بيروت | Clouds 28.7 c

اعادة نشر – 17 كانون الثاني 2021 / هل يتخلى اردوغان عن الاخوان؟ - بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 20 آذار 2021

لماذا نعيد نشر هذه المقالة؟

هل يتخلى اردوغان عن الاخوان؟

لسبب مباشر وهو انعطاف اردوغان من تطاول على رئيس مصر المشير عبد الفتاح السيسي الى سعيه والحاحه بتطبيع العلاقات مع مصر

 

هل يتخلى اردوغان عن الاخوان؟ / بقلم حسن صبرا

هل يتخلى اردوغان عن الاخوان؟ / بقلم حسن صبرا ✔ 17 كانون الثاني 2021

مجلة الشراع 17 كانون الثاني 2021

ما كان للعداء الذي ساد في السنوات الاخيرة بين تركيا وبلاد عربية خليجية مثل السعودية والامارات ومصر ان يستحكم لولا احتضان انقرة في ظل رجب طيب اردوغان لجماعة الاخوان المسلمين التي انطلقت من مصر عام 1928 ومنها انتشرت في كل البلاد العربية، ويبدو انها عند انطفائها في ارض الكنانة ستنطفىء في بقية البلاد حتى لو حكمت لفترة هنا اوهناك لأن اصلها المصري اقتلع في السياسة حتى لو كانت جذوتها مستفحلة ثقافة وفكرا.. وسلوكاً بدءاً من الازهر الى بقيّة مؤسسات الدولة والمجتمع المصري (غير ان هذا حديث آخر)

عندما خرجت جماعة الاخوان عن انتمائها المجتمعي وخططت لقتل جمال عبد الناصر والانقلاب عليه بدعم اميركي -  بريطاني -سعودي - اسرائيلي طيلة فترة النهوض المصري في كل المجالات بما استفز واثار هذا التحالف للتخلص من جمال وثورته وجد الاخوان حضناً واسعاً كريماً جداً في الرياض وخصوصاً سنوات حكم فيصل بن عبد العزيز(1964 - 1974) فاكرمتهم السعودية وسلمتهم وزارة المعارف ليديروا التعليم والتربية السعوديين..

وعندما استفاق السعوديون الى جهيمان العتيبي الذي احتل الحرم المكي ثم الى اسامة بن لادن الذي تفاخر بتفجيرات نيويورك التي دبرها عشرون شاباً كان بينهم ستة عشر سعودياً وهناك واحد وعشرون عاماً بين الحدثين الضخمين (1980-2001) بدأت اجراءات تحجيم الاخوان داخل السعودية حتى وصل الامر برجلها القوي وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز الى اعتبار جماعة الاخوان اكبر خطر على العرب والمسلمين !

لم تمض فترة الا وكان الاخوان قد تمكنوا من مصر في اواخر عهد حسني مبارك خصوصا بعد ان غزوا ارض الكنانة بثقافتهم وافكارهم التي راحت تتصارع مع افكار وثقافة الجماعات السلفية الوهابية بعد ان وجد البعض في السعودية انه يمكن مواجهة الاخوان بهذه الجماعات في وقت زرعت الوهابية ورجال اعمال سعوديين وخليجيين في مجتمع مصر الذي يوصف بأنه اكثر مجتمعات الارض تديناً افكار التطرف الديني والافكار الصحراوية وسلوكها (حجاب، مسواك، لحية، ثوب قصير واضاف اليها مصريون زبيبة وسبحة وقال فلان وقال علان في تجاهل شبه تام لأقوال الله الحاسمة في القرآن الكريم)...

 وتبارى رجال اعمال سعوديون وخليجيون في من يستقطب فنانات لوضع الاغطية على رؤوسهن وترك الفن واعتباره حراماً وانتشرت الفضائيات الخليجية دينياً وكلها تركز على مصر ..

 سقط مبارك..

 وتسلم الاخوان..  حكموا لمدة سنة حتى اسقطهم الشعب المصري مدعوماً بالجيش الوطني..

 هرب الاخوان..

 حضنتهم تركيا وما زالت ثقافة الاخوان والسلفيين سائدة في مصر في اقوى صورها حتى ولو كانوا سقطوا في السياسة!

استقبل اردوغان الاخوان في ذروة طموحه لإستعادة مجد امبراطورية حكمت نصف اوروبا وكل بلاد العرب، وهو يعرف تماماً ان الشيخ حسن البنا انشأ الجماعة في مصر لإعادة الخلافة الاسلامية التي اسقطها الوطنيون الاتراك في آخر عواصمها اسلام بول التي هي اسطنبول الآن !

استخدم اردوغان الاخوان واطلّ مباشرة على قضية العرب والمسلمين التي ما عادت مركزيّة عند الانظمة وكثير من العرب مقلداً ايران التي اطلت على فلسطين بدءا من تحويل سفارة اسرائيل في طهران الى سفارة لفلسطين بينما ما زالت سفارة اسرائيل ترفع علمها في انقرة! وقبل عدة ايام كشف اردوغان نفسه عمق علاقات بلاده الامنية مع العدو الصهيوني وعمق التكامل بين تركيا واسرائيل في دعم اذربيجان في حربها ضد ارمينيا..

ايران في لبنان نجحت بدعم حزب الله لتحرير اراضي لبنانية في الجنوب والبقاع الغربي بينما اكتفى اردوغان بتسجيل نقاط استعراضية في بحر فلسطين الجنوبي مقابل شواطىء غزة لدعم امارة الاخوان فيها تحت راية حركة حماس!

 والمفارقة في الامر،

 ان ايران نجحت في ايصال صواريخ ومعدات حربية الى حماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة ولم تتلقى امارة الاخوان الا خطابات دعم من اردوغان!!

سقط ترامب جاء بايدن

هذا ليس حدثاً عادياً سواء في اميركا او في العالم كله خصوصاً في وطننا العربي

وكذلك في محيطه الاسلامي من تركيا الى ايران

بايدن سيريح ايران ربما بما يقلق بعض العرب

بايدن سيريح اردوغان ربما بما يقلق عرباً

المصالح ستؤدي دورها بين العرب والاتراك وايران وهم يتحلقون حول بايدن لتلافي اي انتكاسة نتيجة المرحلة الإنتقالية من ترامب الى بايدن..

سيرسم الجميع سياساتهم بما يتناسب مع القادم الجديد الى البيت الابيض ربما قبل ان يضطروا لرسمها وفق مصالحه او اوامره من دون حساب ان بايدن سيسعى للمصالحة مع طهران بينما سيجد اردوغان وحكاماً عرباً ان ترامب الذي كان يحرضهم ضد ايران لم يعد موجوداً .. والمفارقة هنا ان الاخوان المسلمين سيجدون في بايدن حليفاً لهم وارثاً هذا الموقف من رئيسه السابق باراك اوباما الذي شق طريق تسليم الاخوان حكم مصر عام 2012 ..

متغيرات تفرض اصطفافات جديدة بين العرب وتركيا

كان بعض العرب يراهن على دعم ترامب ضد ايران وفي الوقت نفسه كانت علاقته مع تركيا سلبية، وكان التركي يرى ان ترامب يناصبه العداء ويحرك له الاكراد ليبعده عن الروسي، وقد اتقن اردوغان لعبة الاستناد الى روسيا كي يحفظ دوره في سورية

وكان اردوغان يعتمد الاخوان المسلمين فزاعة ضد خصومه في ليبيا والسودان وعندما هرب الاخوان من مصر صار هو مرشدهم السياسي بعد هزيمة مرشدهم التنظيمي محمد بديع

من تخلى عن الآخر: اردوغان أم الاخوان؟

باكراً شعر اخوان تركيا الذين يمثلهم احمد داوود اوغلو وعبد الله غول بأن ثالثهم رجب طيب اردوغان يغرد خارج سربهم، وكان اوغلو هو صاحب معادلة صفر مشاكل لتركيا فاذّ اردوغان يدخل بلاده في صراعات قديمة - جديدة من روسيا الى اميركا ومن مصر الى السعودية...

لكن هل هذا هو سبب الخلاف بين اردوغان ورئيس الوزراء الاسبق ورئيس الجمهورية السابق؟

انها احد تعابير الخلاف، ولكن حتى نعرف حجم الخلاف بين الثالوث الحاكم يوماً ما يجب ان نتابع كيف تحالف اخوان تركيا اي اوغلو وغول مع العلمانيين الاتاتوركيين والعلويين والقوميين الاتراك لاسقاط اردوغان في اهم ثلاث بلديات في تركيا هي اسطنبول وانقرة وازمير.

لقد كانت صدمة كبيرة لاردوغان ان يخسر اسطنبول والعالم يعرف ان الرجل بدأ صعوده من رئاسته بلدية اسطنبول ونجاحه فيها وتحويلها الى احدى المدن الجميلة والنظيفة في العالم...

 لذا فإن خسارتها فيها كانت مؤشراً الى بدايةً تراحعه السياسي.. من دون ان ننسى ان نجاح اردوغان في الحكم وتزايد اعداد نواب حزب العدالة والتنمية جاء من نجاحه الاقتصادي وانخفاض اعداد البطالة وتحسن سعر الليرة التركية لتصبح ليرة ونصف للدولار، اما ان يرتفع سعر الدولار الى ثمانية ليرات فهذا مؤشر سلبي آخر يخشاه اردوغان!

خسارات في البلديات ..

انكماش في الاقتصاد..

انشقاقات في حزبه..

مشاكل مع اميركا من دون صدقية في التعامل الروسي معه الا في سورية..

مشاكل مع المملكة العربية السعودية بسبب استثماره المبالغ به لقضية قتل جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول..

حرب مباشرة في ليبيا واحياناً بالوكالة ضد مصر..

صراع مع فرنسا واستنفارات ضد اليونان ..

حرب بالوكالة في اقليم نوغورني كاراباخ ..

وقاعدة عسكرية تركية في قطر وتحريض لاقلية تركيةً في القرم تمّ لجمه عنه بواسطة بوتين الذي سمح له بحصة في سورية وتركه يصفي حساباته ضد الاكراد فيها !

غير ان هذا كان،

 قبل نجاح بايدن وسقوط ترامب الذي تم في فراغهما تسوية خليجية عربية اعادت قطر الى مكانها في مجلس التعاون الخليجي بما سيفقد اردوغان الحاجة له لدور في الخليج العربي، فإذا ما مدت دول الخليج العربي وخصوصاً السعودية والامارات العربية اليد الى مصالحة مع اردوغان على حساب الاخوان ادرك الرجل ان مصلحته هي في اللقاء مع الرياض وابو ظبي وفي تسوية ليبية بينه وبين الحكومة المصرية...

واهم الخدمات التي يمكن ان يقدمها لهذه الدول حتى توفر عليه الاستنزاف الخارجي وحتى توفر له مع قطر النفط والغاز عبر انبوب او انابيب ضخمة عابرة البحار والقارات.. هي استيعاب الاخوان المسلمين وتحجيمهم وليس التخلص منهم !

اردوغان سيظل اسلامياً، والاسلام التركي اسلام صوفي ليس مسيّساً كما في مصر التي يتصدر الازهر فيها تصدير الثقافة المتطرفة التي تنتشر حيث ينتشر خريجو الازهر في ديار الاسلام ..

الثقافة الصوفية التركية لا تلتقي مع الثقافة الوهابية التي تلتقي مع ثقافة الاخوان الازهرية في تصدير التطرف وتنشأ في احضانها جماعات القاعدة والسلفية المقاتلة وداعش وجماعات التكفير في كل ديار العرب!

اذن،

لكل من مصر رسمياً وليس ازهرياً والسعودية والامارات وتركيا مصلحة في مصالحة تتقاطع فيها المصالح.. ولا يتوقعن احد ان يضرب اردوغان الاخوان فلا هو يريد ان يستغني عنهم ولا هم يملكون حضناً او مكاناً يلجؤون اليه ..

مع مجيء بايدن امور كثيرة سيجري ترتيبها ومن يدري فقد تعود اميركا الى احتضان الجماعة كما كانت في عهد اوباما.. وكما تدعو الى الحوار مع ايران.. وكما يكرر بايدن مشروعه لحل الدولتين في فلسطين!

مرحلة ترقب بدأت في العالم منتظرة السياسات الخارجية لبايدن اذا سمح له جمهور ترامب ان ينصرف للخارج واذا لم يغرقه في مشاكل داخلية اين منها مشاكل كورونا؟

حسن صبرا

الشراع في 17/1/2021

الوسوم