بيروت | Clouds 28.7 c

مديرة منظمة ((سوا)) للاغاثة د. ربى المحيسن: لا عودة آمنة قبل الحل السياسي و80 بالمائة من المدن السورية غير مهيأة لاستقبال العائدين / حوار: غنوة دريان

*75 بالمائة من الشباب في المخيمات السورية حاولوا الانتحار

*عملنا خلال العاصفة هذا العام حتى لا يموت أحد من البرد

 

الدكتورة ربى عبدالهادي المحيسن مؤسسة ومديرة منظمة ((سوا)) للتنمية والاغاثة ومحاضرة في الجامعة الاميركية في بيروت في التنمية الاقتصادية، تتحدث عن تجربتها في عالم التنمية والتي بدأت بمبادرة شخصية منها للتحول الى مؤسسة قادرة على مد يد العون لجميع النازحين السوريين في شتى المجالات بمساعدات فردية من مواطنين يشعرون مع أخوانهم في الانسانية.

تقول الدكتورة ربى في بداية حديثها الى ((الشراع))، عام 2011 كنت ما زلت طالبة في جامعة لندن، في تلك السنة قمت بزيارة العائلة في بيروت عندما سمعت عن اول ٤٠ عائلة سورية دخلت الى الشمال فقررت الذهاب الى عكار لأعرف على الأرض ماذا يجري هناك، خصوصاً وان جذوري السورية دفعتني أكثر وأكثر لأعي ما يجري عن كثب. كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي عن هذه العائلات ومعاناتها. في أول عشرة أيام وصلني حوالى العشرة آلاف دولار، وبتوجيه من الوالد السيد عبدالهادي المحيسن الذي قدم لنا الدعم المعنوي، واللوجستي والمادي، حيث انه سرعان ما احتجنا الى مستودعات وشاحنات وسيارات لنقل المساعدات، ومكتب للعمل.

 ومن ثم بدأت مشكلة النزوح بالتفاقم حيث وصل العدد الى 100 ألف نازح، ثم 200 وهكذا، فكبر الحلم وأصبح لدينا مراكز فهناك 200 عائلة ألحقت أولادها في مراكزنا، لدينا 5 مراكز تعليمية ونعمل مع 5 آلاف طالب سوري لإعادة ادراجهم في منظومة التعليم وفي كل تلك الفترة كنت ما أزال أتابع دراستي في لندن.

 وتضيف الدكتورة ربى: في عام 2013 دعيت الى البرلمان البريطاني لشرح القضية السورية والنائبة البريطانية جو كوز التي قتلت في بريطانيا فتعاونت معها قبل مقتلها ومع غيرها في البرلمان البريطاني، ومن هنا بدأ يتداول اسمي من خلال قضية النازحين السورين في بروكسل ونيويورك في الأمم المتحدة وكنت أتحدث بلا كلل ولا ملل عن الشأن السوري و معاناة أهلنا في المخيمات.

وتضيف الدكتورة ربى المحيسن أن عام 2014 كان نقطة تحول بالنسبة لها حيث دعيت الى مؤتمر ((دافوس)) وتحدثت على المنبر مع داوود اوغلو ورئيسة الـ U.N، ونقلت الألم اليومي، وعلمت بوجود أحد الفنانين العالميين الذي يهتم بالقضايا الاقليمية وقالت: لكنني لم استطع لقاءه ثم عدت والتقيته بالصدفة فتحدثنا معاً عن مساعدة النازحين السوريين ومنذ 4 سنوات وهو يساعد الجمعية ولكنه يرفض ذكر اسمه.

اما النقطة الثانية عام 2015–2016 ففي مؤتمر ((المانحين)) في لندن في العادة لا يدعون أي شخصية سورية ولكنهم دعوني للتحدث أمام 40 رئيس دولة وألقيت الضوء على التغير تجاه القضية السورية وتخاذل الدول أمام هذه القضية الانسانية. وانتشر الفيديو بشكل كبير مما زاد من شهرة ونشاط الجمعية. وفي رحلتي الى اسكوتلندا قابلت انساناً اسكوتلندياً مغربياً هو وبروفيسور عالمي في الموسيقى Nigel Osborne وقررنا التعاون حيث قمنا بتدريب أشخاص في المخيم من أجل المعالجة بالموسيقى. الموسيقى غيرت حياة العديد من الناس من شتى الاعمار،  وأشعرتهم بإنسانيتهم وجعلتهم أكثر حباً للحياة..

بالإضافة الى ذلك، وفي أكثر من 30 تجمعاً من المخيمات، نقوم بالتدريبات المهنية والتكنولوجية بالتعاون مع شركات عالمية ومنها شركة Microsoft بالاضافة الى التدريبات الحرفية واليدوية واطلقنا ماركة The Master Peace للثياب المصنوعة يدويا بطريقة مبتكرة ومنها أول مجموعة صيف/ربيع 2019 حملت اسم ((رُحّل)). و بالمناسبة، جميع انشطتنا تعنى بالفلسطينيين واللبنانيين أيضاً، وليس السوريين حصرا.

أما عن المبادرات التي تقوم بها جمعية ((سوا)) للتنمية والاغاثة فتقول الدكتورة ربى المحيسن: في شهر رمضان أطلقنا مبادرة ((انسان لانسان)) لدعم مطبخنا الرمضاني، كل سنة هناك 5 آلاف انسان من العالم وكرماء النفوس في لبنان يتبرعون بـ 100 دولاراً في مطبخ يجمع طباخين سوريين ويشرف عليه ((شيف)) من المعروفين عالمياً يؤمن وجبات إفطار يومية كل يوم ل5000 لاجئ الى خيمهم، للحفاظ على كرامة اللاجئين الصائمين طيلة الشهر المبارك.

أما عن وسائل الاعلام، فتعلّق الدكتورة ربى محيسن بالقول في ((الميديا))، تجد تخاذل في دعم وتصوير القضية السورية على ما هي عليه، ومما يجعلني أتأثر هو انسانية الشعب اللبناني والشعوب الأخرى التي لا تتوانى ولو للحظة واحدة عن مساعدة النازحين السوريين بغض النظر عن التحريض الاعلامي.

وأكبر مثال على ذلك هذا الشتاء فقد كانت العاصفة من أشد العواصف التي مرت على لبنان وكان هدفنا الوحيد ان لا يموت أحد من البرد او الانجراف، او الغرق فأطلقت نداء حول هذا الموضوع واستطعت جمع 200 ألف دولار من مواطنين عاديين وليس من دول. طلبنا من الجوامع والكنائس فتح أبوابها حتى تنتهي العاصفة لتوزيع الملابس والطعام والايواء. والآن نحن بصدد إعادة تأهيل المخيمات.

 وعن دور الدول في دعم القضية السورية تجيب الدكتورة ربى المحيسن:

السياسة لم يعد لها دور في قضية اللاجئين السوريين لا الاتحاد الاوروبي ولا الدول الكبرى، وتصفية الحساب بين العرب جاءت على حساب الشعب السوري ومعاناته. وصراعنا الآن هو كيفية تأمين حياة كريمة لهؤلاء.

وعما اذا كان هناك أمل في العودة الى البلاد تعلق الدكتورة ربى المحيسن:

السياسة العنصرية تدفع بعض العائلات الى العودة ولكن 80 % من المدن السورية غير مهيأة لاستقبال السوريين هذا عدا عن الاعتقال التعسفي أما العودة الآمنة فغير موجودة الى الآن قبل حل سياسي لذلك يجب ان يكون المواطن السوري مطمئناً قبل ان يقرر العودة الى بلاده.

أخيراً أريد ان أسلط الضوء على موضوع شديد الأهمية والخطورة ان هناك 75 % من الشباب في المخيمات السورية يائسين، وقد فكروا بالانتحار اوحاولوا، وهكذا حال الشباب عموما في منطقتنا، وهناك شباب في الجامعة الاميركية حيث أدرّس يخافون من المستقبل، ومن هنا دورنا بزرع الامل ودعم الاشخاص معنوياً، لأن أية خطوة من هذا النوع يمكن ان تحدث فرقاً.

حوار: غنوة دريان

الوسوم