بيروت | Clouds 28.7 c

حفتر يحبط خطة الضامنين التركي - الروسي في ليبيا / بقلم: محمد خليفة

حفتر يحبط خطة الضامنين التركي - الروسي في ليبيا

بقلم: محمد خليفة

مجلة الشراع 17 كانون الثاني 2020 العدد 1934

 

شهد العالم في الأيام القليلة الماضية محاولة من المحور التركي - الروسي الذي نجح خلال السنوات الأربع السابقة بإجهاض الثورة السورية, لتكرار التجربة في ليبيا. وظهر المحور كمخلبين ينسقان لإجهاض إنجازات الجيش الوطني في هجومه على طرابلس من ناحية, وقطع الطريق على المبادرة الالمانية - الاممية من ناحية ثانية.

ومع أن الدولتين كانتا على طرفي نقيض في ليبيا, إذ دعمت تركيا حكومة السراج, بينما دعمت روسيا الجيش الوطني فقد شكل الطرفان محوراً واحداً بعد قمة أردوغان - بوتين المفاجئة يوم 8 كانون الثاني/ يناير في اسطنبول, وحاولا نقل تجربتهما في سورية الى شرقي المتوسط, لفرض وقف اطلاق نار بقرار منهما من دون التشاور مع الطرفين الليبيين, تبدأ من الأحد 12 كانون الثاني/ يناير, ووجها أمر استدعاء فوري للطرفين الى موسكو لتوقيع اتفاق الهدنة واجراء محادثات سياسية, برعاية وزيري الخارجية سيرجي لافروف وشاويش أوغلو. وقد لبى الطرفان الدعوة, ولكن قائد الجيش الليبي رفض التوقيع وغادر موسكو فجأة, لأسباب عدة:

-الاتفاق ذو طبيعة سياسية, لا مجرد هدنة عسكرية.

-يكرس دور تركيا وروسيا كضامنين لتنفيذ الاتفاق ((بصورة مشابهة لدوريهما في سورية))!

-يحاول الإتفاق سلب الجيش انتصاراته الاخيرة على الارض, ويعطي فرصة لقوات السراج لترتيب صفوفها والحصول على امدادات تركية.

-يحاول الإتفاق فرض حقائق على الأرض تقطع الطريق على مؤتمر برلين ((الدولي – الاممي)) قبل انعقاده بخمسة أيام فقط.

ما دافع الطرفين لتوحيد جهودهما في ليبيا بهذه الطريقة؟  

الجواب بسيط, فكل منهما على حدة يسعى لمد نطاق نفوذه الى شرق المتوسط, وكل منهما يصطدم برفض  قوي من دول المنطقة العربية والاوروبية. ولذلك وجدا مصلحة مشتركة في العمل معاً عبر ليبيا ضد إرادة الدول العربية في شمال أفريقيا, وضد ارادة الدول الاوروبية على الضفة الشمالية للمتوسط التي ترى في تمدد الدولتين لهذه المنطقة القريبة خطراً عليها.

ومن الواضح أن ما يمكن وصفه بالمحور العربي ((مصر, الامارات, السعودية, تونس, الجزائر)) يقف وراء رفض قائد الجيش الوطني خليفة حفتر الذي أفشل الضغوط الروسية عليه ودفعه للانسحاب, قبل أن تثبت تركيا أقدامها على الارض الليبية بموافقته. ومن الملاحظ اجراء مصر مناورات حربية لقوات النخبة قرب الحدود مع ليبيا بينما كانت المحادثات جارية في موسكو, وكانت الحملة في تونس تشتد على زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بسبب زيارته الى انقرا وعقده اجتماعاً مغلقاً مع اردوغان.  

ومن الواضح أن الموقف العسكري الميداني لقوات الجيش الوطني في حالة تقدم وتفوق على الطرف الآخر الذي كان حلفاؤه الدوليون ((بما فيهم ايطاليا)) يبحثون عن أي فرصة لوقف هجوم الجيش بذريعة الهدنة والحل السياسي!

ولكن لا بد من الإقرار بأن القضية الليبية يجري تدويلها, وسحب القرار من أيدي ممثلي الشعب الليبيين والعرب ونقله الى موسكو وأنقرا وباريس وروما وبرلين وبروكسيل.. فضلاً عن واشنطن, مع صعوبة وربما استحالة التوفيق بين أطماعها ومصالحها كافة.

المحطة التالية ستكون في مؤتمر برلين يوم الاحد القادم 19 كانون الثاني/ يناير الذي تقف خلفه العواصم الاوروبية ذات المصلحة ((المانيا فرنسا, ايطاليا)) ومشاركة مصر والامارات, وتركيا, والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي.. فهل يحمل هذا المؤتمر جديداً.. سننتظر!

 

الوسوم