بيروت | Clouds 28.7 c

مدينة الزيتون تنتظر ((تحالف المجرمين))! بقلم: محمد خليفة

أم على قلوب أقفالها..؟!

مدينة الزيتون تنتظر ((تحالف المجرمين))! بقلم: محمد خليفة

ادلب لمن لا يعرف هي مدينة الزيتون في سورية. مدينة الفواكه والخضرة، مدينة السلام والجمال، وتشتهر بصناعة الحلوى، وأهلها يتصفون بالوداعة واللطف والكرم. ولكن يبدو انه لا الزيتون الأخضر، ولا جمالها، ولا وداعتها تشفع لها عن ((تحالف المجرمين)) الذي يجهز العدة لجولة جديدة من الحرب والدمار والتهجير.

تعيش ادلب الآن في قلب الخطر والخوف، بانتظار مجزرة كبرى يجهز لها مغول وبرابرة العصر.

ومع تزايد احتمالاتها وتقدم قوات الأسد الى مشارفها، تحولت ادلب ((أزمة دولية)) عنوانها القلق الشديد والتصريحات الاستباقية التي تستهدف تبرئة الذمة سلفاً مما سيقع، او الخوف من امكان وصول موجات نزوح وتهجير، قد تقذف بمليوني سوري الى تركيا، ومنها الى اوروبا تكراراً لما حدث عامي 2016 – 2015.

قادة كبار في العالم يتابعون هذا السيناريو ويناقشونه عبر اتصالات ساخنة هدفها وقف التدهور الأمني والبحث عن خيارات بديلة، وخصوصاً بين بوتين واردوغان وميركل وماي وماكرون وترامب. وأرجح الظن انه لولا الخوف من موجات المهجرين لما زادت ردود أفعال هؤلاء القادة عما صدر عنهم خلال الهجوم الأخير على حوران.

وحده بشار الأسد لا يشاطر الآخرين مخاوفهم. نحن نتصوره في قمة النشوة والمتعة، يراقب المشهد، ويرصد قلق العالم منفرج الأسارير، ويفرك يديه فرحاً، ذلك ان القاتل السادي يستمتع بجرائمه، ويعتقد انه بهذه الطريقة يفرض نفسه على أعدائه، وينتصر عليهم ويربك حساباتهم ويسبب لهم مشاكل صعبة، ويجبرهم على العودة اليه، وتوسله لوقف حربه، وتقديم التنازلات له. هكذا يفكر وهذه هي استراتيجيته الدموية!

هذا المشهد التخيلي لموقف بشار حالياً، غير بعيد عن الواقع، فهو مستوحى من سلوكه طوال ثماني سنوات من الحرب المجنونة التي أشعلها، ويصر على متابعتها، وردود أفعاله على مئات المجازر والمذابح والجرائم التي اقترفتها عصاباته.

بشار غير سوي، ومنفصل عن الواقع، ومصاب بالهوس الاجرامي، والعصابية، والجنون، مثل شقيقه ((مجد)) الذي قتلوه قبل سنوات بسبب احراجه لهم. وكان عبدالحليم خدام قد كشف في أحاديثه ان بشار أرسل الى لندن للعلاج لا للدراسة في بداية التسعينيات.

بعد ثماني سنوات أصبح بشار مجرماً متمرساً وصاحب سوابق، لا يفكر إلا بالانتقام من الناس، وينظر للشعب السوري نظرة عدائية لا أمل بعلاجها وتغييرها، ويشعر باللذة والنشوة وهو يتفرج على صور القصف والعنف والقتل وبكاء الأطفال ومشاهد الملايين وهم يفرون.

وأتصور ان المجرم ازداد جنوحاً للاجرام وثقة في استراتيجيته العدمية، وتعمقت رغبته في تصفية حساباته مع السوريين الذين تمردوا عليه، منذ ان وجد في بوتين وخامنئي داعمين ثابتين له، يحميانه من العقاب، وقد اختبر تخاذل المجتمع الدولي واطمأن له.

هذا الحال يعني ان بشار ليس المجرم الوحيد المسؤول عما جرى سابقاً لحلب والغوطة وحوران، وما سيجري لادلب قريباً!

بوتين هو المجرم الأكبر، ويؤمن بالجريمة كاستراتيجية سياسية، وسوابقه كثيرة من الشيشان وداغستان، الى جورجيا والقرم. وهو حريص على تسويق نفسه الى طغاة الدول الصغيرة راعياً وحامياً لهم من شعوبهم، يمتاز بالمصداقية، بدليل وقوفه الثابت وراء الأسد. ويجد بوتين اليوم ما يكفي من التبريرات والحوافز للانتقام من الدول الغربية التي لا تستجيب لمخططاته القادمة في سورية، وما زالت تضاعف عقوباتها عليه بسبب جرائمه في اوكرانيا وبريطانيا وتدخله في الانتخابات الاميركية.

وبوتين ينافس الاسد في رغبته للهجوم على ادلب بحجة عصابة من الارعابيين ليذكر الغرب بقوته، وليؤكد انتصاره في سورية، وادعاءه ان الغرب يجب ان يكافئه لأنه هو الذي أنهى الأزمة السورية.

المرشد الايراني، مجرم آخر، لا يقل رغبة في تدمير ادلب على رؤوس ساكنيها. ولذلك أرسل يوم الأحد الماضي وزير دفاعه الى دمشق ليعلن دعمه للهجوم على المدينة وعدم المساومة. خامنئي ونظامه بحاجة في هذا الوقت للقول ان نظامه صامد، وان وجوده في سورية لن يتأثر بضغوط اسرائيل وأميركا.

تحالف هؤلاء الثلاثة ليس سياسياً، بل محض اجرامي وارعابي، ولا يقبل تصنيفاً آخر. والثلاثة مصممون على حسم مصير سورية حسماً دموياً لا سياسياً، ثم اجبار العالم على تمويل مشاريع إعادة بناء ما دمروه، وإبقاء عميلهم في السلطة.

الرئيس الفرنسي يتصرف كسياسي هاوٍ، اعترف أخيراً بأنه تعمد ألا يضع خروج الأسد من السلطة شرطاً مسبقاً للتعامل مع روسيا في الأزمة السورية. ولكنه اكتشف أخيراً واستنتج ان إبقاء الأسد في السلطة هو السيناريو الأكثر فداحة انسانياً وسياسياً.

المستشارة الطيبة ميركل تبدو ضعيفة جداً امام بوتين وتتقي مؤامراته، ولا تتخذ موقفاً صارماً من جرائمه في سورية، مع ان بلادها في مقدمة من دفع الثمن.

الرئيس التركي الذي طالما تظاهر بالاخلاقية والمبدئية والوقوف الثابت مع الشعب السوري، ولكنه ظهر في النهاية مكيافللي من الدرجة الأولى، ورغم ذلك ظهر كالشريك المخدوع في تحالفه مع بوتين وخامنئي، وهو الآن يقامر بما بقي له من رصيد عند الشعب السوري وقد يدفع ثمناً باهظاً لأخطائه في سورية، بل ان أحد الأصدقاء قال لي: الشعب التركي هو الذي سيحاسب أردوغان عن سياسته الفاشلة في سورية.

الرئيس الاميركي معذور في مواقفه الهزيلة حيال المأساة السورية، وعدم ترجمته لمزايداته على اوباما الى أفعال تجعله أكثر حزماً مع المجرم الصغير، وأكثر جدية في مواجهة بوتين.

بناء على هذه التقديرات يمكننا الجزم بأن إدلب ستلقى مصير الغوطة وحلب. مجازر ومذابح ومزيد من الدمار والتهجير طالما ان العالم محكوم بتحالف من المجرمين، يشبه الدمى الروسية. الدمية الكبيرة بوتين، وفي جوفها دمية وسطى خامنئي، وفي جوفها دمية صغرى اسمها بشار الأسد.

هؤلاء الثلاثة نجحوا في تجريم السياسة، وتسييس الجريمة.

 

الوسوم