بيروت | Clouds 28.7 c

((حملة الأمعاء الخاوية)) تتسع وتمتد عالمياً: احتجاجاً على همجية  بوتين – الاسد لا طعام حتى وقف الاجرام / بقلم: محمد خليفة

((حملة الأمعاء الخاوية)) تتسع وتمتد عالمياً: احتجاجاً على همجية  بوتين – الاسد لا طعام حتى وقف الاجرام / بقلم: محمد خليفة

مجلة الشراع 12 تموز 2019 العدد 1908

 

*الإضراب عن الطعام احتجاجاً على همجية روسيا والأسد في ادلب  

*مشاركة عالية لكل المكونات السورية وانضمام أوروبيين

 

 

كيف يمكن للسوري اللاجىء في تركيا أو المانيا أو السويد أن يعبر عن تضامنه مع أهله وشعبه في ادلب, وهم يتعرضون لحملة إبادة مستمرة منذ أربعة شهور, بينما يتجاهل العالم الهولوكست الروسي -الأسدي المتواصل؟

ماذا بمقدوره, وهو عاجز, معوز, لا قدرة له على فعل شيء, ولا يملك ثمن وجبة أو علبة دواء؟

لقد أصبح هذا السوري وشماً عالمياً, وعنواناً لمأساة ومحنة انسانية لا مثيل لها منذ نهاية الحرب الكونية الثانية 1945, يطحنه العجز والبؤس واليأس من فعل شيء, ينقل صوته المخنوق للعالم للتدخل لإيقاف المجزرة, ويعبر عن تضامنه مع أهله في إدلب.

من جوف هذه الحالة المأساوية المغلقة جاء رد الفعل خلاقاً لتحويل العجز واليأس عامل قوة وتحد في مواجهة العالم, وسلاحاً للقتال ضد العدو الروسي. وتكررت هذه الحالة مراراً خلال ثماني سنوات, إذ جرب السوريون في صراعهم الشجاع مع نظامهم الفاشي, ومن أجل البقاء على قيد الحياة, كل أشكال المقاومة المعتادة في العالم والتاريخ. من تظاهرات الاحتجاج, والإعتصامات الجماعية في الساحات العامة, الى النضال المسلح, ومن البث والنشر الاعلامي الى الفنون رسماً وغناء وموسيقى.

وها هم يبدأون الآن يجربون شكلاً جديداً من أشكال الاحتجاج على حرب الإبادة التي يشنها الروس وقوات الأسد على ادلب منذ أربعة شهور, وسط صمت عالمي مريب لا يتناسب وحجم الجريمة, يتمثل في الإضراب عن الطعام. وهو أسلوب معروف لجأ اليه الزعيم الهندي المهاتما غاندي احتجاجاً على المذابح الطائفية بين المسلمين والهندوس أثناء الاحتلال البريطاني للهند, وطبقه المعتقلون والأسرى الفلسطينيون ضد الإحتلال الاسرائيلي, ومناضلو الجيش الجمهوري في ايرلندا البريطانية.. إلخ .

بريتا حاجي حسن: عمدة العالم

التجربة السورية بدأت بمبادرة فردية أطلقها بريتا حاجي حسن ((سوري من أبوين عربي وكردي)) لاجىء في فرنسا منذ سنتين, يعرفه أبناء بلده جيداً, فهو مهندس انشق عن النظام عام 2011 وأسس نقابة المهندسين الأحرار, اكتسب شهرة واسعة, في حلب المحررة, لقربه من الناس وخدمته لهم, فانتخبوه رئيساً لأول مجلس حكم  محلي انتخب ديموقراطياً عام 2012, كان يدير شؤون المدينة الكبيرة بأعلى درجة من الكفاءة والإيثار, في أشد ظروف الحرب صعوبة وقسوة, بطرق ابداعية لفتت انتباه الناس اليه. ووصلت شهرته الى الآفاق العالمية كممثل وعمدة لمدينته في المحافل الدولية, إذ كان يطوف العواصم الكبرى شارحاً القضية السورية من زاويتها الانسانية, فلقي تقديراً واسعاً أهله لترشيح عدد من عمدات المدن الكبرى في العالم لمنصب ((عمدة العالم)).

في نهاية 2016 اضطر بريتا لمغادرة حلب مع ثوارها, وكثير من سكانها بعد الحرب الروسية عليها, ولجأ الى فرنسا حيث يقيم حتى الآن, ويتابع نضاله لشرح محنة سورية في ظل طغيان الأسد وروسيا وايران. ومع بدء الحملة العسكرية الأخيرة على ادلب أعلن بريتا الاضراب المفتوح عن الطعام تضامناً مع أهلها ضد جرائم الإبادة التي تتعرض لها.

وقال بريتا إن مقتل الفنان والشخصية البارزة  عبدالباسط الساروت كان لحظة اتخاذه قرار الإضراب. فانتقل الى جنيف حيث مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبدأ الاضراب والاعتصام أمامه , وأسمع صرخته للعالم. وفي بداية الشهر الحالي تموز/ يوليو بدأ السوريون ينضمون لحملته, ويشاركونه الإضراب عن الطعام. بعضهم في الداخل, وبعضهم في تركيا والدول العربية, وغالبيتهم في أوروبا.

الاسبوع الماضي بدأت حملة التضامن السورية, وخلال أيام تجاوز عدد المضربين الخمسين, وناهز الآن المائة, ويتوقع أن يزداد العدد.

تصاعد الحملة

ومع اتساع نطاقها, اتخذت الحملة أبعاداً تنظيمية ومؤسسية, صار لها اسم ثابت ((حملة الأمعاء الخاوية)) وشعار: لا طعام حتى وقف الاجرام, وتشكلت هيئة قيادية لها, ولجان محلية في كل دولة أو مدينة تنسق فيما بينها. وتشكلت لجان للاتصال بالإعلام, والمنظمات الحقوقية والسياسية, وصار لها برنامج وجدول أعمال, و((هاشتاغات)) ورموز ولافتات, بهدف تفعيلها وتصعيدها حتى تحقق أهدافها, بما فيها اجتذاب آلاف السوريين للمشاركة فيها كل حسب طاقته, بالاضراب يوماً واحداً على الأقل أو يومين أو ثلاثة في الاسبوع. وقد تأثر بعض المضربين صحياً, فنقلوا الى المشافي والطوارىء, وفي مقدمتهم بريتا حاج حسن ومحمد الحريث و سحر سليمان.. إلخ ولكن بعضهم رفض الاذعان لأوامر الأطباء واصر على الإضراب!.

الطابع الانساني والسلمي واللاعنفي هو عنصر الجذب والتميز فيها, إذ سجل في بعض الدول الغربية انضمام أوروبيين ((من ايطاليا وفرنسا)) وعرب للإضراب والتضامن. ويلاحظ أيضاً مشاركة عالية للسوريين من الطوائف والمكونات غير العرب والمسلمين السنة, للمرة الأولى منذ سنوات! وأصدرت أحزاب ومنظمات سورية بيانات تأييد ودعم كحزب الاتحاد الاشتراكي, وحزب اليسار الديموقراطي.

 المثقف والفنان عبدالقادر بكار منسق اللجنة التنظيمية في حملة ((الأمعاء الخاوية)) قال: ((إن الحملة جزء من الحراك الثوري السلمي الذي يرسل رسائل عديدة للشعوب والحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان بوجود مئات ألوف المدنيين في أرياف حماة وإدلب يتعرضون لأبشع المجازر من قوات النظام المجرم وحليفته دولة الاحتلال الروسي، وبأن قسماً كبيراً منهم نزحوا تاركين منازلهم وأرزاقهم)).

وأكد بكار ((إنهم سيواصلون إضرابهم أمام مقرات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان حتى تصل رسائلهم للمجتمع الدولي ولأصحاب القرار)).

ويأمل المحامي والناشط طارق حاج بكري المضرب عن الطعام منذ أسبوع في تركيا أن تتصاعد الحملة وتشكل ضغطاً على المجتمع الدولي في الغرب ليراجع مواقفه مع القضية السورية, ويعمل على إزاحة الطاغية بشار الأسد.

 

 

 

الوسوم