بيروت | Clouds 28.7 c

السوشيال ميديا كبسة زر واشاعات وحرب على المنصات/ بقلم د. ليلى شحرور

السوشيال ميديا كبسة زر واشاعات وحرب على المنصات

بقلم د. ليلى شحرور

متخصصة في العلم الاجتماعي والاعلامي

 

((إن القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم)) القائد الألماني رومل.

((كثيرًا ما غيّرت الحرب النفسية وجه التاريخ)) تشرشل.

من منا يُنكر الدورَ العظيم الذي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تؤديه على منصاتها، إذ باتت تعجُ بملايين التغريدات يومياً حول مواضيع عديدة، تتصدرها في غالب الأحيان الأوضاع السياسية والمعيشية.
لقد تمكنت بعضُ التغريدات والدعوات والتعليقات والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي من تحريك الشارع اللبناني في ظل ما عُرف بثورة ((الواتس آب))، وقبل أن يتوحد الناس في لبنان بالميادين توحدوا على أهدافهم على تلك المنصات فاحتشدوا واحتجوا على واقعهم بعد أن حاصرتهم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المُتردية فالبطالة والفقر والتهميش هي العناوين الرئيسة لثورتهم لكنها ما لبثت بعد أيام قليلة أن تشعبت. وفي الحقيقة فتحت تلك المنصات المجال للجميع بأن يتكلم وينشر ما ليس له به علم، إذ تساوى العاقل والأهوج، المتعلم والجاهل، الصغير والكبير، فاختلط الحابل بالنابل، وانتشرت الكثير من المعلومات والاشاعات بسرعة البرق والتي ينمُ بعضها إما جهل كبير أو لغاية في نفس يعقوب، صدقها الكثير من رواد المواقع، فتبدلت المعطيات وحرّفت المطالب. ونشطت حركة الحذف والقطيعة وخطاب الكراهية والسباب والتنابذ والتحريض، وامتلأت الصفحات بالكلام البذيء  والمسيء والمغرض بقصد الإساءة المتعمدة، والتي تترجم على الأرض. فشعارات المواقع هي عينها على اللوحات. واللافت للانتباه اليوم، هو انتشار الشخصيات الإنترنتية ((المسئسدة)) التي تَدعي المعرفة, البلاغة والنزاهة، والتي قامت بتنصيب نفسها وصية على المجتمع، فأصبحت توجه الرأي العام وتصنع مؤيديها بسكب وقود الفتنة يميناً وشمالاً تحلل وتنتقد وتوعز وتعمل من دون كلل أو ملل، دون إعطاء حلول فعلية للمشاكل، والغريب في الأمر أن لهؤلاء عدداً كبيراً من المتابعين الذين وجدوا أن هناك من يطرح مشاكلهم علناً فيضغطون زر ((اللايك)) والمشاركة دون حتى أن يقوموا  بقراءتها جيداً, إذ كشفت دراسة حديثة بجامعة كولومبيا الأميركية والمعهد الوطني الفرنسي أن 59% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يشاركون المواد اعتماداً على عنوانها الجاذب من دون قراءة محتواها.
والأسوأ من ذلك أن هذه المشاركات ((العمياء)) تؤدي دوراً في تحديد آرائنا ومواقفنا ومبادئنا وهي تجر خلفها سلسلة من المتابعين العميان أو ما يطلق عليهم ((قطيع إلكتروني)). و((المسئسدون)) يقبعون خلف الشاشات وربما بأسماء وصور مستعارة. وبإسم الوطن والسياسة يُحلل هؤلاء، فينفثون السم على الصفحات، ويوزعون المؤيد والمعارض على مقاعد وهمية صنعوها بإيعاز من جهات خفية توظفهم لصالحها، فتصبح الصفحات حلبات للصراع الحزبي والسياسي والديني.. هذا ما يسمى بالحرب النفسية على ((السوشيل ميديا)), معلومات في إناء مليء بالكره والتحريض صُنع بجهل ممنهج، حيث أن التضليل هو الأسلوب المسيطر والمُتعمد. وعندما تغدو هذه الوسائل وطناً جديدًا فمن الطبيعي أن تحدث اهتزازت عنيفة تتجاوز السّطح إلى الأعماق وتصبح هي بكل أشكالها المسؤولة عن  تماسك المجتمعات ومستقبل الأوطان وهي التي تصنع شعوباً تقاد بكبسة زر.

((حروب الجيل الرابع)) اشاعات ((السوشيال ميديا))..كيف تؤثر في إعلان حالة التمرد والثورة ؟

-تنتشر هذه الإشاعات بسرعة بين الناس في الأوقات التي تضطرب فيها الأفكار ويستولي عليهم الخوف والقلق والحيرة، وبالطبع إشاعات الخوف أكثر قدرة على الانتشار.

-تصوب إلى عقول الشباب وغرائزهم، وتحول المنصات إلى ساحة حرب تهدد الأمن النفسي والسلامة، مستهدفة برمجة عقلهم الجماعي. وفي هذه الحالة فإن الشعارات تنشط بشكل كبير مما يدفع المتظاهرين ولا سيما الشباب منهم الى تبنيها والتعلق بها.

- تولد بيئة خصبة لنشر حالة ((اللاأمان النفسي المجتمعي))، مما يؤثر بشكل سلبي وعدائي، ويعتمد هذا الأسلوب على منظومة الخوف، وعلى وضع الرواد دائمًا تحت تأثير القلق والتوتر، وأي شيء يشعرهم بالحزن والكآبة. وفي هذه الحالة فالسطوة فقط للدماغ الانفعالي.

-تعتمد على محاربة العقل والقيم كأسلوب من أساليب الحرب النفسية التى تنتهجها الدول والحكومات وجماعات المصالح للسيطرة على الجماهير، إدراكاً منها أن استقطاب العقل والسيطرة عليه وتغييبه واحتلاله ثم تدميره، أهم بكثير من احتلال الأرض وذلك من خلال تزييف الواقع بكل أبعاده، ونشر الاشاعات, الأكاذيب والتلفيق وإخفاء الحقائق والاستخدام الملتوي للغة والمصطلحات وتدوير الزوايا في الصور والفيديو.

 -نشر فيديوهات مفبركة بهدف التشكيك. وفي هذه الحالة فالعقل لا يحلل ولا يبرر ولا سيما إذا كان ملصوقاً على صفحة ((المسئسد)).
- في حالة الخوف والقلق يتوهم الانسان أمورًا كثيرة لا أساس لها من الصحة، وهو مستعد لأن يفسر الحوادث العادية تفسيرات خاطئة يمليها عليه الخوف والوهم وهو مستعد أيضًا لأن يصدق كل ما يقال له وقد يحذو حذو الآخرين من دون أدنى وعي.

- خطورتها أنها تأتي في شكل نوادر وطرائف وأغان، أو بنشر أخبار وتقارير مما يجعلها تتسرب إلى العقل الباطن بكل سهولة.

-دعاية وأكاذيب وتزييف للحقائق في الخطاب والصورة ((بغرض إضعاف طرف من الطرفين. وتحدث هذه الاشاعات طوفاناً جارفاً يهدد القيم والأخلاق والسلم الأهلي)) .

د. ليلى شحرور

 

 

الوسوم