بيروت | Clouds 28.7 c

((مؤتمر المسيحيين العرب)) على خطى الأسلاف:  ((العروبة هي الحل)) لمواجهة الأعداء وأنظمة الإستبداد! بقلم محمد خليفة

((مؤتمر المسيحيين العرب)) على خطى الأسلاف:  ((العروبة هي الحل)) لمواجهة الأعداء وأنظمة الإستبداد! بقلم محمد خليفة

مجلة الشراع 18 تشرين اول 2019 العدد 1921

 

ينعقد الاسبوع القادم في باريس مؤتمر المسيحيين العرب الأول ((23 تشرين الأول/ اكتوبر)) بحضور ومشاركة فاعلة لعدد غير قليل من الشخصيات العربية المسيحية والمسلمة ذات التوجهات العروبية المتمسكة بالهوية التاريخية الجامعة ((العروبة)) في وجه الهويات البديلة التي تحاول بعض الدول الاقليمية والكبرى فرضها على الطوائف والمكونات لأغراض وأهداف عدوانية, لم تعد خافية على العرب بكل مكوناتهم وطوائفهم. إذ يتصرف هؤلاء في المنطقة العربية كما تصرف الغزاة الصهاينة سابقاً في فلسطين: هدم وتدمير وتهجير أصحاب البلاد الأصليين, وإحلال سكان غرباء لهم هويات مغايرة.

هذا السلوك العنصري الاستعماري استهدف العرب جميعاً. وكما مزق الصهاينة عرب فلسطين الى مسلمين ومسيحيين ودروز وبدو, تمهيداً لدمج بعضهم في مجتمعها العنصري, واقتلاع من يستعصي على الاندماج وتهجيرهم للخارج, ولا سيما المسيحيين العرب الذين تمسكوا كالمسلمين بأراضيهم, وبهويتهم العربية وانتمائهم للامة العربية, وناضلوا معاً طوال قرن كامل حتى غدوا مثالاً باهراً للأخوة التاريخية, حتى أصبحت الكنائس مساجد ترفع الأذان, والمساجد تشارك المسيحيين احتفالاتهم.      

لم يوفر هؤلاء معولاً إلا استعملوه لهدم مقومات الوجود العربي الوطني القومي.  واستكمل نظام الاسد هذا المخطط في سورية بسعي آل الاسد لإنشاء تحالف أقليات طائفية وعرقية, ضد الغالبية العربية السنية وضعت مداميكه في بيروت. وآخر الخطوات على هذا الطريق التخريبي تكريس الانقسامات الطائفية في الدساتير وأنظمة المحاصصات التي تؤسس لحروب أهلية مستمرة وعدمية يتطاحن الجميع فيها.

رداً على هذا المشروع ومواجهة أخطاره تحرك رموز المسيحية العربية الأصيلة, كما تحرك أجدادهم قبل قرنين لإعادة تأسيس الأخوة ووحدة المصير بين المسلمين والمسيحيين, وصياغة العلاقات القومية الحديثة بين المكونين مستلهمين روحية الاصالة والحداثة, ورفعوا عنواناً معبراً للمؤتمر الجديد ((مسلمون ومسيحيون نحو عروبة معاصرة)). ولا شك أن هذا التحرك يأتي على خطى الأسلاف والاجداد في تاريخ يمتد ألفي سنة, تبادل فيه المكونان الأبرزان أدوار الريادة والتأثير ومهام القيادة الثقافية والسياسية والاجتماعية والتحررية.

هذا التاريخ يؤكد المؤكد, إذ لم تكن علاقات المسيحيين والمسلمين العرب في أي مرحلة إشكالية, بل كانت دائماً أخوية وتضامنية, ذات خصوصيات ثابتة ترتكز على ميثاق المدينة المنورة, والعهدة العمرية, يوم كان المسيحيون أغلبية وكان المسلمون أقلية, وكانت قبائل عربية عديدة تعتنق المسيحية الأولى التي خرجت من الشام الى العالم. وترسخت هذه العلاقة في إطار الحضارة العربية والاسلامية بناء على اسهامات المسيحيين العظيمة, وتجددت في العصر الحديث بظهور مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية والقومية, بديلاً عن الإنقسامات الملية والدينية والطائفية التي سادت العصر العثماني - التركي. وما لبثت أن تعمدت بالنضال في سبيل التحرر والوحدة واستعادة العرب استقلالهم ومجدهم في مواجهة محاولات فرض الوصاية عليهم ومشاريع الاستعمار الحديث.       

وكما يعرف الجميع تأسست دولنا العربية القائمة حالياً ((سورية, لبنان, العراق, فلسطين, الاردن.. إلخ)) في مطلع القرن السابق على أساس الشراكة الوطنية, ولم يستطع الاستعمار الأوروبي التأثير فيها. إلا أنها اليوم تتعرض لتهديدات وتحديات اقليمية وخارجية أخطر من السابق, تشترك فيها اسرائيل الصهيونية, وايران الثيوقراطية, وتركيا العثمانية الجديدة, وروسيا الامبريالية التوسعية, والهدف المشترك تدمير الجامع المشترك, ممثلاً بالعروبة, الأمر الذي حرك عدداً من رواد النضال الوطني والقومي والتحرري المسيحيين مدعومين من رواد مسلمين يشاطرونهم الهم والاهتمام المشتركين لعقد مؤتمرهم الذي تأخر في الواقع عدة سنوات بهدف رفع صوت المسيحيين العرب وإعلان مواقفهم مما يجري في المنطقة, تأييداً لثورات الشعوب العربية ضد أنظمة الاستبداد والفساد والقمع, وخصوصاً نظام الأسد التوتاليتاري ونظام العراق الهجين، ورفضاً للتدخلات الخارجية المعادية.

النائب اللبناني السابق فارس سعيد ومعه الدكتور رضوان السيد كانا في مقدمة التحرك  والاعداد لهذا المؤتمر الذي يتوقع أن يكون منصة انطلاق لتحركات متصاعدة عديدة. ومن سورية يتقدم المثقفان البارزان والمناضلان العريقان ميشيل كيلو وجورج صبرا قائمة من الأسماء البارزة كناصر سابا وسميرة مبيض.. إلخ . وهناك مشاركون من العراق وفلسطين والاردن ومصر.

يتضمن برنامج اعمال المؤتمر أوراقاً وأبحاثاً علمية تتناول القضايا المطروحة حالياً , وكلمات سياسية لعدد غير محدد من الضيوف والمشاركين. ويلقى المؤتمر دعماً ادبياً وديبلوماسياً من الخارجية الفرنسية.     

 

الوسوم