بيروت | Clouds 28.7 c

العرب وفتح بلاد الصين وفرض الجزية عليها / بقلم عبد الهادي محيسن

مجلة الشراع 14 آذار 2021

روي عن الرسول انه قال اطلبوا العلم ولو في الصين، من هنا نقول ان العرب كانت تعرف بلاد الصين قبل الإسلام بفترة طويلة فكانت الصلات التجارية بين بلاد العرب وبلاد الصين قد توطدت حيث كانت حاصلات الشرق تصل بلاد الشام عن طريق موانئ الجزيرة العربية الشرقية والجنوبية ، وفي القرن السادس الميلادي كانت بين الصين وبلاد العرب تجارة هامة عن طريق سيلان ، حتى أصبحت التجارة بين بلاد فارس وبلاد العرب هي السوق الرئيسية للتجار الصينيين وقد ورد ذكر العرب لأول مرة في التواريخ الصينية ابتداء من حكم دولة تانج 618 م .

وعندما توفي يزدجرد آخر ملوك ساسان في فارس استنجد ابنه فيروز بالصين لتنصره على العرب الغزاة ، غير أن امبراطور الصين أجاب بأن بلاد الفرس ولبعد الشقة وطول المسافة بحيث لا يستطيع أن يرسل الجيوش المطلوبة ، ولكن قيل أنه بعث الى البلاط العربي سفيرا ومن المحتمل أن يكون الأمبراطور قد أوصى سفيره أن يتبين مدى اتساع القوة في الدولة الجديدة التي نشأت في بلاد العرب .

وفي عهد الوليد بن عبد الملك نجد القائد العربي المشهور قتيبة ابن مسلم الباهلي لا يكتفي بما فتحه من بلاد خراسان وبلاد ما وراء النهر ، بل مضى قدما في سنة 96 هجرية الى حدود الصين على رأس جيش كبير وبينما هو في طريقه إليها جاءه نبأ وفاة الخليفة الوليد بن عبد الملك ، فلم يثنه ذلك من متابعة فتوحاته .

بل تابع سيره حتى حدود الصين فأرسل الى امبراطور الصين وفدا برئاسة هبيرة بن المشمرج الكلابي ، وبعد أن وصلوا دارت بينه وبينهم عدة مراسلات قال ملك الصين موجها كلامه الى الوفد العربي : انصرفوا الى صاحبكم وقولوا له أن ينصرف ، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وجنده وضعف جيشه وإلا أبعث عليكم من يهلككم ويهلكه فقال هبيرة :

 كيف يكون قليل الأصحاب مَن أول خيله في بلادك وآخرها في منابت بلاد الزيتون ؟ ،وكيف يكون حريصا من جاء من خلف الدنيا وغزاك ؟ وأما تخويفك إيانا بالقتل فلسنا نكرهه ولا نخافه " فأجابه ملك الصين فما الذي يرضي صاحبك ؟ فقال هبيرة: إنه قد حلف أن لا ينصرف حتى يطأ ارضكم ويختم ملوككم ويٌعطى الجزية " .

فقال الملك فإننا نخرجه من يمينه : نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطأه ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ونبعث إليه بجزية يرضاها " ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب ، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم ، ثم أجاز الوفد فساروا حتى قدموا على قتيبة ، فقبل الجزية وختم الغلمان وردهم ووطأ التراب ثم عاد الى مرو .

وتذكر التواريخ الصينية أن هشام ابن عبد الملك أرسل سفيرا يدعى سليمان الى الأمبراطور هزوان تسنج ، وقد اكتسبت هذه العلاقات السياسية التي قامت بين الدولتين العربية والصينية أهمية جديدة في أواخر عهد هذا الأمبراطور حين طرده أحد الغاصبين عن عرشه ، الى أن تنحى هذا لإبنه تسونج فطلب هذا الأخير النجدة من الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، فأرسل قوة من الجيوش العربية فساعدته على استرداد ملكه ولم ترجع هذه القوة العربية الى بلادها بل تزوجت من أهلها واستقرت في الصين ......... 

عبد الهادي محيسن... كاتب وباحث

الوسوم