بيروت | Clouds 28.7 c

محاولة نقدية أولِية لذكرى 13 نيسان1975../ بقلم د. احمد عياش

محطة حرة بقلم د. احمد عياش

محاولة نقدية أولِية لذكرى 13 نيسان1975../ بقلم د. احمد عياش

لم تكن الشرارة جريمة بوسطة عين الرمانة، كانت الشرارة الأولى في عقل اللبنانيين بين أفكار باردة شوفينية لبنانية برجوازية طائفية متعالية انما واقعية تعرف تماماً موقع لبنان وما ينتظره بحذر على خطوط الطول  السياسية وخطوط عرض لعبة الأمم وبين أفكار ساخنة ثورية تحررية اشتراكية طبقية أممية غير متيقظة إنما حالمة لا تعترف بخطوط طول سياسية سورية- عربية- اسرائيلية - اميركية ولا بخطوط عرض إقتصادية تآمرية تقسيمية في لعبة الأمم..

ليس المهم من بدأ بإطلاق النار ومن ردّ على المجزرة بمجزرة، من أدلى بتصريح إستفزازي ومن ردّ بهجوم عنيف، من كان مسيحياً متألقاً بدمويته ومن كان مسلماً سبّاقاً بعنفه، الخطير كان في استخدام الرصاص ضد الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية مهما كان ولاؤها وانتماؤها ومهما كان تصرفها أرعن إذ كان بالامكان وعبر النضال السلمي والاضرابات الهادئة ورفع حدّة النقاش في مجلس النواب والتظاهر البعيد عن العنف من تحقيق أهداف راقية بدل إنهيار المنظومة الأمنية والعسكرية آنذاك ما أدى الى انهيار البلاد وسقوطها في أيدي أجهزة أمنية محلية ميليشيوية متوحشة وأجهزة أمنية استخباراتية اقليمية وعالمية متآمرة تسببت بمعارك ذات طابع طائفي لا معنى لها كانت تنتهي دائماً بتبويس اللحى وبمصالحات وبصفقات حقيرة ما استفاد منها إلا أمراء الدم.

لم تكن كل شعارات الجبهة اللبنانية خاطئة ولم تكن كل شعارات الحركة الوطنية صائبة، إنزلق الطرفان بالبلاد وبالناس، يميناً ويساراً، الى جحيم الموت والمرض والتشرّد والدمار والى وضع المجرم واللص في منصب المسؤولية بينما انزوى الشهم والشريف او مات قهراً او أغتيل ككلب شارد في الشوارع، فعلت الأحزاب مجتمعة ذلك عن وعي وبلا وعي.

إن من كان حاضراً في 13 نيسان/ ابريل 1975 ما عاد موجوداً في سنة 2019 الا القلّة منهم فقد تناسلوا سياسياً عبر ابناء وأحفاد وكذلك فعل اللصوص فقد تناسلوا باحتراف مع تغيير طفيف في الأسماء، لا بل نجحت  بعض العصابات منهم بالتناسل كأحزاب سياسية عائلية تدميرية ومنظمات تجارية احتيالية وجمعيات غير حكومية لا تبغي الا الربح والكذب والنفاق والخدمات الانتخابية وقد آثر كثيرون منهم أخذ المال مباشرة من دول عربية وغير عربية تراها في عظمة قصورهم وجامعاتهم ومصارفهم وشركاتهم.

للحرب الاهلية اللبنانية مآس لا تحصى إلا ان لها ايجابيات أيضاً أقلها ان أهل بنت جبيل أصبحوا في ميتشيغن وأهل طرابلس اصبحوا في سيدني وأهل كسروان أصبحوا في فرنسا وكندا، ما وطّد علاقات الأهل مع بلاد متطورة ربما تسمح لنمو أجيال علمية محبة للاوطان.

كل من سقط ظالماً أم مظلوماً ضد العدو الاسرائيلي شهيداً وبطلاً وأيضاً كل من سقط من اللبنانيين مظلوماً ضد العسكري السوري والمسلح الفلسطيني أكان كتائبياً ام أحراراً أم قواتياً ام عونياً ام بريئاً أم من الحركة الوطنية اللبنانية شهيداً وبطلاً فليست المسألة انصر أخاك ظالماً ام مظلوماً انما المسألة قف الى جانب المظلوم  مهما كان لونه وانتماؤه وفي أي زمان وفي أي مكان ضد الظالم مهما كان عنوانه ولو كان والدك.

وَاهمٌ من يعتقد ان الحرب انتهت بل هي مستمرة في النوايا والضمائر والمناصب والمال وفي عقول الكهنة وعند ابواب السفارات وفي أقبية الاستخبارات وقد أخذ الصراع أشكالاً مختلفة منذ 1975 ولغاية الآن الا ان الشكل الحالي أردأهم بإمتياز إذ تحولت الحكومة الى رابطة رجال أعمال الطوائف والأجهزة الامنية والقضائية لتابعين لزعماء بدل الأمن والعدل، إن من يسود ويقود المرحلة حالياً أقل وعياً سياسياً وأقل وفاء وطنياً من الذين كانوا قبل 1975 فقد أثبتوا أنهم اكثر فحولة في الدجل السياسي- الاجتماعي وأكثر فجوراً في مراكمة المال وأكثر  إيماناً وتعمقاً بالدين وبالطائفية.

من نيسان/ ابريل 1975 ولغاية اليوم ما مات إلا الوطن وما قتل إلا الشعب وما دفنت غير الاخلاق.

 

الوسوم