بيروت | Clouds 28.7 c

درس لبناني لمصر للطيران / بقلم: خالد منتصر

سافرت مؤخراً على خطوط الشرق الأوسط اللبنانية، وجذبت نظري ارشادات السلامة التي تذاع قبل انطلاق الطائرة، لأول مرة في حياتي انتبه الى تلك الارشادات بل واستمتع بها كأنني امام برنامج منوعات لطيف وجذاب، قبل ان أشرح لماذا أعجبني هذا الفيلم القصير سأجعلكم تشاهدونه من هذا ((اللينك)) حتى تحكموا عليه .htps/www.youtube com/watch?v=fpozwQvfjvs الفيلم في منتهى الذكاء وبالفعل خارج الصندوق. تخيل انك قد طلبت من شركة انتاج فني هنا في مصر انتاج فيلم قصير عن ارشادات السلامة في الطائرة ويخرج بدون أي لقطة من داخل الطائرة!! بالطبع سيرفضه الموظف عبدالمتجلي اللي في الدور الأول ومعه الموظفة عطيات اللي في الدور التاسع، بحجة ان ده كلام فارغ وإهدار أموال، لكنه حدث في لبنان، فيلم كامل عن ارشادات السلامة، وبكل تفاصيلها لكنه يدور أمام البحر المتسع وفي مغارات لبنان الجميلة وجبالها الساحرة، لماذا؟ لأنهم ضربوا بالفيلم عدة عصافير في الوقت نفسه، لم يكفتوا مثلنا بدعاء الركوب ثم بترديد ارشادات السلامة الرتيبة المختلطة بتثاؤب الركاب، بل صنعوا فيلماً ممتعاً يستعرضون فيه أهم المناطق السياحية اللبنانية، مع خلفية موسيقية من التراث اللبناني ورقصات خفيفة وحركات جذابة غير تقليدية من ممثلي الفيلم، حركات مدهشة مختلطة بابتسامة، هذه عقلية ناس تفكر في ترويج السياحة ونمو ((البزنس)) فيه، يرتبط المسافر منذ أول لحظة في الطائرة وأثناء دوران المحركات بلبنان كبلد سياحي وبمناظره الطبيعية، ويبدأ في وضع خطة لزيارة تلك الأماكن التي شاهدها في الفيلم، هذا هو الفكر الابداعي. وعدم الركون الى الجمل المقدسة التي نرددها بآلية، مثل ((وإيه يعني اللي حيحصل ما احنا بنطير بقالنا خمسين سنة بالفيلم بتاعنا ده وما فيش حاجة حصلت)) او ((إحنا مش ناقصين دلع ومياصة، إحنا مانعين الخمور عن السياح مش عايزين كمان رقص ومسخرة))!! وكأن مهمة ((مصر للطيران)) هي التبشير الديني، وإدخال السياح الى الجنة، ولا استبعد تنفيذ الحدود في الخطة المقبلة! عندما تحجز لي شركة سياحة أقول لها وأرجوها بشدة ان يكون الحجز على شركة ((مصر للطيران))  إلا لو نظام الجهة الداعية يتعارض مع طلبي مثلما حدث مع اللبنانية، ذلك لأنني أحس بالدفء في شركتي الوطنية، وأحس ان الفلوس المصرية لا بد ان تدفع لشركاتها الوطنية، لكني في الوقت نفسه أطالب ((مصر للطيران)) بتجديد الأفكار وكسر الملل والابداع في كل التفاصيل من المجلة وارشادات السلامة حتى الضيافة وزيادة الخطوط واقتحام المناطق جديدة، ما شاهدته في هذا الفيلم هو مجرد فكرة، سمح فيها لفنان بإطلاق فكرته المجنونة وصياغتها، فخرجت لنا في شكل جذاب، ليست مخرن أجساد تطير في الهواء، ولكنها أيضاً منبع أفكار تحلق في الخيال.

هذا المقال للكاتب خالد منتصر نشر في جريدة ((الوطن)) المصرية عن ((الميدل ايست)) والتزامها وتطبيقها لكل قواعد سلامة الطيران، وهو ما كان أشارت اليه ((الشراع)) في عدد سابق.

 

الوسوم