بيروت | Clouds 28.7 c

((حلف الضرورة )): هل يتفكك قريباً..؟ / بقلم: محمد خليفة

*الخلافات بين الدول الضامنة تتعمق, وخصوصاً بين روسيا وايران

*الصراع الروسي - الايراني على مستقبل سورية بدأ فعلياً وقمم سوتشي لم تعد مجدية

 

  عاد رؤساء تركيا وإيران وروسيا للاجتماع في قمة جديدة في منتجع سوتشي الروسي, أمس الخميس  14شباط / فبراير  لمتابعة التنسيق في الشأن السوري. وتسمي الدول الثلاث نفسها بالدول الضامنة لاتفاقات الهدنة الميدانية التي تتوصل لها الاطراف المتصارعة على الارض السورية, بما فيها النظام والفصائل المسلحة في مواجهته من ناحية, كما تضمن الدول الثلاث من ناحية ثانية اتفاقات التسوية التي ترعاها بين النظام والمعارضة عموماً.

وكشفت مصادر مطلعة من المعارضة السورية قريبة من دوائر صنع القرار في انقرا أن العلاقات بين الدول الثلاث الضامنة تمر بمرحلة توتر غير معلنة, وقالت إن ظلالاً قاتمة من الشكوك تخيم على الاجتماعات والاتصالات بين الحلفاء الثلاثة حول عدد من المسائل والاستحقاقات الأخيرة, وخصوصاً:

- خلافات روسية – تركية بشأن وضع ادلب غير المستقر، وعودة روسيا للتهديد بالحسم العسكري مع هيئة تحرير الشام ((النصرة)) بعد أن وسعت سيطرتها شرقاً وجنوباً وغرباً.

- توتر العلاقات بين روسيا - وايران بشأن مستقبل الاوضاع في سورية - الدولة والنظام , وانتقالها من حيز السر الى الفضاء العلني, حتى غدت وجبة دسمة ويومية للمتابعين من موالي النظام على وسائل التواصل الاجتماعية. 

- خلافات بين روسيا والنظام, وخلافات اخرى بين ايران والنظام حول عدد من المسائل.

ويرى بعض المتابعين أن العلاقة بين الأطراف الثلاثة تحكمها الضرورة والحاجة المتبادلة للتنسيق على الأرض. ويذهب هؤلاء الى وصف الحلف الثلاثي بـ((حلف الضرورة)), ويعتقدون أنه مهدد بالانفراط, وقد لا يستمر طويلاً, بعد أن استنفدت العلاقة بينهم أغراضها ووصلت أقصى مداها.  

فالاتراك باتوا في الشهور الأخيرة أقوياء  وأكثر تحرراً من ضغوط الروس بعد أن تمكنوا من فرض أجندتهم في ادلب متسلحين بدعم أوروبي واميركي قوي. وأصبحوا يديرون الأمور بطريقة ندية مع الروس, ومع النظام وايران. وقد ظهرت آثار ذلك في ادلب التي اصبحت في قبضة القوات التركية.

 ويتطلع القادة الاتراك الى التوسع شرقاً متسلحين بدعم أميركي قوي أيضاً لخطتهم ((شرق الفرات)) لبسط سيطرتهم على الرقة والطبقة ثم رأس العين, والحسكة, والوصول الى القامشلي.

الروس يعتقدون أنهم قد أعطوا الأتراك مهلة كافية للتخلص من هيئة تحرير الشام المتطرفة, وحان الوقت لتنفيذ التزاماتهم بموجب اتفاق أيلول/ سبتمبر بين بوتين وأردوغان. ولكن الاتراك بدل أن يصفوا ((الهيئة)) سكتوا عن توسعها العسكري في غرب حلب وشرق ادلب وشمال وغرب حماة, حتى صارت تمد سيطرتها على مناطق واسعة من أربع محافظات.

 وتؤكد مصادر المعارضة السورية أن العلاقات بين تركيا والهيئة مستقرة وراسخة, ولا تقبل تركيا إضعاف حليفتها, لأنها ورقة قوية في يدها تدخرها الى مفاوضات الحل النهائي في سورية. ويؤكد مصدر مطلع أن الأتراك يقودون تحالفاً قوياً بين عدد غير قليل من الفصائل العسكرية والسياسية على رأسهم الاخوان المسلمين, والتركمان, وأحرار الشام, والجبهة الوطنية للتحرير, فضلاً عن هيئة تحرير الشام, ولن يتخلوا عن أي منها, قبل أن يضمنوا مصالحهم بعيدة المدى في سورية وحقوق حلفائهم من المعارضة  وعلى رأسهم جماعة الأخوان.

وتبدو روسيا مضطرة للتجاوب مع مطالب ومواقف شريكها التركي، لأن سياستها في سورية محكومة بالكامل حالياً بالتفاهم معه, ولا تستطيع الاستغناء عن دوره, لأسباب تتجاوز الوضع في ادلب, وتتعلق بخطط المستقبل وبناء النظام الجديد في سورية, وإعادة تعويم نظام الاسد على الصعيدين الاقليمي والدولي.

أما إيران فلم تعد معنية كثيراً بإدلب والشمال السوري, وتخلت عنهما لتركيا, مقابل توثيق علاقاتها معها, تحسباً لاتساع المجابهة مع الولايات المتحدة والعرب وإسرائيل. وتكثف ايران الآن اهتمامها على حماية مواقعها بين دمشق, ودير الزور وحسب  حيث تتركز منشآتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والدينية, ومناطق نفوذها في العاصمة, وعلى طول الطريق الرابط بين العراق ولبنان. وتوحي المؤشرات الصادرة عن ايران وجماعاتها  وخصوصاً حزب الله, الى اتساع الخلافات بينها وبين مخططات الروس في سورية, ولا سيما ما يتعلق منها بالموقف من ضربات اسرائيل لها.

 وتؤكد بعض المصادر أن النظام السوري تلقى أوامر من دوائر عليا في موسكو تطالبه بتقليص التسهيلات والامتيازات الممنوحة للايرانيين وجماعاتهم, مقابل أن تطلب روسيا من اسرائيل وقف الضربات على الاهداف الايرانية التي باتت تشكل خطراً حقيقياً على خطط موسكو لإعادة الاستقرار للدولة السورية, داخلياً وخارجياً, وإعادة علاقاتها مع العالم, والتحول الى ملفات المستقبل الثلاثة: اعادة اللاجئين, اعادة الاعمار, إعادة الشرعية والتطبيع مع الدول العربية والاوروبية بالتدريج.

وقالت مصادر مطلعة من المعارضة السورية على صلة وثيقة بهيئة التفاوض إن الأجندة الروسية تختلف اختلافاً جذرياً مع الاجندة الايرانية, وتزداد افتراقاً. فروسيا تريد إعادة بناء الدولة السورية وإخراجها من دوامة الحرب والعنف لتساهم في اعادة بنائها  وجني الأرباح الاقتصادية والمادية, بينما تريد ايران تكريس سيطرتها على سورية وتحويلها جبهة صدام أمامية مع اسرائيل, مثلها مثل لبنان, للمساومة عليها مع الغرب, حيث ترسل رسائل الى واشنطن وتل ابيب عن استعدادها لإبرام صفقة كبرى تشمل الاعتراف بمناطق نفوذها على مستوى الاقليم مقابل تفاهم دائم مع اسرائيل يضمن الاستقرار في لبنان وسورية.

الوسوم