بيروت | Clouds 28.7 c

سلام …أمان ورحمة الحلقة الأولى: "تجربة الصوم للرحمن…الصوم عن الكلام" / بقلم فلك مصطفى الرافعي

سلام …أمان ورحمة

الحلقة الأولى: "تجربة الصوم للرحمن…الصوم عن الكلام"

بقلم فلك مصطفى الرافعي

مجلة الشراع 28 نيسان 2020

 

يسعد الشراع ان تنشر هذه الحلقة من سلسلة سلام .. أمان ورحمة من اعداد المشرفة على مركز النهوض الإعلامي فلك مصطفى الرافعي.. ومركز النهوض هو منبر ذا تأثير واسع بجهود وعلاقات الزميل احمد درويش الأستاذة فلك في مقالتها هذه اثبتت انها ابنة ابيها الراحل وهو العالم والأديب والمربي والدبلوماسي..

 مع دخول الشهر الأكرم إلى الله سبحانه وتعالى، وبداية نصب سرادق العبادات وتنظيف ماسورة المدفع الرمضاني ،وشد جلدة طبلة المسحراتي، وفي هذا الترقب الإيماني الذي يستشري فيه الغلاء والوباء ومع إرتفاع منسوب التوتر وخروج البعض من مألوف التفاهم الحواري إلى لغة خشبية تتصل "بمغارة الأفاعي" و "أظافر الغابة"، إنساب إلى سمعي من مأذنة أجاورها سكناً صوت رخيم يرتِّل بعض آيات من سورة مريم وكأني أسمعها لأول مرة حيث أتى الأمر العظيم للسيدة الأولى وهي تستحق هذا اللقب عن جدارة :" بسم الله الرحمن الرحيم ، فكلي وإشربي وقَرّي عيناً  فإما تَرَيِّن من البشر أحداً فقولي إني نَذَرتُ للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً " صدق الله العظيم . إستوقفتني تلك الآية وذكرتني  بقصة النبي زكريا الذي كان عقيماً فأعطاه الله سبحانه ما يريد وكانت الاشارة بآية (بسم الله الرحمن الرحيم، قال، آيتك أن لا تكلِّم الناس ثلاث ليالٍ سويا )صدق الله العظيم، وفي  الحقيقة فكرت ملياً بالموضوع وعقدت النيّة على أن أخوض تجربة "الصوم عن الكلام"  فكأن صوت المؤذن إشارة لي من الله سبحانه لأتمحص بهذا الموضوع وأثيره. وقررت أن أدعو  وتزامناً مع الصيام عن الطعام أن نعلن صوماً عن الكلام، نضع على أفواهنا كمامات ولاصقات، نشير إلى رؤوسنا المتصدعة من وجع الإحتراب الطائفي والمذهبي والعرقي، ونشير إلى بطوننا حتى يتوقف الرهان على رغيف الفقير، وندل على أيادينا المرتجفة قبل أن يحتلها مرض الإرتعاش الحركي اللاإرادي "البركنسون"، دعونا نحمل يافطات بيضاء ومطالب بيضاء نقف قرب المساجد والكنائس دون أن نسبب ضيقاً للإنسان والبيئة فلعلنا في لحظة صمت بلا ثمن نحفظ الوطن، نتجمع، نضرب عن الكلام ونتابع إنهيار البلد بالصبر والدعاء ، فالسماء دائماً مشرّعة الأبواب لنا من دون حرس ومن دون رجال "البادي غارد". هذه دعوة إلى تحقيق المطالب عبر الصوم عن الكلام. 

ولأننا نتنسم في هذه الأيام المباركة نفحات شهر الصيام فإن حلقتي الأولى اليوم تسلِّط الضوء من منظور إسلامي وعام على جوانب من مفهوم " صوم اللسان من خلال الإمساك عن الكلام الذي هو ليس أسهل من الصيام عن الطعام والشراب وكل المفطرات . وقد ورد ذكره في بعض آيات القرآن الكريم مرة صراحة ومرات ضمنياً. لقدأثبتت الدراسات الحديثة أن الملايين في جميع أنحاء العالم يعانون من التفكير المتسارع، المتشابك والمتوتر ، والقلق المتواصل حتى أثناء النوم. فجاءت نصيحة بعض الخبراء النفسيين باللجوء إلى (الصوم عن الكلام)، والإنعزال والتأمل والإسترخاء لتطهير النفس وإراحة العقل الذي يعاني من الإزدحام وتكديس المعلومات التي يتلقى منها الملايين بمقياس الكمبيوتر في الدقيقة .ولكن السؤال الذي يدور في خاطري لماذا ستنا مريم تصوم يوم واحد وسيدنا زكريا ثلاث ؟؟؟.

وبعد تفكير عميق وجدت أن هناك فرقاً مابين صوم المرأة وصوم الرجل عن الكلام.  درست الموضوع، إسترجعت الآيات وظللت أقرأ وأقرأ وأفتش حتى وقع بين يدي دراسة في علم النفس تفيد أن المرأة تتحدث ثلاثة أضعاف الرجل في اليوم الواحد، يعني طاقة الرجل على الكلام أقل من المرأة وقدرته على تحمل الصمت 3 أيام أكثر من قدرة المرأة. وهنا نشكر الله سبحانه وتعالى أننا كل يوم في تدبرنا بآياته نكتشف أشياء عظيمة جداً فالقرآن مليء بالكنوز التي ستظل إلى يوم الدين إن شاء الله. الله سبحانه يعرف مقدرة النساء وأنها لا تتحمل الصمت لمدة لا تتعدى اليوم الواحد لأن طاقتها في الكلام عالية فإذا تجاوزت هذا يكون لديها ضغط نفسي مايُعرف "بالسترس"، وأنا شخصياً لم أستطع تكملةالتجربة أكثر من يوم واحد . ويستحضرني هنا على سبيل الخيال والطرفة  فلو مثلاً تعمد الدولة إلى تحديد يوم في السنة تحت مسمى " اليوم الوطني للصوم عن الكلام" تحت طائلة فرض ضريبة مالية على كل إنسان يتحدث في هذا اليوم .هل يمكنكم تخيل مجموع المبالغ التي ستقوم بتحصيلها في هذا اليوم الوطني للصمت؟؟ صدقوني، لو حددتها لمدة ثلاث أيام فقط وخاصة بالنسبة للنساء ستتمكن من تغطية عجز ميزانية الدولة وليس مستبعد أن يكون لدينا فائض مالي لتسليف الدول المتعثرة ويكون لدينا "صندوق النقد اللبناني" على غرار "صندوق النقد الدولي" وكله من خلال هذه المضغة الصغيرة في الفم يعني اللسان؟؟   

فكرةخياليةومستحيلة التطبيق .أما عن كيفية القيام بتلك التجربة، فنبدأ بالإمتناع عن الكلام نهائياً مع البشر لفترة نحددها بيوم، ثلاث أيام أو أكثر على أن تكون النيّة "الصوم للرحمن" مع الإشارة والتنبه هنا أن الصوم والإنعزال يكون أيضاً بإعتزال السوشيال ميديا ووسائل التواصل الٱجتماعي، التلفزيون ،الهاتف ،الراديو إلخ… وهنا لا بد من الإشارة أن هذا الصوم لايكون بسبب حالة إكتئاب لا سمح الله وإنما هو (صوم للرحمن) أي لله سبحانه وتعالى .

أما فوائد تلك التجربة فسأعدد جزء غير يسير منها بدون شرحها نظراً لضيق الوقت...

 

الوسوم