بيروت | Clouds 28.7 c

شارع الحمراء.. / بقلم رولا عجوز


مجلة الشراع 5 آذار 2021

سألت صديقة عزيزة على قلبي عن مكان لشراء قطعة لصيانة الكمنجة violin على facebook. بما إن هذه الصديقة تعني لي الكثير، فكرت أن أتوجه لشارع الحمرا للبحث عن القطعة و إرسالها لمنزلها فقط لأتخيل فرحة ابنتها التي تعزف على الكمان.

مشيت في الشارع الذي ترعرعت به و أخذتني الذاكرة إلى أهل الحمرا و المقدسي و المكحول و بليس و منهم إلى Blue Note, Back Street, Flying Pizza، انكل سام, المختار عمو كمال، كمال ربيز و مكتبه الشبيه بالمتحف الصغير و طاولته و عشرات أقلام ال مون بلان و عشرات ال pipe. عمو كمال لم يكن مختارا عاديا، كان زعيما و مرجعنا و بيروت كنا نقرأها من عيونه الداكنة. كان يعرف كل الناس بالأسماء و ربما أيضا فئة دمهم. و مطعم فيصل حيث كانت تمر خالتي عليا، رحمها الله، و تأخذني مع أخي من  المدرسة، مدرسة الاستقلال، التي أصبحت مرآب للسيارات، إلى المطعم للغداء و تشتري لنا ماسك mask كرتون عليه وجه ملون مطبوع، نضعه على وجهنا من خلال (المغيطة) على الأذنين و نفرح به كأننا ملكنا العالم و أصبحنا ابطال مثل الصورة المطبوعة. أكملت بحثي عن القطعة للكمان حيث كان محل ميلودي فلم أجد القطعة و لا المحل! أكملت مسيرتي نحوى فندق كازا دور حيث كان محل شاراد للموسيقى، و أيضا لم يكن هناك محل شراد و لا من يحزنون. تابعت نحو محلات بلعة حيث كان في المبنى الملاصق متجر مهم للأدوات الموسيقية و لم أتفاجأ بما رأيت. بنزلة البنك البريطاني سابقا كان يوجد عدة محلات للأدوات الموسيقية، عبثا حاولت. عند الرجوع إلى منزلنا بشارع الحمرا، توقفت قليلا على باب قهوة اخذت مكان سينما الحمرا. هناك كنت اذهب مع أخي صباح أيام السبت حيث يكون أرنوب بانتظارنا مع كرتونة ملونة فيها 7  UP توزع على الأطفال. قليلا من المشي و أمر حيث كانت أجمل المقاهي التي كنا نراها بمعظم الأفلام المصرية للتباهي بهذا الشارع العريق. مين بيتذكر شاورما شاتيلا بليرة و نص؟ سينما ستراند، البيكادللي، سينما فرساي و ٢٤ سينما غيرهم أصبحوا متاجر لكل شيء و لا شيء. قهوة الاتوال كانت مركز للمثقفين. عندما منع الأمن العام أو طلب محو بعض العبارات من مسرحية، توجه الفنانين إلى قهوة اتوال و وقفوا على الطاولات و عملو المسرحية بدون ما يحذفو منها أي مقطع. لست متأكدة و لكن أظن أن السيدة نضال الأشقر (مسلسل تمارا بالأبيض و الأسود ) كانت من ضمن الممثلين. قليلا و أرى حيث كان محل splendid و عمو منير شاتيلا، و المشوار أخذني إلى وقفة قرب أبو طالب و ما أدراكم عن عمو أبو طالب؟ شوارب عريضة و شعره الماءل للون الأحمر و ابتسامته الطيبة و يسترجي حدا يقرب على أهل المنطقة و هو موجود. و بنزل صوب حيث كان Smith و صورة باتريك و عويناته السود و هو قاعد على مكتبه بالطابق الأعلى. كن باتريك بيعرف كل أهل رأس بيروت، رحم الله باتريك الذي توفى منذ أيام. طبعا بالشارع كان في محلين للموسيقى، كمان مش موجودين.

مقابل سميث و ب النزلة حيث كنيسة سانت ريتا، تذكرت ستي هادية، الله يرحمها، بكامل اناقتها، تأخذني معها دائما إلى تلك الكنيسة و على الباب، قبل الدخول، تلبس على رأسها و تضع حذاءها بكيس و ندخل معا إلى الكنيسة. كنا نقرأ معا سورة الفاتحة و غيرها من السور القصيرة من القرآن الكريم. سألتها مرة لماذا لا ندخل إلى المسجد، قالت لي يا تيتا الستات عادة ما بيفوتوا على المسجد و نحن بالكنيسة ببيت الله. بيت شاتيلا بالمنطقة مع غيرهم من العائلات الكريمة حافظوا على المنطقة بكنيستها و مسجدها. هيك ربينا و هيك حبينا، و هيك كنا. مشوار البحث عن قطعة لصيانة الكمنجة للغالية Lilianne لم تكن سوى رحلة البحث عن الهوية. الموسيقى استبدلت ب dollar store, و كراكيب لا طعم لها و لا رائحة. السينمايات إلى سوبر ستور للجملة و المفرق و "القشة لفة"، Teddy Toys صار مطعم بيتزا أتوجه إليه مع أولادي و أعيد لهم مغامراتي أنا و أخي علي أيام السبت عندما كانت أمي، رحمها الله، متفقة مع عمو احمد إن يعطينا ما نريد. علي اخي حبيبي و نور عيوني، كان دائما يشتري طائرات بلاستيكية يتباهى بتركيبها و أنا كنت أشتري دفاتر عليها اشكال فتيات و ثياب كثيرة مخرطة خصيصا لنلبس اشكال الألعاب و عندما كنت أظن بأن عمو احمد لا ينتبه، كنت أشتري نقيفة لأنها كانت تسليني أكثر. يا ليليان، عندما كنت أبحث عن القطعة للكمان، كنت بالحقيقة أبحث عن هويتي التي ضاعت. عندما نرجع و نري أماكن للقطع الموسيقية في شارع الحمراء، بإذن الله، سترجع لي هويتي.

الوسوم