بيروت | Clouds 28.7 c

كامل الاسعد رجل الألف عام (2) اجتماع عاصف بين الاسعد وحافظ الاسد سبق انتخاب بشير / بقلم: سعدون حمادة

كامل الاسعد رجل الألف عام (2) اجتماع عاصف بين الاسعد وحافظ الاسد سبق انتخاب بشير / بقلم: سعدون حمادة

مجلة الشراع 2 اب 2019 العدد 1911

 

  • *تعاطي الاسعد مع مختلف الرسميين السوريين تميز بالصلابة والتشنج.
  • *كثيراً ما وصلت علاقته بدمشق الى القطيعة التامة قبل ان يعود الوسطاء لمعاودتها بشروطه
  • *الاسعد فاجأ الجميع بترؤسه جلسة انتخاب بشير بعد ان رفض المساومات والاغراءات من قبل المحسوبين عليه لانتخابه
  • *كامل الاسعد متل أبيه وجده أقرب الى العوز من الناحية المادية

 

بقلم: سعدون حمادة

في ما يلي نص الحلقة الثانية والأخيرة من مقال ((كامل الاسعد رجل الألف عام)) الذي تنشره ((الشراع)) في ذكرى غيابه.

إن مثل هذه المواقف المتصلّبة والمتشنّجة في تعاطي الرئيس الفقيد مع مختلف الرسميين السوريين وعلى إختلاف مناصبهم ورتبهم ميّزت علاقته بهم حتى النهاية على الرغم من تنافرها وتناقضها مع التقاليد والأعراف السياسية اللبنانية التي طبعت هذه المرحلة ولطالما أدّت في مرات لا يمكن حصرها إلى قطيعة تامة لا يلبث بعدها الوسطاء المحترفون والمكلفون أن يبادروا إلى إعادة وصل الشعرة المقطوعة فينجحوا بشروطه حيناً ويفشلوا في أكثر الأحيان كما حصل في إحدى أطولها زمناً وأعمقها سبباً وأكثرها شهرة وتداولاً عندما زاره في منفاه الإختياري الباريسي رئيس الوزراء السوري عبد الرؤوف الكسم حاملاً إليه دعوة رسمية لزيارة دمشق مع تطمينات ووعود وتعهدات. وحين تيقن الزائر الواسع الصلاحيات أن مضيفه تجاوب مع مهمته بشرط أن يتلقى الدعوة شخصياً من لسان صاحبها قام إلى الهاتف ليوصل الرجلين مباشرة إلا أن السياسي اللبناني العنيد إعترض على ذلك وطلب أن تكون المبادرة بالإتصال من الجانب الآخر من الخط الهاتفي فإنتهت الزيارة بدون إتفاق، وبقي في منفاه سنين عديدة يعمل في إحدى المؤسسات القانونية لحاجته إلى عائدات عمله المتواضعة  على الرغم أنه كان في هذه الفترة رئيساً لمجلس النواب اللبناني ولا يكفي راتبه الرسمي لسدّ نفقات الغربة ومتطلباتها.

إن اندفاع حزب الله للتحالف الإنتخابي مع كامل الأسعد والجهود السورية المتواصلة لإبقاء قدر من العلاقة الودّية معه وصولاً إلى حد أدنى من تطويعه وضمه ولو من بعيد ليس إلى ركب المنجرين والمتعاملين فهذا أمر لم يرد في ذهن أحد وإنما إلى صفوف الساكتين والصامتين أو المهادنين واللامبالين في أحسن الأحوال.

إن هذه الوقائع والكثير غيرها تؤكد أن المصادقة شبه الجماعية للمجلس النيابي اللبناني برئاسة كامل الأسعد على إتفاق 17 أيار/ مايو ليست في الواقع أكثر من التبرير النظري والمختلق والتكتيكي لإستهداف كامل الأسعد بكل ما يمثله في المبدأ والأسلوب من بقايا من تراث سياسي لبناني وتقاليد وأعراف ومسلمات تعرضت ولا تزال إلى جهود هائلة النفوذ والإمكانات لإقتلاعها ومسحها وإزالتها تماماً ليس من الذاكرة الشعبية والوطنية فحسب بل حتى من أي إشارة إليها في متون التاريخ وهوامشه، وهذا ما ينطبق أيضاً على دوره في إنتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية اللبنانية في جلسة عقدت تحت القصف المدفعي في ثكنة الفياضية بتاريخ 23 آب/ اغسطس 1982.

قبل موعد الجلسة بأيام لم يكن كامل الأسعد قد عرف بشير الجميل شخصياً أو قابله أبداً، ومن المعروف أنه تعرض قبل ذلك لإحدى أشهر محاولات الإغتيال التي استهدفته في بلدة يحشوش في كسروان 1981، وقد جرت محاولات متعدّدة المصادر لإقناعه بدعم بشير وتأييده معزّزة بإغراءات مادية وسياسية أشهرها تلك التي قامت بها إحدى الشخصيات المسيحية المعروفة ولا تزال حتى اليوم مؤثّرة وفعّالة وتمسك بعض أهم المفاصل في المؤسسات اللبنانية الحالية ولكنه كان دائماً يرفض الالتزام بموقف مسبق تاركاً التجاذبات السياسية والانتخابية تتفاعل بانياً قناعاته الذاتية التي احتفظ بها لنفسه دون أن يلقي بها في ساحة المساومات والمناورات. وفي النهاية فاجأ الجميع بترؤس الجلسة وتسهيل انتخاب بشير أمام دهشة الذين طالما سعوا لإقناعه بإعلان موقفه هذا وذهولهم لأنه وجد فيه حينها السبيل الممكن لخروج لبنان من محنته.

وقبل أيام قليلة، كان موعد هذه الجلسة مثار جدل ونقاش، والموضوع الوحيد الذي جرى بحثه في اجتماع عاصف عقده الرئيسان الأسد والأسعد منفردين واستمرّ لأربع ساعات كاملة حاول خلالها كل من الرجلين إقناع الآخر بوجهة نظره، طلب فيه الرئيس السوري تأجيل موعد الجلسة إلى تاريخ لاحق بينما أصرّ البرلماني اللبناني على اعتماد التاريخ الذي عيّنه محاولاً إقناع محاوره بوجهة نظره وإلا بقي قسم كبير من البلاد بما فيه العاصمة بيروت أسير الإحتلال الإسرائيلي وحالة الضياع والتمزّق والفوضى التي يعانيها وتهدّده في صميم وحدته وديمومة الكيان.

إن تقويم المواقف السياسية والأفكار العامة أمر بالغ التعقيد والصعوبة لا سيما في هذه الفترة الحرجة من تاريخ لبنان حيث المنطق الصحيح والحجج الدامغة والتفكير السليم ليست في أحسن أحوالها الصحية الطبيعية، ومفاهيم القائد الوطني ورجل الدولة وصانع التاريخ تتراجع باطراد أمام أحكام التجارة والسمسرة وتغيير الأزياء بحسب مقتضيات المصلحة وحسابات الربح وبذل ماء الوجه وكتم أنفاس العنفوان والتيه واحترام الذات والتقلب بحثاً عن أسهل المسالك وأكثرها ريعاً وأقلها عنتاً ومشقة. وهو أمر نتركه للمؤرخين والمهتمين في زمن قادم بعد أن تنقضي العاصفة وتشرق الشمس من جديد. ولكن إيماءات عابرة إلى بعض المحطات العادية وربما الهامشية التي تسنى لنا الإطلاع عليها في حياة الرجل بحكم القرب والقرابة أبلغ من كل تفاصيل أو خطاب.

كان كامل الأسعد شأن أبيه وجده من الناحية المادية أقرب إلى العوز منه إلى الغنى، لم يكنز في حياته مالاً ولا اقتنى ثروة، يعيش على راتبه المحدود وما تغلّه أحياناً ريعاً أو بيعاً بقايا أملاكه العقارية التي آلت إلى أهله بموجب أحكام معاهدة عكا. مقابل أملاكهم المصادرة أثناء ثورة ((الطياح)) المعروفة في التاريخ العاملي ((عندما شردت الناس في البراري والقفار والأوعار والجبال وكل امرئ في عقله محتار وصار الناس من الدولة يهربون وفي كل واد يهيمون))(14). وقد وضعت المعاهدة حداً لهذه الثورة التي استمرت أكثر من عشرين عاماً، فعاد الهاربون والمبعدون إلى بلادهم وعوضتهم الدولة بعض الأراضي الأميرية مقابل أملاكهم التي احتفظت بها وبررت ذلك كما ذكر ((إبراهيم العورة)) الذي ساهم بحكم وظيفته الإدارية في وضع نصوص المعاهدة ومختلف المراحل المفاوضات السابقة لها ((أن المشايخ ليس لهم مهنة يقتاتون منها ولا ملك يقوم بمعاشهم يكتفون به ولا هم مثل بقية الناس وليس لهم صنائع ولا تعودوا على المتاجرة ولا عندهم مال يتاجرون به ولا أحد يركن لهم ويسلمهم ماله ولا يمكن أن يتسولوا بل يهون عليهم الموت بكل سهولة ولا التسول فإذا داوموا على أعمالهم تخرب البلاد وشرهم وضررهم لا يقع على بلاد بشارة بل يشمل أيضاً بلاد صفد(15).

لم يبقِ له ولورثته مرور الأيام وتعاقب الأجيال إلا بقايا زهيدة في مسقط رأسه بلدة الطيبة قضاء مرجعيون كانت تتناقص باستمرار حتى وصلت اليوم إلى تخوم داره المهدمة. كان كغيره من اللبنانيين العاديين يفتقد أحياناً المصاريف العادية والضرورية حتى عجز في وقت ما أن يدفع البدل الزهيد لإيجار قديم العهد يعود إلى منزليه في الأشرفية وتلة الخياط فاستردهما مالكاهما منذ وقت قريب. ولا أرى اليوم ما يمنع أن أذكر إتصاله الهاتفي الصباحي المبكر أثناء التحضير للإنتخابات النيابية في دورة 1996 عندما كانت الأموال السياسية تنهال على مختلف الجهات من الداخل والخارج يطلب مني تدبير أمر رهن عقاري عند أحد أصدقائه من أصحاب المصارف (ت. ص.) بمبلغ مئتي ألف دولار أميركي ليتمكن من خوض الإنتخابات ولائحته في محافظتي الجنوب وهذا ما حصل وبقي الرهن العقاري قائماً حتى بيعت الأرض لتسديد الدين منذ مدة قريبة. ومع ذلك فالطامعون بهذه النتف الباقية من قوى الأمر الواقع يجهلون أنها ترمز رغم تواضعها إلى ثورة ومقاومة ودماء وثّقها نحو مايتي عالم من علماء جبل عامل في وثيقة لا بد أنها غابت عن علمهم(16).

هذه هي بعض اللمحات الخاطفة والإشارات ذات الدلالة في حكاية لبنانية تحمل إسم كامل الأسعد، الذي غاب وغيّب معه بعضاً من لبنان الذي افتقدناه ونحنّ إليه ونأمل في قيامته. نتذكره اليوم بعد أن غاب عن مناسبة ذكراه كما يوم مأتمه الكثيرون ممن كان يجب أن يحضروا إنما لوحظ تواجد أعداد غفيرة من جند ابن زياد لم يرهم أحد.

 

1-  السلوك للمقريزي الجزء الرابع ص 67 و72 والجزء الثالث ص 456.

2-  صدق الأخبار ابن سباط ص 929.

3-  خطط الشام قره علي الجزء الثاني، ص 189.

4-  ضد والي الشام عثمان باشا، المركيني ص 66.

5-  الأرشيف الفرنسي إسماعيل DDC T2 p 253.

6-  إنتهت بإحتلال صيدا وهروب واليها درويش باشا ويصف القنصل الفرنسي الفارس دي توليس المعركة ودخول ناصيف إلى المدينة منتصراً في 28 حزيـران 1772 DDC T2 p 242.

7-  في الجواب على اقتراح الأحباب، مشاقة ص 15.

8-  سقط ناصيف عن جواده شهيداً على بلاطة في خراج عيناتا وتردد في المرويات العاملية أنه لا يزال يبدو أثر من دمائه على صدر البلاطة.

9-  جبل عامل في التاريخ الفقيه ص 806.

10- أرشيف وزارة الخارجة الفرنسية محفظة رقم 8 تاريخ 8 تشرين أول 1824.

11- دمرت دار آل الأسعد المعروفة (بالعمرة) ثلاث مرات في القرن الماضي بيد الفرنسيين 1920 وبيد الإسرائيليين 1949 وبيد الفلسطينيين 1976.

12- لا تزال أطلالاً مدمرة حتى اليوم.

13- حول تفاصيل ذلك راجع بو منصف وناصيف المسرح والكواليس دار النهار.

14- وصف حالة العامليين في هذه الثورة للركيني في تاريخه.

15- تاريخ ولاية سليمان باشا العادل، إبراهيم العورة ص 54.

16- وثيقة ممهورة بتواقيع وأختام نحو 200 عالم من جبل عامل بأن أملاك العشائر ليست معاشاً مجاناً بل هي بدل أملاكهم التي اغتصبها الجزار بوجه الغدر والجبر.

 

بلاد بشارة

يبدأ تاريخ جبل عامل المعروف بعد أن حلّ في ربوعه بنو بشارة مهاجرين من بادية نجد فأعطوه إسمهم وصار يطلق عليه إسم بلاد بشارة وعرف أهله بالبشارية.

بنو بشارة عشيرة تعود بنسبها إلى وائل بن ربيعة. حكمت جبل عامل وغيره من مقاطعات الشام وتداول إسمها وأسماء العديد من أفرادها النابهين غالب تواريخ العهد الوسيط مقرونة بألقاب الحكم والسلطة. نزلوا أول أمرهم في مضارب أقاموها في جنوب البلاد ثم ما لبثوا أن انتشروا في البلاد الواقعة بين صفد وصيدا وقدموا إلى وادي التيم سنة 811هـ 1411 ميلادية وعرفوا بزعماء العشير من القرن الرابع عشر فكان من عادة السلطان الأيوبي ثم المملوكي أن يكتب باستقرار إبن بشارة في نظر الشام فهو ناظر الجيش ومقدم وادي التيم وزعيم العشير وشيخ مشايخ بلاد بشارة(1). أخذوا على عاتقهم منذ البداية حماية جبل عامل في وجه أي هجوم أجنبي أو نفوذ غريب كما فعل عبد الساتر بن بشارة عندما صدّ هجوم بن الحنش وهزمه في معركة شيحين 1503(2) أو فعل سلفه أيوب بن بشارة الرافضي العاملي في رد غارات الفرنج على صور فأجلاهم عن البلاد وقبض على عدة منهم وقطع رؤوسهم سنة 1451(3).

غاب إسم هذه الأسرة مع اجتياح الجيوش العثمانية بلاد الشام سنة 1516 ليتقدم الوائليون الصفوف تحت إسم علي الصغير الذي تختلط في سيرته الأسطورة بالتاريخ وتحيطه المرويات الشعبية والذاكرة العامة بهالة ملحمية من العزيمة والبطولة وتعيده بعد شظف العيش وهوان الغربة فارساً مغواراً مع قلّة من رجاله ليدرك ثأره ويفتك بخصومه ويستعيد إرثه القديم بعد معارك في تبنين وقانا وتعود الأمور إلى مسارها الطبيعي القديم. وتبدأ من جديد مع أعقابه ملحمات متتابعة يتداخل فيها تاريخ جبل عامل بقدر فرسان مقاتلين فيبلغ أقصى ازدهاره ومنعته في ظلال هذه السيوف ما دامت مشهورة مرفوعة ويعاني الدمار والخسف كلما ثلم سيف أو سقط فارس وغاب المقاتلون.

مع ظهور ناصيف النصار شهد جبل عامل أزهى أيامه وأكثرها عزة وأماناً ورفاهية وسلاماً فانحسر النفوذ الأجنبي عن ربوعه وانهزمت الجيوش الغريبة بعد أن حقق أعظم انتصاراته على الغزاة في معارك البحرة(4) وكفرمان(5) وصيدا(6) وعاش جبل عامل عصره الذهبي حتى سقط ناصيف شهيداً في معركة يارون 1781 ومعه عدة مئات من صفوة حماة البلاد ((فانهزم المتاولة وسبا الجيش الدخيل نساءهم وأطفالهم وكانت تباع المرأة بقرشين والولد بقرش واحد وباع المغاربة الحرة العاملية كل واحدة بربع قرش وقتلوا الرجال وأخذوا من الرعية الأموال والخيل والسلاح ودبّ الخوف والذعر والحزن ومن نجا من القتل والسلب وقع ضحية السخرة فأخذت رجالهم إلى ورش عكا وكم من المئات قتلوا في الطريق من شدة الضرب وسرعة الجري وضيق الطريق فكانوا يسقطون في البحر بالخمسين والستين وما يسأل عنهم أحد))(7).

أما الزعيم المظلوم الذي ما تزال حتى اليوم بعض آثار دمه باقية على بلاطة عيناتا(8) فلم يجد من فرسانه ومقاتليه وعشيرته وقومه ورعيته من يشهد دفنه لأن الموت والخوف والمحاباة قد غيب الجميع وإن ((بقي الشعراء يتغنون بمراثيه ومراثي أخيه وابن أخيه مئة عام واستمرّ العامليون في الديار والشتات يندبوه لأكثر من خمسين سنة ويفتتحوا مجالس العزاء على ذكراه حتى اضطر علماء الشريعة والفقه إلى تحريم هذا التقليد شرعاً لأن الفكر الشيعي الملتزم لا يقبل بوجود مظلوم بعد الحسين))(9).

وبقيت التضحية بعد ذلك كما كانت دائماً قدراً لازم تاريخ هذه الأسرة منذ بداية وجودها وحتى آخر أيام جبل عامل كوحدة إدارية وبشرية تتمتع بقدر ملحوظ من الإستقلال والخصوصية تتميز عن محيطها في كل مقاطعات برّ الشام وولاياته.

تعاقب على التزام جبل الشوف ثمانية أمراء شهابيين منذ أول عهدهم به وحتى نهايته 1697 – 1840، بالإضافة إلى عدد غير محدود منهم لم يعمر حكمه طويلاً لم يمت أثناءها شهابي واحد منهم في معركة على صهوة جواده بينما قتل في الفترة نفسها من المقاتلين عدد يصعب تحديده من حكام جبل عامل وقادته في خضم المعارك ضد عدو غريب طامع أو متسلّط منذ مقتل كبيرهم علي بن علي الصغير وأولاده 1661 إلى مشرف الوائلي 1700 إلى محمود النصار وقاسم المراد 1779 وناصيف 1781 وحمزة النصار 1784 وقبلان الحسن وأخيه إبراهيم 1785 وحمد العباس وأخوه حسين وأولاد عباس علي بناة صور وحكامها 1789 وحسين الشبيب 1839 واللائحة تطول. كما مات في منافي العثمانيين وسجونهم بالسم عدد آخر لا يقلّ عن الذين قتلوا بالسيف ومنهم فارس الناصيف قائد ثورة الطياح وشيخ مشايخ جبل عامل وآخر حاكمين وطنيين علي بك ومحمد بك(10) قبل أن تتحول بلاد بشارة إلى مجرد قائمقامية عثمانية تأخذ معها التضحية مظهراً مختلفاً وتتمّ على يد متسلط آخر بأسلحة ومبررات أكثر تنوعاً وتعقيداً. ففي المرحلة الأولى سقط آلاف القتلى في التدمير المتكرّر لقلاع تبنين وهونين ومارون وميس وكونين وشمع وقانا ودوبيه وشحور والقليعة. واستمرّ هذا التقليد العاملي في العصور الحديثة فسقط العشرات في الثورة على الفرنسيين عندما دمرت دار الطيبة، بيت الزعيم كامل الأسعد الجد ومسقط رأسه، مرة أخرى ونهبتها الجيوش المنتدبة ونقلت المسلوبات على ظهور الجمال يوم الخميس 1 كانون الثاني 1920(11). وسقط مظلوم وائلي هو حسيب السلمان عند تدميرها مرة ثانية في هجوم إسرائيلي صاعق رداً على تنادي العاملين إلى الجهاد في حرب فلسطين الأولى 1949 كما سقط وائلي آخر هو عبدالكريم الأسعد في التدمير الأخير الذي قامت به منظمات فلسطينية وأعوانهم 1976 ولم تنهض على أثره من كبوتها بعد(12).

? لقراءة الحلقة الاولى: يرجى الضغط على الرابط ادناه

كامل الأسعد رجل الألف عام (الحلقة الاولى 1) / بقلم: سعدون حمادة

الوسوم