بيروت | Clouds 28.7 c

عقبات غير مرئية في تشكيل الحكومة: صراع على صلاحيات الرؤساء لإضعاف رئاسة الحكومة

عقبات غير مرئية في تشكيل الحكومة: صراع على صلاحيات الرؤساء لإضعاف رئاسة الحكومة

 

*هل يسمي عون نائب الرئيس الثالث بعد ان سمى نائب الرئيس الثاني؟

*استنفار سني في مواجهة تكريس اعراف لإضعاف الرئاسة الثالثة

*حزب الله مصر على حقيبة خدماتية رغم تحذيرات خارجية بعدم التعاون مع أي وزارة يتولاها

*الصحة مطلب لحزب الله وخشية على ما يصلها من مساعدات اذا تولاها

*حسم النقاش حول عدد الوزراء واستبعدت اي حكومة من 24 او 30 وزيراً

*الحريري أراد حكومة من 24 وزيراً لاستبعاد توزير سني معارض

*الحكومة الثلاثينية تضمن للمطالبين بها إبقاء موازين القوى داخلها كما هي

 

قصة تشكيل الحكومة العتيدة بحسب مصدر مواكب لما يسميه بالأسرار الخفية التي شهدتها كواليس التفاوض بشأنها، بدأت عملياً ما قبل إجراء الانتخابات النيابية التي فصلت نتائجها على نحو يخدم التمهيد لتوزيعة الحكومة الثلاثينية التي يصر حزب الله على مطلبه بخصوص عددها، في حين ان الرئيس ميشال عون كان يطرح للنقاش فكرة ان تكون من 32 وزيراً وثمة أطراف طرحت حكومة من 24 وزيراً يتمثل فيها الأقطاب والحزبيون الكبار فقط. ويقال ان هذه الفكرة الأخيرة عن حكومة الـ24صنعت في مطبخ الرئيس الحريري.

الطرف الذي طرح حكومة الـ30 وزيراً ارادها حكومة وحدة وطنية او تشارك وطني، تكون قريبة في تركيبتها من التشكيلة الحكومية الراهنة. ويقال ان حزب الله يعتبر ان حكومة الـ30وزيراً تضمن بقاء الاحجام التمثيلية الوزارية للأحزاب على  النسب نفسها، وأن اي زيادة للمقاعد الوزارية لهذه الجهة او تلك ستبقى بمفهوم النسب داخل نطاق التوازن. وعلى هذا فإن الحكومة الثلاثينية تضمن عدم نشوء معادلة سياسية جديدة داخل الحكومة.

أما مطبخ رئيس تيار المستقبل الذي طرح حكومة الـ24 وزيراً، فهو أراد من وراء ذلك، حصر التمثيل الوزاري بالكتل السياسية الكبيرة لقطع الطريق على دخول حيثيات سنية سياسية جديدة الى الحكومة.

أما كواليس قصر بعبدا فطرحت فكرة حكومة من 32 وزيراً لتمثيل مذاهب لم يسبق لها التمثيل، وتوسيع كعكة حجم العهد على المستوى الحكومي والوطني بمقابل التوسع النسبي الذي أحرزته القوات اللبنانية في نتائج الانتخابات النيابية.

وتقول هذه المصادر ان لعبة الخلاف على الأرقام حول عدد وزراء الحكومة العتيدة، ظلت طوال الاسبوعين الماضيين بمثابة أحد الأسرار الخفية التي تعرقل التقدم في تشكيل الحكومة. لقد حاول صاحب نظرية حكومة الـ32 وصاحب نظرية حكومة الـ 24 تمرير مقترحيهما على نحو غير مباشر. ولكن كل هذه المناورات اصطدمت بالحائط عندما رفض الرئيس عون حكومة الـ24 وزيراً، حينما عرضت عليه على شكل تمريرة جانبية، كما رفضها حزب الله عبر كلام صريح لأمينه العام السيد حسن نصر الله في اطلالته الاخيرة.

والآن تعود اللعبة الى مربع الحكومة الثلاثينية، وهذا هو اهم تقدم إيجابي حصل على مستوى مسيرة تشكيل الحكومة منذ بدء عملية التكليف  حتى الآن. ويلاحظ أنه بعد حسم هذا الخلاف الذي لم يكن مباشراً وليس منظوراً، بدأت دورة اللقاءات السياسية بين القوى المتناقضة تتحرك، حيث اتصل  حكيم معراب برئيس الجمهورية، وحمامة القوات الزاجلة ملحم رياشي فتح لها باب سيد التيار البرتقالي جبران باسيل، وبالنتيجة عاد الدم يتدفق في قناة تفاهم معراب المكلف بها رياشي مع ابراهيم كنعان .وفي الوقت نفسه بادر عون للاتصال بوليد جنبلاط وتم مسح ((تويتر)) ابو تيمور الشهير الذي وصف العهد بالفاشل.

ما يحدث خلفه تطور واحد، وهو ان حجم الحكومة أصبح واضحاً وهي ثلاثينية .وعليه صار واضحاً نسبة توزع القوى على خارطتها. وهذا ما يفسر لماذا عاد الحديث بين الجميع عن المعيار الواحد لجهة توزيع المقاعد على عدد النواب لدى كل طرف .

وبعد اجتياز حاجز الاتفاق على حجم الحكومة الثلاثينية، فإن العقدة غير المرئية الآن تتصل بقضية نائب رئيس مجلس الوزراء .ونقطة الخلاف هنا هي من يكون له الكلمة الاولى في تسميته: رئيس الحكومة ام رئيس الجمهورية، أم كلاهما. داخل البيئة السنية هناك اعتراض على ان يسمي رئيس الجمهورية نائب رئيس الوزراء. وبنظر هذه البيئة فإنه من حق رئيس الحكومة ان يسمي نائبه، ويستدرك هذا الرأي ليقول ان رئيس الجمهورية لم يستأنس برأي رئيس الحكومة حينما سمى نائب رئيس مجلس النواب. وبالتالي لماذا على الرئيس الثالث ان يتشارك مع الرئيس الاول بتسمية نائبه. واللافت ان هذا التناقض لا تتم إدارته بشكل مباشر بل هو ما زال موضع مناورات يقوم بها كل على حدة الرئيس الماروني الأول والرئيس السني المكلف الثالث. ويتبادل الطرفان فوق رقعة الشطرنج تحريك أحجار التسميات والأحجام على نحو تصل فيه اللعبة بالنهاية للحظة (( كش ملك)) نائب رئيس حكومة. والسؤال من سيقول ذلك أولاً وعلى أساس وصول لحظة التشكيل لتوازن في صالحه: هل هو عون او الحريري.

ويقول أصحاب هذا الرأي انه في حال نجح الرئيس عون في تسمية نائب رئيس الحكومة بعد ان سمى نائب رئيس مجلس النواب، فإن هذا الأمر سيصبح تقليداً جديداً يضاف الى تقليد نيل الرئيس الاول حصة وزارية خاصة به في كل حكومة تشكل. ومعنى هذا ان التقليد الذي يسير الرئيس عون نحو ترسيخه بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة، ليس فقط ان يكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية من ثلاثة وزراء اذا كانت ثلاثينية بل أيضاً يضاف إليها الحق في تسمية نائب رئيس الحكومة إضافة لنائب رئيس مجلس النواب.

لم يبد الرئيس بري هذه المرة اعتراضه على ان يسمي الرئيس الاول نائب الرئيس في المجلس النيابي، ذلك ان بري كان لديه أولويات منها تأمين تصويت عال لمصلحته برئاسة مجلس النواب، وضمان حصوله على مقايضة لصالح احتفاظه بوزارة المالية في الحكومة العتيدة. ولكن هل سيوافق الرئيس الثاني على ان تصبح تسمية نائبه من قبل رئيس الجمهورية بمثابة ((عرف)) له منزلة البنود الدستورية.

يقول الرئيس الحريري المرة بعد المرة أنه لا يعترف إلا بعرف واحد وهو توزع الرؤساء الثلاثة على الطوائف الثلاث كما هو حاصل  منذ نشأة لبنان، وأي عرف آخر لا يعترف به. ولا يقصد هنا الحريري فقط عرف وزارة المال للشيعة فقط، بل أيضاً ما يجول ببال الرئيس عون بخصوص ان تصبح تسمية كل من نائبي رئيسي الحكومة والمجلس النيابي من قبل رئيس الجمهورية، بمثابة عرف له المنزلة الدستورية.

وداخل البيئات السنية التي تقع على ضفاف تيار ((المستقبل)) والقريبة من الحريرية السياسية بهذه النسبة او تلك، يسود نوع من الامتعاض بخصوص اشارات ظهرت بمناسبة تشكيل الحكومة العتيدة، تشي بأنها تحاول تجويف اتفاق الطائف وجعله دستوراً يتم تطبيقه ليس على أساس ما تقوله نصوصه، بل على أساس ما تفرضه موازين القوى على الارض. وأبرز هذه المؤشرات كانت ظهرت عندما جرى بشكل متعمد تسريب معلومات في الصحافة وفي الكواليس السياسية تقول ان مهلة التكليف ليست مفتوحة، وان رئيس الجمهورية قد يطلق صفارة إنهاء تكليف الحريري فيما لو شعر ان مهمته طالت. وبنظر هؤلاء فإن هذه التسريبات لم تكن بريئة، وأنما ارادت فرض عرف بالاستناد الى موازين القوى الحالية، يجعل الرئيس السني الثالث سواء المكلف او الفعلي، مكبلاً بقيود ان رئيس الجمهورية يحق له إقالته من مهمته في حالة التكليف، كمقدمة لجعل حقه في إقالة رئيس الوزراء محل نقاش وليست محل حظر دستوري. وبنظر هؤلاء فإن إقالة رئيس الوزراء في حالة كان مكلفا ًاو رئيساًَ فعلياً للحكومة هي واحدة في معناه الذي يرمز لإضعاف هيبة الرئاسة الثالثة وذلك انطلاقاً ليس من روحية الدستور بل من روحية موازين القوى وصراع الارادات السياسية بين الطوائف.

وهناك من يقول من داخل البيئة السنية ان على الحريري تقصد إطالة وقت التكليف، وتقصد ممارسة سياسة تظهر انه لا يشكل حكومته تحت ضغط المهل، وهذا التوجه الذي يريد توجيه ضربة قاصمة لكل تفكير بوضع مهل للرئيس الثالث المكلف، هو الذي يفسر لماذا أعلن الحريري انه يريد الاحتفال بزواجه في باريس، أي أخذ اجازة العمل في تشكيل الحكومة لأيام، ثم بعد ذلك يعود لاستكمال التشكيل ضمن أجندته وضمن وقته الخاص والعام!!

..  بهذا المعنى يبدو ان معركة تشكيل الحكومة تجري حول عناوين غير تقليدية ولديها دلالات أبعد من وجود خلافات على الحقائب، وهناك تباين حول تثبيت الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة وإدارة حرب حول ما هو مقبول من أعراف سياسية لها منزلة دستورية وما هو غير مقبول، ولن يسمح بجعله مقبولاً من خلال تمريره بمناسبة تشكيل الحكومة العتيدة.

ثمة معركة أخرى تم خوضها وراء الكواليس وهي تتعلق ليس بحصة حزب الله داخل الحكومة، بل بنوعية الوزارات التي سيحصل عليها حزب الله. فالحزب يريد 3 حقائب بينها وزارة خدماتية اضافة لمساندته السياسية لطلب بري نيل وزارة المالية. ولكن السؤال- الاشكالية هو  أية وزارة يريد الحزب ؟؟. وسبب طرح هذا السؤال يعود الى ان المراجع المعنية في لبنان تلقت رسائل خارجية تفيد بأن الدول التي تضع حزب الله بجناحيه العسكري والسياسي على لائحة الارعاب لن تتعامل مع اية وزارة يوجد على رأسها وزير من حزب الله. وجرى التفكير بأن يسمي الحزب في الوزارة الخدماتية التي يريدها شخصية تابعة له ولكن تكون مستقلة في الظاهر وغير حزبية. لكن الحزب رفض التلميحات التي وصلته بهذا الخصوص. وأصر على نيل حقيبة خدماتية هو يسميها وأيضاً يضع على رأسها وزير حزبي هو يسميه أيضاً. ويشاع ان حزب الله يريد وزارة الصحة، ما يثير مخاوف ان يؤدي ذلك الى قيام جهات دولية واقليمية بمقاطعة وزارة الصحة في لبنان، وفي حال حصل هذه الامر فان هذا سيلحق بالوزارة أضرارا ًكبيرة نظراً لعلاقاتها مع جهات خارجية تؤمن لها منحاً ومساعدات ترتبط بنشاط هذه الوزارة الصحي في لبنان.

ثمة معلومات تسربت خلال الايام الأخيرة بأن معظم العقبات غير المرئية وغير المعلن عنها تم تفكيكها، وما تبقى منها يتم ترتيب مسارات حلول لها، وانه يتوقع خلال الاسبوعين المقبلين ان لا يبقى من المشاكل التي تعيق تشكيل الحكومة سوى العقبات المعلنة والمعروفة والتي تتعلق بخلافات على حقائب وعدد الوزراء لكل جهة.. وهذا النوع من المشاكل لن يستغرق حله أكثر من اسبوع. وفي حال لم تظهر مشكلة جديدة من العقبات المنتمية الى فئة غير المعلنة وغير المرئية، فإنه يتوقع ان تشكل الحكومة مع النصف الثاني من الشهر الجاري.

هذه بعض التوقعات المطروحة، لكن في لبنان ثمة مثل شائع مفاده: ((لا تقول فول تيصير بالمكيول)).

 

احمد خالد

 

 

الرئيس عون: تسمية نائب رئيس الحكومة بعد المجلس النيابي

الرئيس بري: مقايضة

الرئيس الحريري : لا عرف خارج الرئاسات للطوائف الثلاث

زعيم المختارة: حذف ((تويتر)) يصف فيه العهد بالفاشل

السيد نصرالله: رفض حكومة من 24 وزيراً

اجتماع رئيس الحكومة برؤساء الحكومات السابقين :استنفار سني

 

 

الوسوم