بيروت | Clouds 28.7 c

كنت وسيطاً بين بري وعون - بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 14 أيلول 2020

في الثامن عشر من  شهر تموز /يوليو 1988 كنت قابلت قائد الجيش ميشال عون بوساطة العميد الآدمي والمثقف محمد حلال 
 زرناه ومعنا الصديق غسان مطرجي وشقيقه الصديق المحامي صائب 
 اللقاء  استمر ثلاث ساعات ولخصت ما جرى خلاله ونشرناه في الشراع في العدد 331 تاريخ 25/7/1988 في ست صفحات 
تحت عنوان اقترحه الصديق غسان وهو : جنرال الحل ، وبعد صدور العدد صباح السبت في 23/7/1988 اثار اهتماماً واسعاً من القراء والسياسيين لأنه اول اطلالة اعلامية لعون قدم فيها افكاره في كل الامور التي تعني لبنان وقتها، وفي مساء الصدور التقيت الدكتور الياس سابا في منزل الرئيس سليم الحص فسألني : شو اجت كلمة السر من الشام ؟ ابتسمت وانا اجيبه يا دكتور اللي بيعرف بيعرف واللي ما بيعرف بيقول كف عدس 
صباح الاحد في 24/7/1988 اتصل بي الدكتور محمد عبد الحميد بيضون وكان يومياً من ابرز قيادات حركة امل السياسيين يدعوني لتناول كاسة شاي عنده في منزله في المصيطبة ، واستمع مني الى توصيف لشخصية عون قائلاً ان ما نشرناه عنه لافت للإهتمام مقترحاً علي ان انقل لرئيس حركة امل نبيه بري الوزير يومها انطباعاتي عن عون واقتراحاتي بعد ان لحظ مني اهتمامي بمساعدة قائد الجيش ليصبح رئيساً للجمهورية ، وبالفعل اتصل ابو جهاد ببري وحدد لي موعداً بعد ساعة , فتوجهت لمنزل بري في بربور وتحدث بمثل ما سمعه مني بيضون ليسألني نبيه بري ، طيب يا استاذ حسن ما هو المطلوب ؟ اجبته : ان تدعمه عند حافظ الاسد ليصبح عون رئيساً قال حاضر ، لكن مقابل ماذا ؟ قلت حدد يا استاذ نبيه ما الذي تطلبه من عون مقابل مسعاك مع الاسد ؟ 
فاجأني بري بمحدودية مطلبه وهو يقول : اريد وزارة المالية !! قلت له مدهوشاً من "تواضع" الطلب : وزارة المالية بس؟ 
كان بري يسند ظهره الى مقعده مقابل جلستي ونحن نحتسي الشاي ثم وضع اصابعه الثلاثة بشكل هرمي وقد ابعد كأسا الشاي على الطاولة الصغيرة بيننا قائلاً بلهجته الجنوبية المعهودة ونحن جيران جنوبيين هو من تبنين وانا من حداثا التي تلتصق اراضيها الشمالية بها: 
يا استيذ حسن ، انتم لا تقدرون اهمية وزارة المالية السيبة في البلد كانت على اثنين هما الموارنة والسنة ، اريدها ان تكون على ثلاثة فيضاف الشيعي اليها من خلال وزارة المالية فلا يمر عقد نفقات في الدولة اللبنانية الا من خلال التوقيع الشيعي 
في اليوم التالي رتب لنا العميد حلال 
موعداً جديداً مع عون وكان ابو مازن حلال معنا والحاج غسان وايضاً في منزل قائد الجيش في الفياضية وكان اللقاء أيضاً يوم اثنين وخلال ثلاث ساعات كان النقاش عن مطلب بري لدعم عون في الرئاسة 
كان عون يجادل بالمنطق ليقول ان السيبة في لبنان  ثلاثية هي الرئاسة لماروني والمجلس النيابي لشيعي ورئاسة الحكومة لسني 
الحاج غسان قال لعون : جنرال لكن لا تنسى ان الموارنة لهم قائد الجيش وحاكمية مصرف لبنان والمدير العام للامن العام والمدير العام للجمارك ورئيس مجلس القضاء الاعلى ... والمسلمون ليس عندهم الا مناصب قليلة وليست مهمة كما عند الموارنة .
كان عون والحق يقال يناقش بمنطق وانفتاح وعندما ختمنا القول بأنني انقل له شرط الاستاذ نبيه بري لدعمه وافق في النهاية 
لكنني عدت الى لفت عون لامر مهم وهو قولي له: 
جنرال ، ارجو ان يكون الامر واضحاً انه عندما تصبح رئيساً للجمهورية وقد تكلف شفيق الوزان ليكون رئيساًللحكومة  فيجب ان يسري هذا الإتفاق حول المالية عندك وعند الوزان  ، ولا تأخذ حجة رفض الوزان اعطاء المالية للشيعة اذا افترضنا حصول ذلك لتتراجع عن وعدك . . فأكد عون التزامه وعده
   خرجنا من لقاء عون متحمسون واتجهت الى مكتبي في الشراع لأزف الخبر الى الاستاذ نبيه هاتفياً فيرد بحماسة ولهفة : على بركة الله

في العدد التالي نتحدث عن المالية والرئيس رفيق الحريري 

 

الوسوم