بيروت | Clouds 28.7 c

خاص-"الشراع" / لاءات دولية لصالح لبنان والدعم مفتاحه حكومة جديدة

مجلة الشراع 19 نيسان 2021

 

المشهد اللبناني اليوم لا يمكن اختصاره بما قامت به القاضية غادة عون بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ القضاء اللبناني. سواء كانت مخطئة او مصيبة في ما قامت به.

 ولا يمكن اختصاره بصور الموفدين الاجانب والعرب الذين يزورون لبنان حالياً، دفعاً في الشكل على الاقل لعملية تشكيل الحكومة.

كما لا يمكن اختصاره بمشهد تعطيل الحكومة بسبب الشروط والشروط المضادة ووجود اكثر من" فيتو" يمنع ولادتها سواء كانت هذاالعراقيل داخلية فقط  ،  او خارجية موحى بها , او مقنعة بوسائل كثر الحديث عنها للتغطية على المعرقلين الحقيقيين لها. وقد بدا بوضوح ان عملية التشكيل دخلت لعبة المزايدات بعد ان   صارت مطلباً يحاول كل طرف ابداء الحرص على حصوله  ليس من اجل تجقيقه  بل من اجل التهجم على الاخرين وتحميلهم مسؤولية عدم حصوله حتى الان.

والمشهد اللبناني لا يمكن ايضاً اختصاره اليوم بالعراك الحاصل يومياً  داخل المتاجر الكبرى او الصغرى من اجل الحصول على المواد الغذائية المدعومة  والمفقودة اساساً , ولا  بالاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية الصعبة والمتصاعدة سلباً في ظل غياب المعالجات الجدية لكسر الاحتكارات المزمنة وما الى هنالك من محاولات من قبل بعض الرساميل الجشعة من اجل استغلال ما يجري وتسييله بمزيد من الثروات التي لا يمكن وضعها الا في خانة نهب الاموال العامة والخاصة .

واللائحة تطول على هذا الصعيد , من شح الدولار والتلاعب به ووصول سعره الى ارقام قياسية , الى رفع اسعار السلع الغذائية الرئيسية ,الى الطوابير امام الافران و محطات المحروقات , هذا فضلاً عن التعاطي غير المسبوق من قبل المصارف مع المودعين صغاراً وكباراً , وبما يثير المخاوف على مصير هذه الودائع,ويؤثر سلباً على صورة هذه المصارف باعتبارها تاريخيا ًاحد عناصر القوة للبلد.

مؤدى هذا الكلام ان المشهد اللبناني هو جزء من كل ,يتصل اولاً بصراعات عديدة تشهدها المنطقة كما يتصل ثانياً  بالدول صاحبة التأثير القوي والمباشر او غير المباشر على الوضع في لبنان ,بكل ما تشير اليه هذه المعادلة من سلبيات قد تصيبه اوايجابيات قد تنفعه.

والمؤكد اليوم وفق معلومات موثوقة وخاصة بـ "الشراع" هو ان لا قرار من قبل الدول المتصارعة في المنطقة  بتفجير الوضع في لبنان او دفعه الى الانهيار والفوضى والحرب الاهلية. لا بل على العكس من ذلك فان هناك ما يشبه القرار بمنع تفجير لبنان, وان كنا نشهد على ساحته اليوم واحدة من عمليات شد الكباش بين اطراف متصارعة داخلياً ولها امتدادات خارجية في محاولة من كل منها لتليين موقف  الطرف الاخر وجره الى تنازلات. والترجمة المباشرة لهذا الامر هو ان هناك لاءات دولية واقليمية تقف حائلا امام اي محاولة زعزعة الاستقرار الامني في لبنان.

ووفق المعلومات نفسها فان زيارات الموفدين العرب والاجانب الى لبنان بعد انقطاع دام لفترة هو بحد ذاته دليل على ان هناك تعاطيا مع لبنان قد تغير ما انعكس هذا   الاهتمام ولو بشكل مستجد من قبل  العالم بوضعه ، وهذا الامر بصرف النظر عن خلفياته واهدافه يشير بوضوح الى ان العزلة التي كان يعيشها لبنان وكانت احد عوامل الحصار عليه ، بدأت عملية التخفيف منها كمؤشر على تغييرات ما يمكن ان تحصل.

 كما ان عنواناً بارزاً تصدر كل تصريحات هؤلاء الموفدين وفي مقدمتهم مساعد وزير الخارجية الاميركي دافيد هيل بعد لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين كما استحوذ على النقاش في الاجتماعات المغلقة التي اجروها معهم وهو عنوان حث القيادات اللبنانية على عدم التأخير في تشكيل الحكومة وضرورة العمل على انقاذ البلاد مما تتخبط فيه ومما يمكن ان تشهده من تفاقم للازمات في حال استمر الانقسام اللبناني على حاله، مع الاشارة الى الموقف المصري اللافت في دعوته لعدم المس باتفاق الطائف وضرورة التمسك به .

وهذا الموقف المصري بالدعوة للتمسك باتفاق الطائف ان دل على شيء ، فانما يدل على ان لا بديل له في الامد المنظور، كما يدل على انه ليس هناك من تحرك او توجه باتجاه عقد طاولة حوار وطني مصغرة او موسعة على غرار ما حصل في الدوحة عام 2008  او قبل ذلك في ضاحية سان كلو الفرنسية  ، وان الاتفاق متاح ضمن السقوف الحالية المعمول بها ، وانه ليس على المسؤولين اللبنانيين الا الالتفات لما يضمن عدم انزلاق لبنان الى نفق قد يعرف الجميع كيف يدخلون فيه الا ان احدا لا يعرف الوجهة التي قد ينتهي اليه.

تشكيل الحكومة اذن هو العنوان الابرز في توجهات الموفدين الدوليين والعرب ، باعتباره الخطوة المطلوبة للجم الانهيار الحاصل وكل ما قد يترتب عليه من تهديدات واخطار على الاستقرار والسلم ، وبما يؤمن الحؤول دون انزلاق البلاد الى فوضى قد لا تبقي ولا تذر ، اضافة الى اولوية الاصلاح الذي ينبغي عليها القيام به من خلال ما بات برنامج يضمن عدم تحول لبنان الى صومال جديدة او فنزويلا ثانية.

.واللافت انه كان من نتائج هذه التوضيحات حول  التوجه الدولي – الاقليمي المشار اليه،  ان قيادات لبنانية عديدة خرجت من حالة الاحباط التي كانت تعيشها منذ فترة , واستندت الى هذا التوجه في تعاطيها المستجد مع الازمة القائمة بهدف االعمل على استيعابها والالتفاف عليها، وان كان امر تشكيل الحكومة لم يحسم بعد ومن الظاهر انه قد لا يحسم قريباً بسبب الاعتبارات المعروفة .

الا ان كل ذلك لا يلغي ان  هناك من يعتبر ان كل ما ورد انفا عن حركة  الموفدين الدوليين والعرب  والمواقف التي ابلغوها للمسؤولين اللبنانيين هو كناية عن صك( شيك) بلا رصيد وان الامر ليس له اي قيمة اذا لم يترجم بشكل مباشر وعملي، سواء في موضوع تشكيل الحكومة  والموانع الخارجية التي تؤخر ولادتها او في موضوع مد اليد فعلا لانقاذ لبنان مما يتخبط فيه بعد ان بات اسير الانهيار في اكثر من مجال وميدان وفي اكثر من قطاع ومستوى.

ومهما قيل عن هذا الصك (الشيك) سواء كان برصيد وملاءة فعلية له او من دونهما، فان الحكومة الجديدة المطلوب منها صرف هذا الصك ينبغي ان تكون موجودة اصلا وساعتها يمكن الحكم على حقائق او اكاذيب الدعم الدولي  والاقليمي للبنان.

ويكاد لسان حال العالم يكون اليوم في مخاطبته للبنانيين :شكلوا حكومة . هذا ما يقال في الاجتماعات المقفلة وعلى ابوابها من قبل الموفدين الدوليين والعرب كما يقال في عواصم يزورها مسؤولون لبنانيون . كما يقال في رسائل غير معلن عنها ترد الى قيادات لبنانية .

فمتى يحس المعنيون بالقرار في لبنان باوجاع الناس؟

ومتى يتخلون عن شروطهم لتشكيل الحكومة؟

وهل يسارع هؤلاء الى الافادة من المناخات الدولية والاقليمية الجديدة ازاء لبنان وتمرير حكومة تتولى ادارة الاوضاع في البلاد وتجنيبها الاسوأ في المرحلة الانتقالية التي دخلتها المنطقة ككل، وهي مرحلة انتقالية قد تفضي الى تسويات وتفاهمات ومعادلات سلطة جديدة.

 

الوسوم