بيروت | Clouds 28.7 c

انتخابات اسرائيل والمفاجآت غير المستبعدة بين: نتنياهو المتهم بالفساد و((أحزاب الجنرالات))

*الانتخابات ستحدد مصير حرية نتنياهو الشخصية وليس فقط موقعه السياسي

*نتنياهو يضع كل رصيده في الانتخابات كأنها لعبة بوكر

*لأول مرة تشهد اسرائيل انتخابات بين ((أحزاب جنرالات)) وليس جنرالات في أحزاب

*الأحزاب المنافسة لنتنياهو تخلت عن شعار ((الأمن أولاً)) لصالح الوضع المعيشي

 

خلال بدايات هذا العام، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون انه ضغط على اسرائيل من أجل عدم القيام بعمل عدواني ضد لبنان قبل تشكيل الحكومة اللبنانية. حينها ووجه هذا الكلام الفرنسي بكثير من ((الاستهجان والقلق)) في آن واحد: الاستهجان كونه يضمر ان اسرائيل فعلاً توشك ان تعتدي على لبنان!!، والقلق لأنه يصدر عن رئيس دولة بحجم فرنسا. 

وبعد إقدام بنيامين نتنياهو مؤخراً على إعلان تقديم موعد الانتخابات العامة الاسرائيلية، وصلت لبيروت من غير مصدر خارجي تسريبات تقول ان نتنياهو قد يهرب من أزماته الداخلية، ويقوم بضربة عسكرية للبنان قبل الانتخابات، وذلك في حال وجد نفسه سيهزم فيها، او في حال فوزه فيها بنسبة ضئيلة لا تخوله تشكيل الحكومة إلا عبر تحالفات صعبة سواء مع ((يمين الوسط)) او مع ((اليمين المتطرف)).. واليوم يبدو لبنان معنياً أكثر من غيره بمتابعة الانتخابات الاسرائيلية كونه أكثر السيناريوهات احتمالاً فيها، هو ان تؤدي نتائجها لتوريط إسرائيل - نتنياهو بحرب ضد لبنان. 

ويقول مراقبون متابعون للوضع الاسرائيلي الداخلي، ان الانتخابات الاسرائيلية عام 2019 المقررة في التاسع من الشهر المقبل، تجري تحت عنوان السباق الى الحكم بين الجنرال والحاخام. والجنرال هنا هو رئيس الحزب الجديد ((مناعة إسرائيل)) غانتس، أما الحاخام فهو زعيم الليكود، بنيامين نتنياهو.  

ويقول هؤلاء المتابعون أن هذه الانتخابات في إسرائيل لا تشبه أية إنتخابات سبقتها، وعليه يجب التحسب لنتائجها ولكيفية تكيف القوى الإسرائيلية معها.

ومواطن إختلاف إنتخابات العام 2019 عن سابقاتها تكمن بالتالي:

أولاً - هذه أول إنتخابات تجري في ظل ان المرشح الأول فيها لتشكيل الحكومة بعد إجرائها، صادر بحقه إتهام من القضاء بتهم فساد. والمقصود هنا نتنياهو الذي صدر قبل أيام، وعلى مقربة ثلاثة أسابيع تقريباً من بدء الإنتخابات، قرار من المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية بتوجيه لائحة اتهام له ((لنتنياهو)) بالرشوة في ملف 4000 والاحتيال في ملفي 2000 و1000.

وضمن هذه الأجواء فإن نتنياهو لا يواجه فقط إنتخابات ستحدد مصير مستقبله السياسي وموقعه داخل الخارطة السياسية المحلية الإسرائيلية، بل ستقرر مصير حريته الشخصية، ففي حال عدم نجاحه فيها، سيكون أقرب لدخول السجن، وإنهاء حياته السياسية بوصمة عار وليس بوسام إستحقاق. وبهذا المعنى ، فإن نتنياهو يواجه إنتخابات تشبه لعبة بوكر ، حيث يضع كل رصيده على طاولتها، ويواجه مأزق أنه مضطر للمراهنة على كل شيء يملكه دفعة واحدة وبضربة واحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يضع نتنياهو في سلة رهاناته فقط الرهان على حصد أكبر قدر من أصوات الناخبين، أم أنه يضع ضمن هذه السلة القيام بأحداث كبرى تجعل إسرئيل اسيرة إستمرار مرحلته، ومنها شن حرب على حزب الله في لبنان سواءً قبل الإنتخابات أو بعيد تشكيلها، ذلك أن نتنياهو سيواجه بعد صدور نتائج الإنتخابات في حال فوز حزبه بأغلبية من المقاعد، محاولات ابتزاز له من الوسط واليمين المتطرف، ولن يكون بقدرته فرض إرادته عليهما إلا اذا كانت إسرائيل في حالة حرب هو بطلها.

والواقع ان هذا السيناريو يظل محتمل الحدوث رغم الكثير من الأصوات التي تقول انه لا نتنياهو ولا إسرائيل في هذه المرحلة يريدان الحرب لأسباب كثيرة ومتعددة.

ثانياً – هذه أول انتخابات يخوض فيها جنرلات الجيش الإسرائيلي الانتخابات من خلال أحزاب هم الذين أسسوها، وليس من خلال ترشحهم عن أحزاب سياسية موجودة وعريقة. وبهذا المعنى فإن هذه الإنتخابات سترسخ فوق الخارطة السياسية المحلية الإسرائيلية، حيثية جديدة في التاريخ السياسي الإسرائيلي  تدعى ((أحزاب الجنرالات)).

والواقع أن هذا المسار الجديد سيقود إسرائيل الى لحظة تشكل بنى سياسية جديدة قوامها الجنرلات، وخصوصاً أولئك الذين كانوا في رئاسة الأركان وتم إقصاؤهم منها لأسباب سياسية، وهؤلاء لديهم نوع من الحقد السياسي على الفساد السياسي الذي تمارسه  طبقة الأحزاب الإسرائيلية التقليدية.

ثالثاً – إسرائيل في هذه الإنتخابات تتجه لجعل الناخب الإسرائيلي يخرج من سجن أن الأولوية في اقتراعه هي للأمن. الأحزاب الجديدة في إسرائيل والخارجة أساساً من بيئة اليمين الإسرائيلي وليس اليسار، تطالب الناخب الإسرائيلي أن يقترع لشعار أن ((الوضع المعيشي أولاً)). ويقول هذا الشعار ان التحدي الأمني الإيراني يمكن للجيش أن يتعامل معه، أما موت العجوز في ممرات المستشفى لأن حال الوضع الصحي في إسرائيل ليس على ما يرام، وبذلك فإن هذا هو المطلوب معالجته بضغط من الناخب الإسرائيلي، خصوصاً وان اليهودي الذي يهاجر من إسرائيل، لا يفعل ذلك لأنه يخاف من الخطر الإيراني بل لأنه يجد أن مستوى الخدمات الطبية والإتصالات في اسرائيل اصبح متردياً.

قصارى القول في هذا المجال أن إسرائيل تتجه خلال هذه الإنتخابات لتغيير الكثير من الثوابت المستقرة فيها منذ العام 1948، ولذلك فإن تحسب المفاجآت في داخلها وعلى مستوى كيفية تصرفها مع محيطها الإقليمي تظل واردة بشكل كبير. 

 

الوسوم