بيروت | Clouds 28.7 c

عمارة الايموبيليا: الملك فاروق زائر الليل للقاء كاميليا

 

تقف عمارة ((الإيموبيليا)) على ناصيتي شارع شريف وقصر النيل، كأعلى عمارة في مصر في زمنٍ كانت منطقة وسط القاهرة من أرقى الأحياء ولا يدخُل شوارعها إلا أبناء الطبقات الثرية، وكان محظورًا على من يرتدي جلبابًا أن يقترب من شوارع سليمان باشا، طلعت حرب، والملكة فريدة وعبدالخالق ثروت، ومن يدخل هذه الشوارع يتم القبض عليه فورًا، لأنها مقتصرة على الخواجات والأجانب واليهود والأثرياء والفنانين، وفقًا لوصف الكاتب محمود معروف عن تلك الفترة، في كتابه المعنون بإسم ((عمارة الإيموبيليا)) فإن باني العمارة هو أحد أغنى أغنياء مصر التي قدرت ثروته يومها بأكثر من 10 ملايين جنيه أحمد عبود باشا.

 وكان يملك مصنع السُّكر في الحوامدية، وشركات أسمدة، وكرافت لتصنيع الأوراق، بجانب نصف أسهم البنك الأهلي المصري.

تتكوّن العمارة التي أصبحت الأشهر في القاهرة، من 350 شقة، وكان يسكُنها أشهر الفنانين في تاريخ الفن المصري، ويتردّد عليها من حين لآخر الملك فاروق، آخر ملوك مصر، ليُقابل في الطابق التاسع الممثلة الجميلة كاميليا. التي قتلت في حادثة سقوط طائرة وقيل ان الحادث مدبر كما هو مقتل اسمهان.

بدأ بناء العمارة عام 1937، كشركة مساهمة اسمها شركة الإيموبيليا، امتلك أحمد باشا عبود 50%، وامتلك الشركاء إسماعيل باشا صدقي وحسين باشا سري وألفونس ألفي وزهير جرانة والخواجة نصيري بقية الأسهم،وكانت العمارة عبارة عن برجين على شكل حرف U باللغة الإنكليزية، كل برج ضمّ 13 طابقًا، وكل مبنى لهُ 3 مداخل عمومية، عُرفت بإسم ((بريمو)) للسكان، و3 مداخل عمومية ((بريمو)) للسكان أيضًا، و3 مداخل ((سكوندو)) للخدم والحشم والباعة وعمال النظافة، وبكل مدخل 3 مصاعد و3 سلالم للطوارئ.

سكَن الإيموبيليا أشهر الفنانين المصريين: نجيب الريحاني، محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ، محمد فوزي، مديحة يسري، أنور وجدي، ليلى مراد، محمود المليجي، كاميليا، أسمهان، أحمد سالم، ماجدة الصباحي، عبدالعزيز محمود، كمال الطويل، هنرى بركات، كمال الشيخ، عزيزة أمير، محمود ذو الفقار وماجدة الخطيب.

بجانب تردُّد بعض الفنانين، أمثال أم كلثوم، فريد الأطرش، كارم محمود، فريد شوقي، نيازي مصطفى، سامية جمال، تحية كاريوكا، شكري سرحان، كمال الشناوي، شادية، صباح، شريفة فاضل، هند رستم، وغيرهم لزيارة أصدقائه فيها.

ضمت الإيموبيليا أغنى أغنياء مصر، ولأنّ عبود باشا كان أهلاوياً  فقد خصص إحدى الشقق التي يملكها فيها لاستقبال لاعبي النادي الأهلي يومها صالح سليم، طه إسماعيل، رفعت الفناجيلي، ميمي الشربيني، فؤاد أبوغيدة، مروان كنفاني، سعيد أبوالنور، طلعت عبدالحميد وعادل هيكل.

كان بين السكان عدد من أثرياء اليهود، في مقدمتهم الخواجة ريمون شملا، صاحب محلات ((شملا))، وسلفادور شيكوريل، صاحب محلات ((شيكوريل))، والخواجة مواليس موصيري، صاحب بنك موصيري بشارع جواد حسني، والخواجة ريمون موصيري، أكبر تاجر ذهب في شارع الملكة فريدة، الذي أصبح فيما بعد شارع عبدالخالق باشا ثروت، وكان الخواجة ريمون يُرسل هدايا ثمينة من الذهب والألماس إلى الملكة نازلي، والدة الملك فاروق، لكي تضغط على ابنها، فاروق، كي يقوم بتنصيبه ملكًا على اليهود في مصر.

وكان من السُّكان أيضًا، اللبنانية لولو صيدناوي، شقيقة سمعان صيدناوي ((صاحب محلات صيدناوي الشهيرة))، والتاجر الفونس ألفي، وامرأة روسية يهودية اسمها إيريني كردوش، التي كانت متزوجة من الخواجة اليهودي، ميشيل كردوش، ولما مات صادقت عددًا من الضباط المصريين في تلك الفترة، وانتشرت وقتها شائعة أنها تمد أجهزة المخابرات الأجنبية بمعلومات كثيرة.

ضمّت الإيموبيليا مكاتب لبعض شركات النفط الإنكليزية والأميركية الكُبرى، وتأسس فيها مكتب لوكالة ((رويترز)) الإنكليزية، كما كانت فيها شقتان بالطابق الأول لنقابة الصحافيين، قبل أن تستقر النقابة في موقعها الحالي، رقم 4 بشارع عبدالخالق ثروت.

تم تصوير فيلمين سينمائيين بعمارة الإيموبيليا، أحدهما بكراجها وهو فيلم ((حياه أو موت)) للفنان عماد حمدي والفنانة مديحة يسري، وفيلم ((قصة ممنوعة)) لمحمود المليجي وماجدة، كما أوحت لصلاح أبوسيف بتصوير فيلم ((بين السماء والأرض)) الذي حقق نجاحًا كبيرًا في عام 1961.

وعن حكايات العمارة، نقلها الكاتب محمود معروف، في كتابه ((عمارة الإيموبيليا))، على لسان حارس العقار، عم عوض: ((إن الملك فاروق كان يأتي إلى العمارة بحجة زيارة أحد رجال السراي، وهو اللواء أحمد باشا كامل في الطابق الثامن، والذي كانت تسكُن إلى جواره الفنانة كاميليا، فكان يقضي بعض الوقت عند أحمد كامل بالفعل ثم ينتقل إلى شقة كاميليا التى تُقيم بمفردها، ويقضي عندها بقية السهرة حتى الصباح)).

ويستكمل عمّ عوض حكايته، ضاحكًا: ((كنت صبيًا صغيرًا، وذات مرة صعدت مع الملك فاروق كعامل مصعد، وداعبني وسألني عن اسمي ثم وضع أصبعه في صدري، وشعرت ساعتها أن أصبعه سيخترق صدري ويخرج من ظهري، ولم أستطع أن أصرح وأتكلم، وبعد نزوله أصبحت أتنفس طبيعيًا)).

قال عم عوض أيضًا إن محمد عبدالوهاب كان يدخل العمارة ويخرج منها ممسكًا بيده منديلاً يضعه على فمه باستمرار، لأنه كان يخشى البرد والأنفلونزا، كما كان يخشى العدوى والأتربة، وكانت أم كلثوم أيضًا، تتردد على العمارة لعلاج عينيها عند الدكتور إبراهيم عبود، طبيب العيون الشهير.

شهدت الإيموبيليا عدة أحداث مهمة أيضًا، مثل إشهار ليلى مراد إسلامها، واشتراك نجيب الريحاني لأول وآخر مرة في بطولة فيلم سينمائي مع ليلى مراد وأنور وجدي، وهو فيلم ((غزل البنات))، وفيما بعد اضطر بعض السكان لترك الشقق، مثل أنور وجدي الذي ترك شقته بعد أن تم الطلاق بينه وبين زوجه ليلى مراد، ثم صدرت القرارات الاشتراكية، عام 1961، تم تأميم شركة العمارة، وكذلك أممت ممتلكات اليهود والخواجات والأجانب، بقي بعضهم في شقته والبعض هاجر، والبعض استولت الشركة على شققهم وأعادت تأجيرها.

 

 

الملك فاروق

كاميليا الجميلة التي قتلت

عبدالحليم حافظ سكن الايموبيليا

ليلى مراد وأنور وجدي تزوجا فيها

صالح سليم: تردد على الايموبيليا مع زملائه الأهلاويين

 

الوسوم