بيروت | Clouds 28.7 c

الطغمة الحاكمة في الجزائر إفشال التونسة تعني العرقنة / بقلم: محمد خليفة

الطغمة الحاكمة في الجزائر إفشال التونسة تعني العرقنة

بقلم: محمد خليفة    

مجلة الشراع 6 كانون الأول 2019 العدد 1928

 

يتوجه الجزائريون الخميس القادم ((12 كانون الأول/ ديسمبر)) الى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للجمهورية خلفاً لعبدالعزيز بوتفليقة, في ظل انقسام بين الجزائريين حول شرعية العملية وجدواها وفي ظل توقعات بثورة جياع على غرار العراق ولبنان قريبة إذا فرضت الدولة العميقة أجندتها.

 غالبية الجزائريين ما زالت تميل الى رفض الانتخابات بالصورة التي تجري حالياً وتشكك بشرعيتها وجدواها قياساً بالشروط التي رفعها الحراك المدني منذ تسعة شهور, والتي تصر على التخلص من النظام السابق بكل رموزه ومؤسساته, بينما يقف قائد الجيش الجنرال قايد احمد صالح وحيداً في مواجهة الشارع مصراً على أجندته التي تكتفي بإقصاء بعض رموز النظام, والحفاظ على النظام ذاته, معتمداً على دعم المؤسسة العسكرية, وغياب معارضة منظمة وقوية بل وفشل الحراك في تطوير نفسه.

الأرجح أن الجنرال صالح سينجح في تنفيذ عملية انتخابات ركيكة, كيفما كان حتى ولو لم يشارك بها أحد, ولذلك يقول الناس أنها انتخابات بلا شعب!, لإعطاء شرعية لاجراءاته التي اتخذها منذ تنحية الرئيس السابق, وتطهير النظام من بعض رموز المرحلة السابقة, وإحالتهم للقضاء بتهم الفساد المالي والسياسي فقط, وهي اجراءات وجدت ترحيباً من الشارع ووفرت له بعض التأييد الشعبي ونفست غضب الشعب على رموز الفساد. إلا أن الحراك المستمر على مدى 42 اسبوعاً كان وما زال يريد التخلص من كل رموز النظام السابق كضمانة لنظافة وجدية الانتخابات القادمة, ويريد مزيداً من تصفية نظام استنفد أغراضه واستهلك قدرته على التجديد, وخسر قاعدته الاجتماعية والانتقال الى نظام مدني ديموقراطي حقيقي, ينشأ عبر عملية سياسية كاملة وحوار وطني تقوده رموز محايدة, وصولاً الى وضع دستور وقانون انتخابات جديدين, إلا أن قائد الجيش رفض أجندة الحراك, وأصر على وقف المسلسل في منتصف الطريق, وبرر ذلك بالحفاظ على مصالح الدولة.

وتحول التجاذب بين الشارع والجيش صراع إرادات أخذ طابع الجولات المتتالية, تغلب الحراك في بعضها, والجيش في أخرى. أفشل الحراك موعد الانتخابات السابق في شهر تموز/ يوليو, بينما يبدو أن الجنرال كسب الجولة القادمة سلفاً, ونجح في شق الشارع. وأصبح الصراع حالياً شارعاً ضد شارع, بعد أن كان بين الشارع والسلطة. فقد نجحت حيلته بتشكيل هيئة وطنية تشرف على الانتخابات من شخصيات ثانوية ومرتبطة بالدولة, أجرت حواراً شكلياً مع مجموعات شبابية بلا خبرة, ولم ينفذ الى صميم المشاكل ولا يلبي شروط التغيير الذي يريده الشعب. ولا بد من الاعتراف أن الحراك أصابه الوهن والاحباط, فاقتنع بتحقيق القليل من أمانيه, لأنه خير من خسارة كل شيء, فتشكل تيار يرضى بالانتخابات كما يريدها قايد صالح وأعوانه من كوادر النظام والدولة البيروقراطية العميقة.

حيلة المرشحين والانتخابات

ومع فتح الباب أمام الترشح تقدم أكثر من مائة مترشح بشكل يبدو أنه يشابه ما جرى في الجارة تونس, مما خلق انطباعاً بجدية العملية وحرية التنافس. وبعد فرز الملفات تبين أن غالبيتها الساحقة احتيالية, وانحصرت الموافقة على خمسة ملفات فقط, واتضح أنهم من رجال نظام بوتفليقة, هم:

- وزير ورئيس حكومة سابق في عهد بوتفليقة علي بن فليس.

- رئيس حكومة سابق أيضاً عبدالمجيد بن تبون.

- كاتب ونقابي ووزير سابق عزالدين ميهوبي.

- وزير سابق أيضاً عبدالقادر بن قرينة.

- عبد العزيز بلعيد, لم يشغل منصباً رفيعاً في السابق.

ويتساءل الجزائريون: هل هي صدفة ألا تقبل ملفات ترشيح أحد سوى خمسة كانوا من صلب النظام السابق من بين أكثر من مئة مرشح..؟!  

ومع الاقتراب من موعد الاستحقاق, أقدمت السلطة على نوعين من الاجراءات التي لا معنى لها سوى الاصرار على فرض الأجندة سلفاً.

 الأول: اجراءات قمعية, طالت الناشطين ضد الانتخابات, وشملت منع التظاهر, والحد من الحركة.   

الثاني: تحرك القضاء لبدء محاكمة رموز الفساد السابقين بعد شهور من توقيفهم لإستغلال عواطف الناس وايهامهم بجدية التغيير, في حين أن الواقع كشف أن عملية التطهير كانت انتقائية اقتصرت على المسؤولين المعادين للجنرال العجوز ويريدون التخلص منه وتمرير العهدة الخامسة!

رغم النجاحات النسبية التي حققها رجال السلطة في التحضير لتمرير الانتخابات, فإن بعض المعارضين ما زالوا يراهنون على إفشالها في الأيام القليلة الباقية, كما أفشلوها في 4 تموز/ يوليو.

 وهناك رأي ثالث يرى أن الحراك الشعبي لم يستطع التطور والتصعيد لأن الدولة العميقة اخترقته وسيطرت عليه. ويعتقد هؤلاء أن الرئيس القادم مقرر سلفاً وهو بين عبدالمجيد تبون أو علي بن فليس! ولكن المنتظر بعد  ذلك ثورة غضب عارمة على الطريقة العراقية.              

الوسوم