بيروت | Clouds 28.7 c

الجنان وحديث الإفك / بقلم الدكتور هاشم الأيوبي

مجلة الشراع 25 تشرين ثاني 2021


 تنطلق القصة من بيان إدارة التعليم العراقي والبعثات العلمية بإيقاف التعامل حاليّا مع ثلاث جامعات بينها جامعة الجنان التي اتولّى أنا فيها عمادة كلّية الآداب والعلوم الإنسانية .وتبرير ذلك الأعداد الكبيرة والتعليم الحضوري والمدمج ومعايير أكاديمية منها نسبة الطلاب إلى عدد الأساتذة .
وقد سبق البيان العراقي حديث إعلامي يتعلق بعمليات تزوير شهادات تقوم بها عصابات بين لبنان والعراق.
وقد ربط بعض المغرضين بين الحادثتين مستنتجا ان التزوير يحصل في هذه الجامعات دون ادنى بيّنة، وهذا لا يجوز .

  • إن الشهادة عندنا تمر بأربعة عشر ملفا كلها موثقة منذ اختيار الطالب للموضوع واختيار مشرف له وإبلاغ الطالب والمشرف خطّياً مع توقيعهما.. ثم موافقة مجلس الجامعة..

بعدها يعدّ الطالب مخططا يوافق عليه المشرف مع لجنة علمية ويوافق عليه مجلس الجامعة ويضم إلى ملف الطالب حتى يوم المناقشة للتأكد من مطابقة المخطط للعمل .بعدها يرسل المشرف تقارير دورية للعميد حول سير العمل .وعندما ينتهي الطالب لا تشكل لجنة إلّا بعد مرور العمل على برنامج  يكشف الاستلال ولا يجوز ان تتعدى نسبته ٢٠ بالمئة .ثم بعد التدقيق اللغوي والإخراجي قبل المناقشة .وتسجل كل المناقشات بالصوت والصورة .وإذا كان هناك من ملاحظات اساسية للجنة المناقشة لا يعطى الطالب شهادته إلّا بعد القيام بما طلب منه .
هكذا جدّية الشهادة عندنا  ومكاتبنا مفتوحة لمن يبحث عن الحقيقة .
امّا التزوير فهناك عصابات يمكنها تزوير اسمي واسمك وتوقيعي وتوقيعك . 
فقط في قسم اللغة العربيّة وآدابها ، مرحلة الدراسات العليا عندنا في الجنان أربعة وعشرون دكتورا متفرغاً للبحث العلمي  يحملون لقب الأستاذية .وهم ، كما طلّاب الجنان ، من كل المناطق والطوائف  والمذاهب  ، من هذا "الشعب " .ولا يحق للأستاذ ان يشرف على اكثر من اربعة طلاب ويرتفع العدد إلى ستة في حال وجود مشرف مشارك .
معظم هؤلاء الزملاء هم من الجامعة اللبنانية ومن الأسماء المعروفة بتاريخها الأكاديمي .
" طوشتونا " ب" الجامعات العريقة !! " 

  • هل كان علينا ان نأخذ من طلابنا عشرات الألوف من الدولارات حتى نصبح من " الجامعات العريقة " وهل اخطأنا باننا نأخذ بالليرة اللبنانية من كل الطلاب  لبنانيين وعربا على اساس سعر الدولار ١٥١٨ل.ل. بحيث لا يتكلف الطالب ابن هذا " الشعب " اكثرمن الف دولار لثلاث سنوات دكتوراه في الآداب ؟ 

 عندما التحقنا بجامعتنا الأم اللبنانية اواسط الستينات  لم تكن تعنينا هذه الجامعات العريقة لاننا كنا نعتبرها ليست لنا نحن ابناء القرى والطبقات المتوسطة وإنما هي حكر على طبقة معيّنة .رحم الله خليل حاوي الذي كان يدرّس في إحدى هذه الجامعات العريقة وكان يعطينا محاضرات  في كلّية التربية في الجامعة اللبنانية ، كان يقول لنا: هنا اجد نفسي..

  • ورحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما استقبلنا بعد مرسوم تعييننا عمداء سنة 2001 ، حين قال لنا: ما أريده منكم ان تبنوا جامعة بكل معنى الكلمة.. ثم اردف : اريد من طالب الجامعة اللبنانية ان يفتخر بجامعته على كل الجامعات .

نعم، انا قضيت  نصف قرن  في الجامعة اللبنانية، طالبا ممنوحا في كلية التربية ثم مبعوثا بمنحة دكتوراه ثم ومنذ ١٩٧٣ أستاذا ، فعميدا لعشر سنوات.. فهل يظن الأفاكون اني عندما اصبح عميدا في جامعة الجنان أضحي  بكل تاريخي؟ 
ثمّ  هل كثير على ابن الشمال من عكار إلى طرابلس، فالضنية والمنية فبشري والكورة وزغرتا والبترون أن يكون عنده جامعة تحترم نفسها وتحترم شعبها الذي لم يعد باستطاعته حتى ان يدفع اجرة النقل إلى بيروت ؟ وهل كثير على ابن صيدا والجنوب والإقليم ان يكون عنده فرع للجنان تغنيه عن السفر البعيد .؟ 
سنبقى واثقين بانفسنا، بأساتذتنا وطلابنا وشعبنا مهما كثرت حملات الظلم علينا ولن نحرم طلّابنا من حقهم في العلم والمعرفة ، حتى لو اضطررنا ان يكون ذلك دون مقابل لان رسالة الجامعة التي وضعتها الرئيسة المؤسسة د. منى حداد يكن ،، رحمها الله ، لم تكن تنطلق من فكرة الربح والخسارة الماديين .والرعيل الأول من اساتذة 
الجامعة يذكرون تماما ان عملهم كان في معظمه تطوعيا .
وأخيرا نقول للخائضين : "لن يثنينا حديث الإفك عن ثقتنا بانفسنا وجامعتنا ورسالتها وطلّابها ، مطالبين بالكشف عن حقائق التزوير ، لانّ كرامات الناس والمؤسسات ليست بهذه السهولة التي يتحدث عنها الأفّاكون ."

الوسوم