بيروت | Clouds 28.7 c

اتفاقية القاهرة المفترى عليها / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 29 تشرين الأول 2020

 

اصبح الهجوم على اتفاقية القاهرة التي عقدها قائد الجيش اللبناني يومها العماد اميل البستاني ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في مصر  تحت رعاية جمال عبد الناصر في مثل هذه الايام في العاصمة المصرية كمثل الخطأ الشائع الذي ادمن عليه البعض في محاولة لتوكيد خطأ الإتفاق والبعض يعتبره خطيئة ...

بعض المعارضين المبدئيين للإتفاق في حينه كضمير لبنان ريمون اده كان منسجماً مع نفسه ومع مواقفه السابقة ضد كل وجود مسلح غير لبناني على ارض لبنان، وبعض الذين يهاجمونه الآن سياسيين او اعلاميين او احزاب وتيارات سياسية كانوا معه يومها او كان بعضهم صامتاً ....

ليس هذا هو بيت القصيد،

لأننا نقصد ان نكتب ان اتفاق القاهرة لم يكن فقط اتفاق الضرورة، بل اكثر من ذلك، كان لإتفاق القاهرة شرف منع بدء الحرب الاهلية التي ما كانت لتنفجر بكل بشاعاتها عام 1975 لولا مجموعة اسباب:

  1. اولها رحيل جمال عبد الناصر بعد نحو احد عشر شهراً من رحيله في 28/9/1970 وهو الذي رعا الإتفاق لمنع انفجار الحرب الاهلية في لبنان..هنا يجب ان نقف عند ما قاله عبد الناصر لكل من ياسر عرفات واميل البستاني كل على حدة.. قال ناصر لعرفات: اسمع يا اخ ياسر انت لازم تحترم خصوصية لبنان، ومش معنى انك يكون عندك حق القتال من جنوبي لبنان ضد العدو ان مصر  حتسبب مسألة تحرير الارض المحتلة عليكم انتم، احنا كل يوم بنتقدم خطوة نحو تحرير الارض واليوم ده مش بعيد وحنا كل يوم نزداد قوة ومصر هي اللي بتقاتل كل يوم بعد الهزيمة للوصول لإسترداد ارضها.. انتو يا ابو عمار عليكم مهمة محددة وهي إبقاء القضية حية وإقلاق العدو ورفع معنويات الجماهير العربية اللي هالها حجم الهزيمة العسكرية... وقال ناصر للبستاني: ونا بطلب منكم تحمل الفلسطينيين والتعايش معهم لفترة بسيطة بقول لكم ان مصر لن تترككم تتحملون عبء القضية الفلسطينية وهي التي ستتولى تحرير الارض المحتلة.
  2. ثانيها: هو مجيء حافظ الاسد الى السلطة في سورية بعد انقلابه على القيادة القومية لحزب البعث وعلى رفيقه الاساس في الحكم صلاح جديد  بعد رحيل جمال ب39 يوم . كانت اول خطوة اقدم عليها الاسد هي منع دخول المقاتلين الفلسطينيين الذين هجروا من الاردن بعد معاركهم مع الجيش الاردني الى سورية والزامهم بالصعود الى شاحنات الجيش السوري لحملهم الى لبنان تحت رقابة العقيد يومها حكمت الشهابي..  كانت اتفاقية القاهرة حددت عدداً معيناً من المقاتلين الفلسطينيين في فتح لاند في منطقة العرقوب جنوبي لبنان  لكن حافظ الاسد اغرق الجنوب بآلاف المقاتلين الفلسطينيين القادمين من الاردن عبر سورية فضلا عن الاف الشباب اللبناني والعربي الذين تطوعوا كفدائيين للقتال ضد العدو الصهيوني
  3. ثالثها: ان المارونية السياسية التي كان يجسدها شعبياً وحزبياً وسياسياً حزب الكتائب اللبنانية وزعامة كميل شمعون لم تترك للصلح مطرح مع الطرف الآخر في الميثاقية التي حكمت لبنان منذ العام 1943 ، وكما قال رياض الصلح بعد عام 1948: ان ضياع فلسطين قصم ظهري، ولم يعد شريكي في الحكم  بشارة الخوري يستمع الي كما كان سابقاً، فإن هزيمة عبد الناصر العسكرية عام 1967 اطلقت عقال المارونية السياسية في لبنان لتحصد معظم مقاعد المسيحيين في انتخابات 1968 وصارت تتجاهل شراكة معتدلين كصائب سلام وكامل الاسعد، ولم تكتف بوضع قرارات الجيش اللبناني في خدمتها بل انها راحت تشكل ميليشيات مسلحة لدعم الجيش اولا ثم استتبعت هذا الميليشيات الجيش نفسه..
  4. رابعها: ما جعل اتفاق القاهرة يخرج عن طبيعة مهمته المحددة الا النتائج السياسية التي استعجلها  انور السادات في مصر لحرب اكتوبر عام 1973 بالتخلي عن القضية الفلسطينية ودور مصر العربي الرائد وترك العنان لشراسة حافظ الاسد ومشروعه التوسعي لإحتلال لبنان على مراحل ، وقد نفذه بإطلاق كل مبررات الحروب الاهلية في لبنان تمهيداً ممنهجاً للسيطرة عليه..

ايها السادة،

 قبل ان تحكموا قسراً على اتفاقية القاهرة اقرأوا الظروف التي عقدت فيها، والتحولات الجذرية التي اعقبت عقدها وإفهموا انها لجمت حرباً اهلية كان يمكن ان تبدأ لولاها واهم شيء واكثره مأساوياً هو غياب جمال عبد الناصر، وكان حضوره حضناً كبيراً ومحباً للبنان سيحافظ على امنه واستقراره، ليمنع مجرماً مشهوداً كحافظ الاسد من ارتكاب جرائمه المستمرة ضد لبنان وسورية..

الوسوم