بيروت | Clouds 28.7 c

الشيخ حسين عواد.. مصلح من بلادي


مجلة الشـراع 22 تشرين الاول 2020
والحسن يظهر حسنه الضد
لا تعرف قيمة النهار الا اذا عشت الليل وطال 
هذا هو الحديث عن المصلح الديني الانساني الشيخ حسين عواد والد القاضي الشيخ حسن ، تعرف الناس قيمته سواء من عاصره او من يريد ان يقرأ عنه الآن عندما يقارن مساره بما يعرفه الناس عن حالة الاشخاص الذين يتولون الآن مسؤلية معظم المؤسسات الشيعية الدينية وفي نافوخها المجلس الشيعي  - فرع آل قبلان 
نقرأ في كتاب اصدرته حوزة الامام السجاد العلمية التي اسسها ويشرف عليها الشيخ محمد علي الحاج العاملي  .. ان الشيخ حسين عواد هو عالم جليل تحلى بمسلك مميز في الزهد والإعراض عن الدنيا ، صلباً في مواقفه ، ورعاً في مسلكه ، محتاطاً في دينه ، تنزه عن الشبهات 
مدرسة حديثة في الزهد
الشيخ حسين عواد مدرسة في الزهد وهواء يسير على طريق امير المؤمنين علي بن ابي طالب ، فإنه نقل ايمانه بهذا النموذج من الزهد الى القرن الذي عاش فيه ( ولد في بلدة علمات احدى قرى بلاد جبيل عام 1924 , وتوفي في برج البراجنة عام 1983) لذا اصبح صاحب مدرسة حديثة في الزهد طبق دروسها على نفسه أولاً... واول دروسه في الزهد ان لا يملكك شيء، فالدنيا مزرعة للآخرة وامتحان ، وان كل ما جاوز ذلك غرور وخداع
الزهد عند الشيخ حسين عواد في درس لرجال الدين من الصفات الضرورية التي تساعد رجل الدين على تأدية رسالته حتى لا يكون واحداً من المنافسين للناس في التكالب على هذه الجيفة الكريهة وهي الدنيا الفانية ... لذا كان الشيخ عواد كثير الغضب والنقمة على رجال الدين الذين ينافسون الناس على متاع الحياة
كان العالم الجليل يصوم اكثر ايام السنة ، ولا يتناول الا صنفاً واحداً من الطعام ... معظمه من البقوليات والخضروات وقل ان يتناول اللحوم وقد قسا على نفسه حتى اصيب بمرض عضال نشأ من سوء التغذية
وقد آل على نفسه ان لا يعتني في بيته ما لا يوجد منه في بيت افقر الفقراء ، لذلك كان لا يزيد اثاث بيته المستأجر الصغير المتواضع عن حصير في الارض عليه بعض الفرش البالي ، كذلك كان الامر في ملبسه ، فلولا العباءة التي تلف ذلك الجسد الطاهر لظنه من يراه واحداً من العمال او الفقراء الذين يستجدون الناس 
لم يكن زهده عن عجز بل كان عن مكنة واقتدار ، ذلك انه كان اكثر العلماء موثوقية عند الشعب ، فكانت تأتيه الاموال الشرعية من كل حدب وصوب ، وكانت تلقى احياناً من نافذة غرفته ، او يضعها البعض تحت الحصير او تحت الفراش او يدسها بين الكتب لتكون خالصة بلا رياء ، وبلا عجب وتذهب تلك الاموال الى مستحقيها على قاعدة الإحتياط والدقة ولم يصرف منها على اسرته وهو لو فعل لكان ذلك مباحا
ولكنه لم يفعل
كانت ابوابه مفتوحة للباحثين عن الخلاص ، يستقبل الناس من دون مواعيد وحتى لا يهدر شيئاً من الوقت كان يقول لزائره فور دخوله : ما هي حاجتك او سؤالك فيقضي حاجته او يجيب على سؤاله ثم يقول له : قم وانصرف مأجوراً ولا تضيع وقتك ووقتنا.
  لماذا رفض امامة الصلاة؟
عزف الشيخ حسين عواد عن امامة الناس في الصلاة وعندما سئل عن سبب ذلك اجاب : 
أولاً انه هو متهم لنفسه غير راض عنها ولا يعنيه في شيء ان يرضي الناس عنه ويجمعوا عليه
ثانياً انه لا يريد ان يكون محراب الجماعة سيفاً مسلطاً على عنقه فمن صلى بالناس اماماً يجب ان تكثر الجماعة وان تكثر الصفوف خلفه ، وذلك يستوجب منه ان يصانع الناس حتى لا يغضب احدا منه فينفر عنه
كان رحمه الله يصلي قريباً من الجدار حتى لا يستطيع احد الإئتمام به والصلاة خلفه
لماذا ترك العمامة ؟ 
لبس شيخنا العمامة في النجف لكنه تركها في لبنان  لماذا؟ يجيب : 
تركتها لسببين : ان الناس يتعاملون مع العمامة ومن يلبسهامعاملة خاصة ، فلا يظهرون على حقيقتهم ،، وانا لا اريد ان اتكسب من العمامة
السبب الثاني ان الانسان اذا لبس العمامة قد يدلف الى عمقه شعور بالتميز ، الذي يستبطن العجب بالنفس والعجب محبط للعمل 
ترك الشيخ حسين عواد العمامة وارتدى الكوفية والعقال
نضيف الى هذه الصورة الانسانية لرجل فاضل عالم انه كان يرفض تناول الطعام على مائدة احد من الناس ، ولا ضيافة  مهما دنت او علت ، ولا يقبل هدية مطلقاً 
اما رفضه تناول الطعام عند احد فعن شبهة اذ ربما من دعاه للأكل عنده لم يخرج حق الله منه بالكامل 
  كان العالم الصالح يحمل وزادته في حقيبة خاصة كلما ذهب الى الوعظ والارشاد
 
الشيخ حسين عواد عالم انساني مؤمن. نموذج لا نقول انه غاب لأن السلوك القويم مدرسة خرجت منها طرق الحياة التي ستستمر حاملة ما زرعه الله في نفوس المؤمنين الى يوم االقيامة 

الشراع في 22/10/2020
الساعة 11,47مساءً

الوسوم