بيروت | Clouds 28.7 c

ميقاتي لرئاسة الحكومة... اذا وافق

ميقاتي لرئاسة الحكومة... اذا وافق

مجلة الشراع 14 أيار 2021

كتب المحرر السياسي لـ "الشراع"

هل حانت لحظة حلول "كلمة السر" المطلوبة من اجل وضع لبنان على سكة الخروج من حالة الانهيار التي يعيشها عبر تشكيل حكومة جديدة تتولى العمل على اصلاح الاوضاع واطلاق مسيرة المعالجات؟

ثمة تفاؤل في اوساط واسعة الاطلاع بالنسبة لهذا الامر. والعنوان الابرز لكلمة السر هذه- وهي دولية وعربية واقليمية ولبنانية ايضاً- هو نجيب ميقاتي كرئيس للحكومة العتيدة .

وثمة عمل دؤوب واتصالات واسعة على هذا الصعيد ، من اجل تأمين الولادة الموعودة للحكومة ، بعد ان باتت عنواناً حسب الاوساط نفسها للقرار الدولي والعربي – الاقليمي بانقاذ لبنان ، بعد تدهور اوضاعه على كل المستويات ولاسيما المالية والاقتصادية والاجتماعية. وتزايد التهديد بامكان تعرضه لعدوان اسرائيلي جديد .

واذا كان من المبكر الحكم على النتائج في هذا الشأن ،فان المسألة الاساس على هذا الصعيد هي قبول الرئيس نجيب ميقاتي بهذه المهمة الصعبة والتاريخية ، لاخراج لبنان من حالة التحلل التي تصيب دولته ومؤسساته وتهدد كيانه وتغرق شعبه في فقر مدقع ،ولقطع الطريق على الانزلاق اكثر فاكثر باتجاه هاوية تهدد الكيان اللبناني بكل اطيافه وتنذر بمجاعة تكاد تكون شبيهة   بمجاعة العام 1914.

وقبل ان ينتشر هذا الخبر في وسائل الاعلام، كان لـ"الشراع" الاسبقية في الكشف عنه عبر شريط مصور لرئيس التحرير الزميل حسن صبرا أذيع على موقعها بتاريخ الثامن من أيار – مايو الجاري.

 ( ?بالفيديو: نجيب ميقاتي رئيساً للوزراء / حسن صبرا - 8 ايار 2021

وفي معلومات خاصة بـ"الشراع" فان ميقاتي ما زال متردداً في قبول تولي هذه المهمة التاريخية ، وهي بالطبع مهمة اصعب بكل المقاييس مما كان واجهه لدى توليه رئاسة الحكومة في مرحلتين سابقتين( في العام 2005 والعام 2011)ونجح فيهما بادارة الوضع بطريقة جنبت البلاد الوقوع في براثن ووحول أخطر بكثير مما عاشته.

ولعله من حق الرئيس نجيب ميقاتي التردد في قبول هذه المهمة التي لا شك بانها ستكون شاقة ومريرة واستثنائية ، ومن حقه ايضاً ان يحصل على الضمانات المطلوبة من قبل كل الاطراف لاسيما في الداخل  من اجل عدم وضع العراقيل امام ما يؤمل ان يقوم به لانقاذ البلاد  وهي ضمانات تتعلق بحتمية  تخلي بعض الاطراف عن رهاناتها والخروج من محاولات التحكم والسيطرة ، كون البلد اذا انهار سينهار فوق رؤوس الجميع ولن يبقى لهذا الطرف او ذاك مكسب من هنا او مصلحة خاصة من هناك او مشروع سلطة من هنالك  اذا لم تحصل المعالجات المطلوبة بشكل عاجل وسريع، والكل سيربح في حال امكن لميقاتي النجاح في مهمته اذا قبل بها بعد ان يحصل على الضمانات المطلوبة خصوصاً وانه رجل تسويات في بلد لا يمكن ان يستقر الا بالتسويات .

وفي المعلومات ان الرئيس سعد الحريري فاتح الرئيس ميقاتي بموضوع ترؤسه الحكومة في حال اعتذاره الا ان ميقاتي لم يوافق بعد. وقد الح الحريري على ميقاتي للقبول بما يطرحه عليه مؤكداً انه سيدعمه الى ابعد مدى الا ان الاخيرلا يتريث بالقبول فقط بل يصر على الوقوف مع الرئيس المكلف ويصر عليه على الاستمرار في ما كلف به لتشكيل حكومة اختصاصيين من قبل النواب الذين سموه وعدم الاعتذار وكذلك عدم التراجع عن مواقفه في عملية تشكيل الحكومة ، رغم ان ميقاتي كان اقترح قبل تسمية الحريري  تشكيل حكومة تكنوسياسيةمن 20 الى 24 وزيراً.

كما ان زميليه في نادي رؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام حاولا اقناعه بالقبول ، خصوصاً وانه يمثل ضمانة اساسية لتنفيذ الاهداف التي ولد نادي رؤساء الحكومة  من اجل تحقيقها وابرزها عدم المس باتفاق الطائف وعدم الانتقاص من صلاحيات رئيس الحكومة او محاولة تقليصها عبر تكريس اعراف جديدة على حساب الدستور.الا ان ميقاتي متمسك ببقاء الحريري مشددا على ضرورة الثبات في دعمه من قبل رؤساء الحكومة السابقين.

وبالنسبة لموقف ثنائي حركة امل وحزب الله ،فانه من الواضح انهما يسيران بما يمكن ان يقبل به الرئيس سعد الحريري في حال اعتذاره، ومن المعروف على هذا الصعيد انهما في مراحل قريبة سابقة كانا يصران على ان يسمي الحريري باعتباره الزعيم السني الاول في البلاد المرشح الذي يريده من اجل تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة. ومع توافر تأييد الحريري لترشيح ميقاتي فان ثنائي امل والحزب لن يترددا في القبول به.

وبديهي القول ،

ان القوى الاخرى وعلى رأسها زعيم المختارة وليد جنبلاط وزعيم "المردة" سليمان فرنجية سيقومان بكل ما يسهل عملية السير بمثل هذا الخيار كونه يمكن ان يؤدي الى تشكيل حكومة سبق ان طالبا بتشكيلها امس قبل اليوم.

اما بالنسبة لرئيس الجمهورية وفريقه وتحديداً صهره جبران باسيل ،فان اعتذار الحريري وتوافر مظلة داخلية وعربية ودولية لتسمية ميقاتي قد يكون فرصة له من اجل تشكيل حكومة تتولى في ما تبقى من ولاية ميشال عون انقاذ صورته التي باتت اقرب الى صورة العهد الاسوأ في تاريخ لبنان. هذا فضلاً عن انه اذا كان هدف العهد وفريقه ابعاد الحريري فان السير بميقاتي رئيساً للحكومة يحقق له هذا الهدف ولو بطريقة مغايرة للاسلوب الالغائي الذي طغى على تعاطيه مع الحريري .

ولا بد من القول في هذا المجال هنا انه يسجل للحريري في حال اقنع ميقاتي بترؤس الحكومة ، انه يغلب المصلحة الوطنية على ما عداها ، وان واقع البلاد المرير والذي يشهد الرئيس المكلف يومياً ما يمر به من معاناة للمواطن في كل لبنان يتطلب منه العمل بكل الوسائل من اجل اخراجها مما تشهده بعد الشروط التعجيزية التي واجهته وعطلت تشكيل الحكومة برئاسته  من قبل جبران باسيل وعمه ميشال عون.

يبقى ان القوى التي تطرح نفسها كقوى معارضة ، وفي مقدمتها القوات اللبنانية ، ستكون امام مشهد جديد هذه المرة يحتم عليها التعامل مع الموضوع بطريقة مختلفة عن طريقتها الحالية ، لتتلاءم مع طبيعة المرحلة الجديدة التي تنتظر لبنان.

ومع اهمية المواقف الداخلية على تنوعها وتعددها، فان اي حكومة لا تحظى بدعم الخارج عربياً واقليمياً ودولياً لن يكتب لها النجاح مهما فعلت ومهما بذلت من جهود. ولهذا السبب فان حكومة ميقاتي في حال شكلت بعد موافقته سيتوافر لها الدعم الخارجي المطلوب ، الى درجة ان بعض المطلعين يعتبر انها ستكون خشبة الخلاص التي رسم  العالم صورتها بعد ان اتخذ قراره في هذا الشأن واختار ميقاتي ليكون رجل المرحلة ورئيس حكومة التصدي للتحديات كونه رجل دولة بكل ما للكلمة من معنى كما يصفه احد رؤساء الكتل التي كانت سمته سابقاً، وكونه  يملك  تجربة عميقة في الحكم  وعلاقات مهمة وواسعة في الداخل والخارج.

فهل يقبل ميقاتي تولي المهمة والصعبة والتاريخية ، لتكون رئاسته للحكومة خطوة اساسية في رحلة الانقا​ذ والخروج من مرحلة قد تكون الاصعب في تاريخ لبنان الحديث والعاصر؟

هذا هو السؤال المطروح الان.

 

الوسوم