بيروت | Clouds 28.7 c

سفير لبنان الأسبق لدى واشنطن د. رياض طبارة:الحكومة خلال اسبوعين او ثلاثة ولكن هل سيقبل بها الشارع؟ حوار: فاطمة فصاعي

سفير لبنان الأسبق لدى واشنطن د. رياض طبارة:

الحكومة خلال اسبوعين او ثلاثة

ولكن هل سيقبل بها الشارع؟

حوار: فاطمة فصاعي / مجلة الشراع 13 كانون الأول 2019 العدد1929

*الأيام الثلاثة الأولى للثورة كانت عفوية بعدها انتقلت الى الأحزاب

*ما يحصل في لبنان هو انتفاضة وليس ثورة والثورة لها معايير معينة

*الأحزاب في لبنان اخترقت الحراك وتفكيرها ((ترامبي))

*لو وضعت الدولة يدها على المشكلة منذ بداية الانتفاضة لما وصلنا الى ما وصلنا اليه

*السفارات دخلت على خط الحراك وعدم دخولها هو أمر غير طبيعي

*الأزمة التي نمر بها تحتاج الى سنة او ثلاث كي ننقذ الوضع والتبعات ستمتد لعشر سنوات

*هذه السنة ستكون لصالح ايران وكل من لديه مشكلة مع اميركا

*التكليف والتأليف يحتاجان الى اسبوعين اذا توافر التوافق الداخلي والخارجي

*الفساد في لبنان تراكمي وفي السنوات الثلاث الأخيرة أصبح وقحاً

يعتبر سفير لبنان الأسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة ان ما يحصل في لبنان من حراك شعبي يقع في خانة الانتفاضة وليس الثورة بما ان الثورة لها معايير معينة، مؤكداً انها في أيامها الثلاثة الأولى كانت عفوية وبعدها دخلت اليها الأحزاب.

ويرى طبارة بأن الأزمة التي يمر بها لبنان تحتاج من سنة الى ثلاث سنوات للانقاذ، اما التبعات فستمتد الى 10 سنوات، مشيراً الى ان عملية التكليف والتأليف تحتاج من اسبوعين الى ثلاثة أسابيع شرط ان يتم التوافق الداخلي والخارجي في آن معاً على اسم رئيس الحكومة.

هذه المواضيع وسواها اضافة الى ملفات اقليمية تحدث عنها طبارة في هذا الحوار.

#كيف تقرأ ما يحصل في لبنان من حراك شعبي او ثورة؟

-السؤال الأول هل هي مدبرة ام لا. باعتقادي انها أول ثلاثة ايام كانت عفوية بامتياز.

فالفساد موجود في لبنان منذ الاستقلال عندما كان السلطان سليم شقيق بشارة الخوري وكان دوماً كمال جنبلاط يتهم كميل شمعون بتلقي الرشى. فحركة الفساد موجودة في لبنان دوماً وفي كل بلدان العالم ايضاً.

ومؤخراً قرأت مقالاً عن الأصهرة الثلاثة وهم صهر رجب طيب اردوغان وصهر متمول تركي وصهر دونالد ترامب. يتضمن المقال معلومات عن ان هؤلاء الأشخاص الثلاثة هم الذين يعملون السياسة الاميركية في سورية وهذا ايضاً فساد.

الفساد في لبنان تراكمي ولكن آخر ثلاث سنوات أصبح وقحاً وعلى عينك يا تاجر، أصبح عندهم التفكير الترامبي حيث قال ترامب في احدى المرات انه لو قتل احد على Fifth Avenue فإنه لن يخسر أحداً من مناصريه. وهذا صحيح، وفي لبنان كانوا يظنون الأمر نفسه اي الأحزاب، حيث كانت تشد عصب جماعاتها طائفياً، اعتقد ان ما يسمى بالثورة خضّت هذه العملية وعي السياسيين في لبنان ولم يعد بامكانهم القيام بما يريدونه من دون ان يخسروا جماعتهم لأن جماعتهم عندها مطالب حيث رأينا تظاهرات في النبطية وفي بعلبك واينما كان. وبعدها فإن الثورة كان عندها أخطاء.

الذين تظاهروا في فرنسا أصحاب السترات الصفراء كانوا ينزلون كل يوم سبت الى الساحات وبقيوا 8 أشهر. اما في لبنان فهم ينزلون كل يوم حتى تنهك الثورة. وفي فرنسا نزلوا 32 مرة في 8 أشهر ومع ذلك توصلوا الى نتيجة هذا. النزول أثر على الثورة وزخمها وكان له تبعات اقتصادية علماً انهم يقولون ان الاقتصاد كان منهاراً قبل الثورة، هذا الكلام صحيح، ولكن الدولار لم يصل الى 2100 ليرة.

أين الدولار اليوم؟ كنا نحصل على دولارات من الجمارك ومن السياحة حيث هبطت نسبة الاشغال من 70 % الى 5% والتحويلات الخارجية ايضاً تراجعت. وطبعاً طريقة تعاطي الدولة فاقمت الأمور فلا احد في الدولة يريد ان يأخذ مسؤولية تحويل رؤوس الأموال ورموا المسألة على البنك المركزي الذي ليس شأنه حل هذه المشكلة.

المصارف في لبنان فقدت الثقة التي هي أهم ما يميز القطاع المصرفي في لبنان، لأن القطاع المصرفي لم يفلس بالرغم من حصول الحرب الأهلية على مدى 15 عاماً. أما اليوم فإن الثقة بالمصارف تحتاج الى سنوات كي تعود كالسابق، وهذا الأمر فاقمته الدولة فلو وضعت يدها على المشكلة منذ البداية لما وصلنا الى هنا.

فقطاع السياحة كان يسهم بنسبة 20 % من الدخل القومي والآن هو متوقف. والتحويلات من الخارج كانت تقريباً 7 مليارات دولار وتوقفت ايضاً. وكانت تساهم بـ 12 % من الدخل القومي.

أصبح الناس يجمعون الدولارات في بيوتهم ويقول حاكم مصرف لبنان ان في البيوت 3 مليارات دولار. تغاضي الدولة فاقم الأزمة فحتى لو انتهت الأزمة فنحت بحاجة لسنوات لترميم ما خسرناه.

الدولة ترميها على الحراك، والحراك يرميها على الدولة. اعتقد اننا وصلنا الى مرحلة خسرنا فيها كل شيء ولم يعد ينفع تحميل المسؤوليات اليوم، انما علينا ان ننقذ لبنان.

ما يحصل الآن من كلام هو خارج المنطق. علينا ان نحل المشكلة اولاً من الناحية الاقتصادية وبعدها نحمل المسؤولية للمسؤول عن ذلك.

#قلت ان الثورة بدأت عفوية فماذا حصل بعد ذلك؟

-بعد ثلاثة أيام اخترقها بعض الأحزاب بحيث أصبح هناك قطع طرقات في الأماكن التي يوجد فيها احزاب معروفة. لذلك بدأت تخسر من رونقها والمطالب بدأت تتغير واصبحت نكايات ولم تعد الثورة التي أعجب بها العالم. اي ثورة تستمر 50 يوماً تخترق. قد تقولين لي ان الاستخبارات اخترقت الثورة. فإن لم تحاول الاستخبارات ان تستغلها فهذا امر غريب. كلما طالت الثورة كلما فقدت من رونقها وكلما طالت كلما زاد الخراب.

اعتقد ان مشكلة الثورة هي في عدم وجود قيادة لها، فكيف يمكن ان يكون هناك ثورة من دون قيادة. لا يوجد ثورة في العالم من دون قيادة، من الثورة الشيوعية، من ماركس حتى لينين.. علماً انها بدأت في المناطق الريفية حيث بدأت عفوية وانتهت في ستالين. وفي كل المراحل كان هناك قيادة. الثورة الفرنسية ايضاً انتقلت من مجموعة الى مجموعة وانتهت بنابليون.

يظن الحراك انه يمثل كل العالم وانه لا يوجد طائفية. 100 سنة مضت على الطائفية في لبنان فهل تنتهي بتظاهرة؟ هذا ليس منطقاً.

يريدون في مطالبهم ان يقيلوا رئيس المجلس، فهذا الاجراء لديه آليات وعليكم القيام بكل شيء بشكل تدريجي. هناك شارع آخر غير شارع الثورة لا يمكن لأحد ان يقرر عن الكل.

بدأت الثورة تفقد منطقيتها بعد ان بدأت بشق انساني وانتهت بمطالب عالية السقف. عدم وجود قيادة هو أمر خاطىء عليهم ايجاد قائد لهم. واعتقد ان كل الناس العاقلين في البلد عاطفتهم مع الحراك وانا منهم لكن عاطفتي مع البلد ايضاً. عندي أولوية لإنقاذ البلد وبعدها انظر الى الأمور الأخرى.

يجب ان تؤلف حكومة أولاً.

#من يقود هذه الثورة من وراء الكواليس برأيك؟

-مشكلتها ان فيها الكثير من التدخلات. الحزب فلان همه ان يضرب الحزب الثاني. اذا دخلت الاستخبارات فإنهم لا يعلنون عنها، كما وانهم في بداية الثورة قالوا انهم لا يريدون ان يشتركوا في الحكم ولا يوجد قائد عندهم. وهذا أمر خاطىء، اصبح هناك تنسيقيات اليوم وكل تنسيقية تمثل مجموعة.

ضمن الشارع الواحد نجد انقسامات والقيادة غير موجودة. في طرابلس اليوم قطعوا الطرقات اما في بيروت فلا، حتى التنسيق مفقود.

هناك أناس في الحراك يريدون الرئيس الحريري وآخرون لا. لا يوجد صورة واضحة للتفاوض معهم. هناك انقسامات داخل الحراك.

والمؤسف هو ان الدولة غير واعية وكأنها ليست موجودة وهي تعمل خارج الدستور. والحراك تضعضع، الحق على من؟ لا اسأل. ولكن المهم ان ننقذ البلد لأنه على حافة الافلاس.

#هل السفارات دخلت على خط هذا الحراك برأيك كما يتردد؟

-لا يوجد حراك في العالم من دون ان يتدخل فيه 100 دولة حتى الثورة الفرنسية. وخصوصاً اليوم بفضل وجود كثيف للاستخبارات ان بقيت تتفرج فهذا أمر غير طبيعي. ولكن هذا لا يعني انها بدأت فيها. الاميركيون يريدونها ثورة ضد حزب الله والايرانيون يريدونها ثورة للحفاظ على حزب الله.

#هل تعتبرها ثورة ام حراكاً وما الفرق بينهما؟

-قد يزعلوا مني. هناك دراسات عدة عن الثورة وفي كتاب عن Anatomy الثورة اي المكونات او العناصر التي تشكل الثورة، يشير الى ان الثورة يجب ان يكون فيها قيادة اضافة الى وجود خلفية فكرية. لذلك يتم التمييز بين الانتفاضة والثورة وغيره.

فالثورة الفرنسية مثلاً فيها مفكر مثل جان جاك روسو وكبار المفكرين هم الذين حضروا لهذه الثورة بطريقة منطقية ولها ركائز فكرية. اما ما يحصل في لبنان فهو انتفاضة. الثورة علمياً لها شروطها يجب ان يكون لها قيادة ومبنية على فكر معين والمطالب تتماشى مع الفكر.

الثورة الشيوعية مثلاً كانت مبنية على ماركس ولينين وانجلز.

#ما هو الحل اذن لما يحصل من صراع ما بين الحراك والطبقة السياسية؟

-برأيي لم يعد بإمكاننا ان نخلص لبنان داخلياً لأن البنك المركزي عنده 30 مليار دولار. وفي العام القادم عنده متطلبات تفوق 30 مليار دولار. الأموال من الخارج توقفت وكل القطاعات متوقفة. هناك اجتماع باريس وان كان ليس على المستوى المطلوب انما على مستوى وكيل وزارة وليس اصحاب قرار. علينا ان نرى ان كان لبنان جاهزاً لتقبل المساعدات. ولكن علينا ان نوجد حكومة تحصل على ثقة الشعب وثقة المجتمع الدولي.

المجتمع الدولي لن يضع مليارات الدولارات ان لم ترضه الحكومة. هذه المليارات سوف تأتي اما من خلال المنظمات الدولية أي صندوق النقد الدولي الذي سيعطينا مباشرة 3 مليارات دولار والتي قد تستقطب 10 مليارات دولار. ولكن صندوق النقد الدولي عنده شروط رهيبة والضريبة الأخرى هي ان تضع دول ودائع في البنك المركزي وطبعاً هذه الدول عندها شروط. اذا وضعت السعودية وديعة في البنك المركزي ستكون لمدة معينة ولن تستقطب اموالاً أخرى. صندوق النقد الدولي يستقطب اموالاً من المؤسسات الدولية.

هناك من جهة أخرى ((سيدر)) ولكن يجب ان نعمل اصلاحات وهذه الاصلاحات لم نبدأ فيها حتى اليوم.

#هل ازمتنا تشبه أزمة اليونان وهل ستكون طويلة الأمد؟

-الأمور تتوقف على مدى تجاوب لبنان والحراك مع الحلول. وان كانت الدول المانحة تتجاوب معنا على أساس شروطها.

ستكون طويلة الأمد بمعنى ليست مسألة اسابيع والحل لن يكون سريعاً. في أحسن الحالات المشكلة الأساسية التي نمر بها يمكن حلها خلال سنة او ثلاث سنوات والتبعات تحتاج الى 10 سنوات.

#هل يمكن القول ان هذه الانتفاضة فاقمت الأمور؟

-طبعاً فاقمت الأمور والدليل على ذلك ما وصل اليه الدولار. هذه الانتفاضة سرعت الأمور ولم تسببها.

#هل عملية التأليف والتكليف بحاجة لوقت طويل؟

-اعتقد انهم سيجدون حلاً في الأمد المتوسط خلال اسبوعين او ثلاثة اسابيع. ولكن هل سيقبلها الشارع. واذا ألفنا الحكومة أهم شيء هو الخارج. ونريد حكومة يثق بها الخارج. لن نخرج من الأزمة بشحطة قلم.

#هل الرئيس الحريري قد يكون الأوفر حظاً؟

-كل شخص له مزاياه. الرئيس الحريري يوافق عليه نصف الحراك، والمجتمع الدولي يفضله لأنه ابن رفيق الحريري ويستطيع ان يستقطب الأموال ويضبطها. والأهم من رئيس الوزراء هم الوزراء ايضاً.

#ماذا يجري في ايران على صعيد سياستها مع اميركا؟

-علينا ان ننظر الى الصراع الاميركي – الايراني. هذا الصراع هو لصالح ايران حالياً. يريد ترامب انجازاً، في كوريا لم ينجز. منقذه الأساسي هو ايران اذا استطاع ان يعمل اتفاقية مع ايران سيقول لجماعته انه عمل اتفاقاً أفضل من الاتفاق النووي. يريد ان يجتمع مع روحاني، وروحاني يتدلع لأنه يريد ان يذله كما ذله في السابق بما انه لم يتبق له سوى سنة واحدة من عهده.

اعتقد ان هذه السنة لصالح ايران ولصالح كل من لديه مشكلة مع اميركا. يريد ان ينجز في السياسة الخارجية ولذلك سحب 500 عسكري من سورية وعمل من ذلك قصة كبيرة في اميركا.

لذلك فإن السياسة الخارجية اميركا موجهة نحو انجاح ترامب في الانتخابات.

#ماذا عن التحركات الاحتجاجية في ايران؟

-هذه مشكلة ايران لأن اقتصادها منهار لكن شرطها ان تحاول ان تقاوم لمدة سنة بعد ان تحشر ترامب. ولذلك انطلقت الاحتجاجات في ايران بسبب الوضع الاقتصادي.

#هل التحركات الشعبية في العراق عفوية ام هناك امر ما يحضر للعراق؟

-الغريب في العراق انها ثورة شعبية ضد ايران، السنة والأكراد لا علاقة لهم بها.

هناك شعور في العراق ان المرجعية الشيعية في النجف وليس في قم. وفي أيام صدام حسين عندما ضعفت مرجعية النجف انتقلت الى قم. وكأن هناك وعياً شيعياً جديداً ان المرجع الشيعي هو في العراق وليس في ايران.

وهم أصبحوا أكثر وعياً فهم في بلد بترول ومع ذلك يعانون من الفقر والسبب هو انهم معلقون في ايران. فهم يلومون ايران على كل شيء.

ومع ذلك فإنهم منقسمون أناس مع ايران وأناس آخرون ضد ايران.

حوار: فاطمة فصاعي

الوسوم