بيروت | Clouds 28.7 c

المقاصد من روح بيروت العروبية / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 13 آذار 2021

 

عندما انشأت نخبة بيروتية متقدمة عربية مسلمة جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في عاصمة لبنان لم تتقدم على الكلية السورية التي اصبحت فيما بعد الجامعة الاميركية في بيروت وهي احدى اهم جامعات اميركا خارجها فقط، لا ان هؤلاء البيارتة اقاموا صرحاً مهد لاستقلال لبنان ثقافياً عن التتريك الذي ساهم هو نفسه بإنهيار الدولة العثمانية التي بالغ حكامها في محاولة تعميم الجهل والتخلف حتى كاد ان يكون التعليم للرجال حراماً ولا تسأل عن تعليم البنات ..

قامت المقاصد  في بيروت قبل ان تحصل دولةًعربية واحدة من  المحيط الى الخليج على اي نوع من انواع الاستقلال وقد تقلبت كلها بين خضوع لسلطنة آيلة الى السقوط وسقوط تحت استعمارات انجليزية وفرنسية واسبانية وبرتغالية

صارت المقاصد عنواناً لثقافة العرب وصارت بيروت عنواناً سياسياً العرب لتحرر العرب ومن اشد متانة لصرح العروبة من هاتان الدعامتان؟

هكذا نشأت معادلة الا عروبة من دون بيروت، وان بيروت هي توأم المقاصد...

وهل يعرف البيارتة ان شركة طيران الشرق الاوسط كانت تنطلق من مطار بئر حسن جنوبي العاصمة لتشغيل مطارات وطائرات عدة دول عربية قبل استقلال عدد من دول الخليج العربي؟

هل يعرف العرب؟

وان جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية اقامت كلية للبنات احتضنت فتيات عربيات وافق اهلهن على السفر الى بيروت ليتعلموا فيها؟

هل يعرف البيارتة؟

 هل يعرف العرب؟

وان جمعية المقاصد كانت ترسل كتباً مجاناً لعدد من مدارس العرب الناشئة حين كان التعليم كله حكراً على الصبيان والفتيان ثم الشباب وقبل نشوء اي جامعة فيها؟

هل يعلم البيارتة؟

هل يعلم العرب؟

 وان كثيراً من شباب العرب الميسورين والبسطاء الحال درسوا الصفوف الثانوية في مدارس المقاصد وعندما تخرجوا منها تابع بعضعم التعليم في الجامعة الاميركية في بيروت التي تحولت بعض جوانبها الى منابر ثقافية وسياسية عروبية وهي تستقطب طلاباً عرباً أنشأوا حركات سياسية عروبية منها حركة القوميين العرب لترث جمعيات عروبية سياسية نشأت كلها في بيروت وابرزها عصبة او حزب النداء القومي وبعض روادها مقاصديين؟

هل يعرف البيارتة؟

هل يعرف العرب؟

هل يعرف البيارتة ان طلاب المقاصد كانوا رواد كل حراك شعبي عربي خرج لينادي بعروبة ليبيا في مواجهة الاحتلال الايطالي لها وان بعضاً من رجال بيروت تطوعوا للذهاب الى ليبيا لمساعدة ثائرها عمر المختار ضد هذا الاحتلال، بل ان بعضهم تظاهر ضد هذا الاستعمار حين كان محتلاً الحبشة؟

ألم يوص رسول الله رجال ونساء الهجرة الاولى ان يقصدوا ملكها الذي لا يظلم عنده احد؟

خرج من ابواب ثانويات المقاصد ومدارسها طلاب اوقفوا الدراسة ليتظاهروا دعماً لصمود مصر جمال عبد الناصر في مواجهة العدوان الثلاثي عليها عام 56 وهتفت حناجر البيارتة لعروبة الجزائر وكتبوا على جدران بيروت فلسطين بعد القنال يا جمال وزينوا هذه الجدران بعبارات التمجيد بقيام الجمهورية العربية المتحدة ، وعندما هزمت مصر عسكرياً في عدوان 1967 نظمت جمعية متخرجي المقاصد حملة تبرعات للمجهود الحربي في الجمهورية العربية المتحدة..

 المقاصد..

هذا الصرح العلمي الذي بنته نخبة بيروتية بإيمانها وآمالها واخلاصها كنا نشهد شباباً يتطوعون ظهر كل يوم جمعة لحمل شراشف على ابواب المساجد لجمع تبرعات لإكمال اعمال خير في بيروت قبل ان تحصل المقاصد على اي قرش مساعدة من اي بلد عربي مقتدر

خلاصة القول:

الا عروبة من دون بيروت، وان المقاصد وبيروت توأمان يؤكدها ان هذا الثالوث يصعد بأضلاعه الثلاثة... او الرحمة لسنوات فخر وعزّ وكرامة يسمع عنها جيل اليوم ولم يعشها

 

الشراع في 13/3/2021

الوسوم