعماق كما من السطح وتطير مئات الكيلومترات بسرعات هائلة على على منخفض جداً وتتماشى مع تضاريس الارض والاخطر ان الرادارات لا تكشفها نظراً لخط سيرها الذي يرتفع عن سطح البحر او اليابسة مجرد امتار قليلة …
صحيح ان القوة الضاربة للناتو هي الأولى في العالم بكافة المقاييس والمعايير التكتية والاستراتيجية ولكنها ليست بقادرة على تشكيل مظلة حماية كاملة
لعشرات آلاف الجنود والضباط والمستشارين والمدنيين الاميركيين المنتشرين ضمن المدى الحيوي لإيران ولحلفائها الأقليميين بل سيكونون بمثابة رهائن في العراء هذا عدا عن المصالح الحيوية المباشرة لكل العالم الغربي الذي يتنفس من الرئة الخليجية التي ترفده بأكسير حياته .. فلنتخيل لبرهة وجيزة تداعيات توقف امدادات النفط والغاز عن الغرب ؟؟
سيكون بمثابة دمار شامل للإقتصاد العالمي لأن المحور الذي تقوده ايران يعتبر ان الحرب الشاملة ضده ستمنحه صك براءة ودافعاً شرعياً لضرب كافة القواعد الغربية في المنطقة وكذلك كل منصات النفط والغاز التي يدير معظمها الاميركيون والبريطانيون …
لا اعتقد ان الايرانيين يريدونها حرباً شاملة ولا الاميركيون كذلك ولكن لماذا ؟؟؟…
ان الوجود الايراني الفاعل الممتد من تخوم افغانستان وباكستان شرقاً حتى البوابة اللبنانية عند شاطيء المتوسط … ومن اذربيجان وارمينيا وآسيا الوسطى شمالاً الى قلب الخليج الذي تصر الادبيات الايرانية على تسميته بالفارسي .. ومن الشمال الغربي حيث النطاق الحيوي المشترك بينها وبين تركيا الذي يتحكم كفكي كماشة بأهم المناطق الكردية حيث ينشط الموساد بدعم اميركي كامل وينثر الوعود بقرب ولادة الدولة الكردية الكبرى …
كل هذه المميزات التي تتمتع بها ايران وجعل منها قوة اقليمية كبرى ومكّنها من رسم واقع جيوسياسي
تكون لها فيه اليد العليا في كل شيء يجعلها تعمل على تثبيت مكتسباتها الإستراتيجية التي ما برحت تعمل على بنائها افقياً وعامودياً منذ ثورتها ووصولها الى الحكم في شباط من عام ١٩٧٩ ..وبالتالي فإن حرباً شاملة قد تطيح بكل هذه المكتسبات .
والدولة العميقة في طهران وكذلك الدولة الظاهرة
كلاهما يدرك انه في حال نشوب الحرب الشاملة ونجاح الحرس الثوري في الحاق الدمار بكل القواعد العسكرية الغربية والمنشآت الحيوية والنفطية فإن لكل امر ثمنه وطهران لن تغامر بخسارة ما راكمته من نجاحات عبر خمسة عقود وهي الدولة البراغماتية التي تستند الى سبعة الآف عام من الحكم الامبراطوري ..وحسبنا في ذلك ان نقرأ الفصل الكامل الذي خصصه باراك اوباما في كتاب مذكراته حول الحضارة الفارسية الضاربة عميقاً في التاريخ .
بالمقابل اعتقد ان كل ما نشاهده ونسمعه خاصة من جو بايدن او دونالد ترامب وكل الكلام الموتور التهديدي لا يعكس حقيقة الموقف الاميركي العميق والدفين ؟؟؟
طبعاً يحاول العدو الاسرائيلي جر الولايات المتحدة الى حرب مفتوحة مع ايران .. يريد توريطها بأي ثمن
في الصراع ويعوّل في سعيه الحثيث لتحقيق ذلك على لحظات تاريخية عندما تجاوبت واشنطن معه
في عمليات اغتيال الجنرال قاسم سليماني وبعض خبراء الذرة الايرانيين وكأن العدو لا يريد ان يفهم ان تنفيذ هكذا عمليات كان لأن الامن القومي الاميركي تطلب ذلك فتقاطعت المصلحتان مرحلياً .. واشنطن ما كانت لتقبل ان يمضي سليماني في بناء بؤر مقاومة لإسرائيل وللولايات المتحدة في غزة ولبنان وسوريا كما لا يمكنها الموافقة على انتاج قنبلة نووية ايرانية .. هي خطوط حمراء بالنسبة لها ولكن مقابل ذلك فإن واشنطن تعتبر ان طهران هي صديق لدود وهي بحاجة لتكون ايران قوية في الاقليم ولكن ضمن ما ترتئيه المصالح
الاميركية ..
من وجهة النظر الاستراتيجية فإن ايران المتطورة التي تبث الرعب في قلوب عرب الخليج والجزيرة
تبقى حاجة ملحة لمصانع الحرب الاميركية ..
فعندما ندرك ان مشتريات العرب من الاسلحة الاميركية تتجاوز المئتي مليار $ سنوياً …
وعندما ندرك ان انتشار عشرات القواعد العسكرية
الاميركية في المنطقة جاء ظاهرياً بطلبات عربية ملحة توسلاً للحماية من الخطر الايراني .. وان كانت الحقيقة تخبرنا قصة مغايرة فحواها ان تلك القواعد
هي للتأكيد على وضع اليد الاميركية على ٨٠ بالمية من نفط وغاز العالم وكذلك لتشكيل حزام عسكري في وجه الطموحات الروسية والصينية …
بدون ايران لن يكون بمقدور الاميركيين ان يتبجحوا
ويطرقوا قبضاتهم صارخين : الأمر لنا ….
ايران هي الدولة الوحيدة القادرة على خربطة المشاريع الاميركية خاصة مشروع بناء الجدار الاميركي في وجه طموحات الدب الروسي والتنين الصيني !!!
لم تعد تركيا تشكل بيضة القبان داخل الناتو
فقد فتحت عقلها وقلبها لموسكو التي اطلقت يدها في اذربيجان وبعض دول آسيا الوسطى وما جرى منذ عام في ناغوني كاراباخ ما كان سوى ترجمة عملية لتقاطع المصالح الروسية التركية .. لأول مرة منذ اكثر من قرنين يتخلى الروس عن الارمن الذين
آثروا التمتع بالهوى الاميركي وهجر العشق التاريخي لروسيا …
بقيت ايران تعمل بدون كلل او ملل لعقود طويلة
حتى فرضت نفسها بالقوة في الاقليم وواهم كل من
يعتقد ولو لوهلة ان الاميركيين عاجزون عن ضرب
ما يطلقون عليها الاذرع الايرانية ( باستثناء حماس التي يذبحونها لأسباب يهودية صهيونية تلمودية )
فواشنطن التي تفتح وايران مباحثات في عُمان لا تتوقف ولا تنتهي على الأرجح الا مع ترتيب الوضع النهائي للمنطقة ليس لها اية مصلحة حقيقية في ضرب ايران ولو انعكس ذلك سلباً على الطموحات الاسرائيلية وهنا يتجلى التضارب المصلحي بين واشنطن والكيان الصهيوني .
وهكذا نرى ان التقاطعات بالمصالح الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وايران تحتم ابقاء قواعد اللعبة ضمن حدود مدروسة يعرف كل من الطرف الاميركي حدوده فيها فلا يتخطاها وكذلك يعرفها الايرانيون .. ولنطلق على هذا الواقع عبارة توازن الردع بين الطرفين وهو توازن مفروض او يفرض نفسه لا فرق رغم ارادة الصهيونيين الذين يتوحشون ويزيدون في استفزازاتهم لعلها تدفع طهران الى تجاوز الحدود المرسومة وبالتالي تجر واشنطن الى ما لا تُحمد عقباه .
هذا ما يراه بعض العسكريين .. ولكن ما خُفي يظل أعظم ويتلخص بإشكاليتين :
اميركية تقول : ماذا سنجني اذا اعلناها حرباً شاملة ضد ايران ؟؟ وماذا سنخسر ؟؟
وايرانية تقول : نحن قادرون على تحويل المنطقة برمتها الى كتلة نار ولكن ماذا سنربح بالمقابل وماذا سنخسر ؟؟؟؟
لهذه الاسباب قلت واقول ان الحرب الشاملة غير واردة اقله في هذه الظروف الحالية .. خاصة وان العدو الاسرائيلي لا يمكنه شن حرب على ايران بقواه الذاتية .