بيروت | Clouds 28.7 c

د. قيس سعيد رئيساً سادساً لتونس بغالبية 77% عودة الروح للربيع العربي.. من منبعه - بقلم: محمد خليفة

د . قيس سعيد رئيساً سادساً لتونس بغالبية 77%

عودة الروح للربيع العربي.. من منبعه - بقلم: محمد خليفة

مجلة الشراع 18 تشرين أول 2019 العدد 1921

 

*تعهد بمراجعة العلاقات مع فرنسا, ووصف اسرائيل بالعدو

*ثورة مدنية جديدة على الاحزاب التقليدية ترسخ الديموقراطية

  أصبح الأستاذ الجامعي المستقل الدكتور قيس سعيد رئيساً سادساً لجمهورية تونس بعد أن أكد الناخبون ثقتهم التامة به تأكيداً لا تشوبه شائبة, بعد أن كرروا انتخابه في الدورة الثانية يوم الأحد الماضي 13 تشرين الأول/ اكتوبر بنسبة عالية من اصواتهم بلغت 76,93%, وتجاوزت نسبة المشاركة الشعبية في الاقتراع ال 60%, وهما نسبتان عاليتان بإجماع المراقبين والمحللين داخل تونس وخارجها, تعكسان ثقة التوانسة بنظامهم الانتخابي والديموقراطي الجديد الذي دشنته ثورة 2010 ولم يظهر أي مشكك بنزاهة العملية, كما أن المراقبين الأوروبيين الذين راقبوا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل أيام قليلة, وراقبوا انتخابات 2014 لم يسجلوا أي ملاحظة سلبية عليها.

وكان قيس سعيد دخل المنافسة على الرئاسة من خارج الوسط السياسي, وترشح لها من دون اعتماد على حزب أو منظمة, ونافس خمسة وعشرين مرشحاً, يمثلون أحزاباً عريقة وجديدة, وتتوفر لهم امكانات مالية ومادية واعلامية وسياسية, لا يتوفر له شيء منها. وتميزت حملته بالتواضع البالغ, بل إنه في الدورة الثانية أوقف حملته المتواضعة تضامناً مع منافسه نبيل القروي الموقوف قضائياً على خلفية اتهامات موجهة له بالتهرب الضريبي والفساد وغسيل أموال.

وقيس سعيد الذي جذب أنظار شعبه, وكسب ثقته هو مثقف مستقل, لم ينتسب لأي منظمة سياسية في حياته, وأعلن بعد ترشحه تمسكه بالاستقلالية ورفضه للتحالف مع الاحزاب رغم كثرة العروض التي قدمت له للتعاون معها, ولا سيما حركة النهضة التي تمثل الكتلة الاكبر في البرلمان, والتي قالت إنها وجهت أعضاءها لدعمه ومستعدة للتعاون معه.

 ولفت قيس سعيد اهتمام الناس بمثاليته ونزاهته وتمسكه بلغته العربية الفصحى في حديثه مع جميع الناس وفي كل المناسبات ولم يعرف عنه أي فساد أو سلوك مشين.  مواطن عادي جداً خرج من بين الجماهير, وكسب تأييدها بأقل قدر من الدعاية والإثارة بينما أنفق المنافسون ملايين الدنانير, حسب شهادة سياسيين كثيرين, وبعضهم حظي بدعم مادي من دول أجنبية, وخصوصاً نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس الذي قاد حملته الانتخابية في الجولتين من السجن, مستفيداً من قناته التلفزيونية ذات الانتشار الواسع, وعلاقاته القوية في الخارج بسياسيين ومسؤولين كبار, يتقدمهم رئيس الحكومة الايطالية السابق الملياردير سيلفيو بيرلسكوني الذي يشاركه عدة مشاريع اقتصادية.

وكشفت مصادر تونسية مطلعة أن نبيل القروي يحظى بدعم أميركي واسرائيلي وأوروبي قوي, مكنه من التحول الآن رغم خسارته للانتخابات الشخص الثاني في الوسط السياسي المعارض. وأكدت المصادر أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً في السر للافراج عنه قبل يومين من جولة الانتخابات الثانية.

 كما تبين أن شركة الاعلان والعلاقات العامة الكندية ((ديكينز ومادسون)) التي تعاقد معها نبيل القروي لدعم ترشيحه على المستوى الدولي يملكها ضابط استخبارات اسرائيلي سابق هو آري ميناشي!

وكان موقع ((لوبيينغ آل مونيتور)) فجر مفاجأةً مدوية، بنشره وثائق تُثبت تعاقد القروي مع شركة دعاية يملكها ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي. ونشر الموقع نسخة من العقد المُبرم بتاريخ 19 آب/أغسطس 2019، والمسجّل لدى وزارة العدل الأميركية. وتكشف الوثائق أن القروي وقّع عقداً بمليون دولار مع الشركة الكندية، ورئيسها الذي عمل في الماضي تاجر سلاح دولياً ومستشاراً سابقاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية, وتلتزم الشركة بالعمل على التأثير على الحكومات الأميركية والروسية والأوروبية لصالح القروي وتنظيم لقاءات له مع الرئيسين ترامب وبوتين قبيل الانتخابات للتأثير على الرأي العام.

من هو قيس سعيد؟

ولد في مدينة بنزرت الساحلية يوم 22 شباط/ فبراير 1958 ((يوم اعلان الوحدة السورية - المصرية!)) وبعد سنتين فقط من استقلال تونس, وتلقى تعليمه في مدارسها المحلية وفي الجامعة التونسية حتى نال الدكتوراه في القانون الدستوري, واحترف مهنة التدريس في الجامعة ذاتها. واختارته الجامعة العربية عام 1989 ليكون ضمن فريق من القانونيين لتحديث ميثاقها, ووضع قانون محكمة العدل العربية.  

والرئيس قيس متزوج من سيدة تنتمي مثله للطبقة الوسطى وتتصف بصفات تشبه صفاته, فهي قاضية كبيرة تتصف بالرصانة وقوة الشخصية والاستقامة والنزاهة والمثالية في كل شيء وله منها ثلاثة أبناء, وأدت السيدة اشراف شبيل دوراً كبيراً في حياته وتكوين شخصيته, ويتوقع المراقبون المحليون أن تكون نموذجاً جديداً وفذاً للسيدة الأولى بفضل ثقافتها ونزاهتها وقوة شخصيتها.

 ولم تكن للرئيس الجديد آراء أو مواقف سياسية معلنة, أما بعد تقدمه في الجولة الأولى من الانتخابات فأدلى بآراء ومواقف سياسية, أثارت ردود أفعال واسعة النطاق, وحرضت الدول الغربية واسرائيل عليه, فقد قال إن تونس في حالة حرب مع العدو الصهيوني, وقال إنه سيحاسب فرنسا على الكثير من جرائمها في تونس وافريقيا وتعهد بمراجعة علاقات بلاده مع فرنسا. ووعد أيضاً بفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين, وفتح تحقيق قضائي بجرائم الاغتيال التي اتهم بها تنظيم سري لحركة النهضة, ولم تحل الى القضاء للتحقيق الجدي فيها, تحت ضغط وتأثير الحكومات التي تشارك بها النهضة!

وقد رأى المراقبون بفوز قيس سعيد بالرئاسة بهذه النسبة العالية من الأصوات ثورة تونسية جديدة مدنية وديموقراطية, وتمرداً على الاحزاب التقليدية والايديولوجية. ثورة تعاكس كل ما يطبع الأنظمة العربية من استبداد وفساد ورفض للتغيير وحكم بوليسي!

فهل ينجح الاستاذ الجامعي في تحقيق أحلام شعبه التي لم تحققها الأحزاب العريقة والكبيرة..؟

 

الوسوم