بيروت | Clouds 28.7 c

الكحالة صعوداً وهبوطاً

مجلة الشراع 24 كانون الأول 2020

في الذاكرة عن كوع الكحالة الكثير الكثير بين السلب والإيجاب من موقع مختلف احياناً كثيرة

في الكحالة كوعها الاشهر في جبل لبنان وربما كل الوطن ، وعنده كم من شاحنة تدهورت وكم من سيارة انزلقت وسببت اضراراً

سنتجاوز الكحالة كخط تماس في الحرب الاهلية البغيضة خصوصاً خلال حرب السنتين ، وما بعدها حين احتدمت بين احزابها المختلفة المؤتلفة وبين قوى اليسار وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي حين شق انصاره طريقاً بديلاً اطلقوا عليها اسم طريق الكرامة ، وعلى هذه الطريق كادت تقع افظع مجزرة ضد اهل الجبل لولا اكتشاف عدة محاولات لإغتيال حاكم لبنان القوي فعلا غازي كنعان واتهم فيها مسؤول امن الحزب الاشتراكي في بيروت جمال كرارة (ابو هيثم) الذي سلمه وليد جنبلاط للسوريين بعدها

في الذاكرة عن كوع الكحالة تصدي محازبيها الشمعونيين والكتائبيين لمواكب ابناء بيروت الزاحفة الى دمشق طيلة سنوات الوحدة والجمهورية العربية المتحدة للقاء بطلها الاسمر جمال عبد الناصر  وهو يطل عليها من على شرفة قصر الضيافة في دمشق

كان محازبو الكحالة يتعرضون للمواكب السيارة المدنية وهل زجاجها صور بطل الوحدة جمال يهشمون الزجاج بالعصي والحجارة وينهالون بالشتائم على ركابها ويتعرضون بالاذى لمن فيها ذهاباً وإياباً ..

نعم اختلف الامر بين ماكان يحصل في عهد كميل شمعون وكان في سنته الاخيرة وما صار يحصل بعد ذلك مع مطلع عهد فؤاد شهاب بالنسبة لتعامل الدرك حيث كان ضباطه وعناصره ينحازون للمهاجمين من حزبيي الكحالةًضد المدنيين الناصريين في عهد شمعون لكنهم كانوا يتدخلون لمنع التمادي في التعرض لهم في عهد شهاب

 في الذاكرة ايضاً إنما ايجابياً هذه المرة ، نقلاً عن الرئيس الراحل شفيق الوزان الذي كشف لنا انه حين كان رئيساً لجمعية خريجي المقاصد توجه على رأس وفد كبير منها الى الكحالة ليكون في استقبال جثمان البطل المظلوم خليل عز الدين الجمل وهو اول بطل لبناني ومن بيروت يسقط مقاتلاً في صفوف الفدائيين المقاتلين في اغوار الاردن بعد معركة الكرامة الشهيرة عام 1968

قال الرئيس الوزان انه انتظر في الكحالة وصول الموكب القادم من الاردن عن طريق دمشق وقد ابلغ ان الموكب غادر عاليه في طريقه وعندما ظهرت طلائع الموكب امامه توقف فجأة بما ارعبه وجعل قلبه يدق بسرعة وهو يراقب تقدم عشرات الشباب من الكحالة نحو السيارة التي تحمل النعش على الاكف .

  استرجع الوزان -والكلام له- ما كان يحصل قبل عشر سنوات تماماً مع مواكب الوحدويين عند الكوع الشهير فقال متمتماً الله يستر .. الله يستر

والله ستر فعلاً اذ ان شباب الكحالة حملوا نعش البطل البيروتي خليل عز الدين الجمل على اكفهم ورفعوه والنهش يتمايل بين ايديهم في اشارة الى ان المحمول هو شاب يتم تشييعه

يتابع الوزان الوصف فيقول : إطمان قلبي وتهللت اساريري وانا مع الحضور الكثيف عند الكوع الشهير نستمع بفرح الى قرع اجراس الكنائس مرددا ،، انه كان يعرف بحكم وجوده في بيروت ان قرع الاجراس بمثل هذا الايقاع هو تحية وليس احتجاجاً

 الكحالة من جديد هي المدينة المسيحية الصغيرة التي اعادت اسمها الى الإعلام بعد اغتيال ابنها الشاب جوزيف بجاني وقطع شباب منها طريقها الحيوي للصاعدين عبرها والعائدين من الجبل والبقاع

تأبى الكحالة ان تبتعد عن الاضواء في الافراح وفي الاحزان وكثيرون يذكرونها بكوعها الشهير الذي لم يخفف من اخطاره ووقائعه  حاجز الاسمنت في وسطه

 

الشراع في 24/12/2020

الوسوم